رئيس التحرير
عصام كامل

سيد عبد الغني الذي استعد للقاء ربه!

خرجت أرملة المحامي التي جاءت من الصعيد من مكتبه ومعها شقيق زوجها المتوفى.. حدثني هو هاتفيا قائلا: الحمد لله.. اتمضي الطلب، قلت: بالسرعة دي؟ قال: أيوة.. مخدناش ثواني.. استقبلنا كويس وقعدنا عنده شوية لأنه كان معاه ضيف وبعدين مضالنا الطلب على طول!


اتصلت به لأشكره وقلت: أستاذنا المحترم ألف ألف شكر.. الناس مش مصدقين.. أسعدت أرملة مكلومة قال: ده اللي هنطلع بيه من الدنيا.. ودي تكاليف جنازة زميل.. ودي أقل حاجة.. وبالنسبة للمعاش في إجراء قلتلهم عليه وهيعملوه وهخلصه فورا.. الناس اللي في الحالات دي أنا هنا علشانهم"!

سر هيستريا إعلام الشر ضد مصر الأيام الأخيرة!

كان سيد عبد الغني المحامي الكبير.. أمين صندوق نقابة المحامين والأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب ورئيس الحزب الناصري المتنازع عليه وكانت كلمة القدر أقوى من كل أحكام المحاكم.. نقول كان في حالة حب دائمة للوطن وللناس.. سعي  في 2015 لإعادة الحزب الناصري إلي ما كان عليه اسما كبيرا بين أحزاب مصر.. دعانا للعمل معه في بنائه مع آخرين.. كثيرون حوله قدروا واستوعبوا أن مصر بعد 2014 عادت لنفسها ولأهلها، وقالوا معه تستحق القيادة السياسية أن نقف معها.

إنما فريق من الشباب بقي على حالته التي كان عليها في التحرير.. أبلغته في هدوء أن هذه "الخلطة" لن تحقق ما يريده وخرجنا بغير عودة مع آخرين منهم القيادي البارز أستاذ الطب استاذي وصاحب الأفضال الدكتور أحمد يس نصار.. قال وقتها إنه يراهن علي تفاعل هؤلاء مع أولئك وسيحدث التغيير طبيعيا وعلينا استيعاب الجميع وأن الجيش المصري عزوتنا وشرفنا جميعا.

هذه الرومانسية  أفصحت - من جديد- عن قلب غاية في الطيبة تكتمل صورته حتي تعرف أن الساعي فلان يحصل علي مرتبه منه وأن العامل فلان هو من يمنحه راتبه فضلا عن أعمال خير هنا وهناك لا نهاية لها !

كان الراحل الكريم الذي افتقدناه أمس أيضا في حالة نادرة من القيام ب "الواجبات" بشكل لا يتوقف.. فلا تلتقيه صدفة أو بغير صدفة أو تحدثه هاتفيا أو يحدثك هاتفيا إلا وهو إما ذاهب لأداء واجب ما أو عائد من أداء واجب ما.. هذا عزاء وهذا فرح وهؤلاء ضيوف عرب كان في استقبالهم أو استضافتهم!

عندما واجهت مصر أوباما وهيلاري وماكين!!

يمكنك أن تتخيل أي عدد من القضايا يقوم بها متطوعا دون أتعاب مقدرا ظروف أصحابها وكثيرة هي القضايا العامة التي آثر أن يكون رأيه فيها مدويا مهما كان الثمن وتجلي ذلك علي أروع ما يكون عام الإخوان الأسود حتي إنه فتح مقر حزبه لكل الثائرين ضد جماعة الإخوان قبل وأثناء وبعد 30 يونيو موصيا بحسن ضيافة أي عابر وكل زائر !

أما الموقف الذي لا ينسي هو عندما علم إنني بنقابة الصحفيين وكان يريد الذهاب علي عجل إلي سراي القبة.. سألني: هل سيارتك معك؟ قلت نعم. قال. مر علي.. قلت دقائق وسأكون عندك.. ولأنني لا اقود السيارة وكنت أستعين وقتها برجل طيب للقيام بالمهمة ولأسباب تخص مشكلة في فقرات الرقبة كان من الصعب أن أجلس إلي جوار السائق دون الالتفات للخلف بما لا يليق بضيف السيارة الكريم.. كما أن الألم يمنعني من الالتفات أيضا..

ولم يكن من حل إلا استئذان السائق والجلوس إلي جوار الراحل الكريم في المقعد الخلفي.. لكنه انتفض كأن مشكلة كبيرة حدثت عندما رآني أعود الي الخلف وحاولت اشرح له السبب لكنه قال في همس حتي اسمعه منفردا: "يا ابو حميد علشان الراجل الطيب ما يحسش بأي فرق وما يخدش في خاطره" وغادر مقعده وجلس هو إلي جوار السائق"!!
كان طبيعيا أن يحزنون عليه كل هذا الحزن!!
رحم الله استاذنا الكبير سيد عبد الغني.. وخالص العزاء لأسرته.. أبنائه وزوجته وأشقائه وتلاميذه وكل محبيه..
الجريدة الرسمية