رئيس التحرير
عصام كامل

التائب من الذنب كمن لا ذنب له.. إلا أمريكا!

أعلنت أمريكا على لسان وزير خارجيتها رقم ٧١، انتوني بلينكن أنها أبدا لن تعود لاستخدام القوة العسكرية لإسقاط الأنظمة في العالم، لفرض الديمقراطية، لأن التدخل العسكرى شوه سمعة السيدة ديمقراطية، وقال بلينكن إن المسار الدبلوماسى المقترن بالقوة سيقنع الأنظمة الاستبدادية بتبنى الديمقراطية!


هذا تطور جيد وديمقراطي ويليق بدولة تسعى لاسترداد احترامها في العالم ناهيك عن استعادة موقعها في قيادة الكوكب.. وبالإضافة إلى الحفاظ على سمعة وشرف الديمقراطية، اعترف انتوني بلينكن ان العالم تغير "وندرك التغيرات التى حدثت في السنوات الأخيرة"..

وحين يقول وزير خارجية الولايات المتحدة إن بلاده تدرك التغيرات التى وقعت مؤخرا في العالم، فهو يقصد قفزة الصين الواسعة كقوة عسكرية واقتصادية وتجارية، وتكنولوجية تعتبرها واشنطن الخطر الأولى بالانتباه.

بايدن.. فم كبير أم فعل حقيقي؟

لكن.. ما لم يقله انتوني بلينكن أن الإطاحة بأنظمة دول عربية في ليبيا وسوريا وتونس ومحاولات في الجزائر، وبالطبع المجهود الأقذر والأوسع كان في مصر، لم يكن بالقوة العسكرية، بل بالعملاء والدخلاء تحت مسمى النشطاء. هذا جيش الولايات المتحدة من الداخل في الدول التى وضعتها الخارجية الأمريكية تحت التخريب بدعوى نشر الديمقراطية.

لقد بشروا العراق بالديمقراطية والازدهار وهم يفككون الجيش العراقي.. ورغم السنين .. لايزال العراق مشتتا موزعا مدمرا مهددا ،تتنازعه القوى الدولية. من العقل ايضا أن نعلن الترحيب بالمبدأ الجديد في السياسة الخارجية الأمريكية، وسنقيس عليه تصرفاتها وقراراتها، حين تتعامل مع الأزمات الداخلية في افريقيا وأسيا والشرق الأوسط.

ومن العقل تذكير أمريكا بأن القوة لا تصلح لفرض الديمقراطية.. لا القوة ولاغير القوة.. يمكن أن يملى على أية دولة سياسة لا ترغبها.. المصلحة الوطنية العليا لكل دولة ذات سيادة هى وحدها السبيل لتبنى منهج معين يتوافق مع ظروف الدولة الوطنية.

هل يوجد من يصدق واشنطن بايدن؟
سجل السوابق أساس التنبؤ فى التعامل، ومن تعرض للتخريب.. والتدمير، لن يقتنع بأن الذئب صار حملا وديعا. فقدت الدولة العظمى مصداقيتها وشرفها الإنسانى ،على خلفية ملايين من البشر قتلتهم وشردتهم وعطلت حياتهم بالقنابل والصواريخ الأمريكية. ملايين ماتوا في حرب تدمير العراق. ملايين ماتوا في تدمير سوريا. الالاف ماتوا في عملية الناتو لتدمير ليبيا.

الشعار والواقع.. بايدن على خطى ترامب

في سياق اعلان التوبة الأمريكية، لابد من وضع الصين في الاعتبار. تتحرك الصين في افريقيا بالاستثمارات ولا شأن لها بنظام مستبد أو غير مستبد . روسيا ايضا نجحت في عقد شراكات استراتيجية مع دول كانت علاقاتها مع الغرب علاقات غير قابلة للانفصام.

الابتزاز، والضغوط، والمعايرة، وفرض سياسات لا تنسجم مع ظروف ومصالح الاصدقاء والشركاء، أفقدت واشنطن مصداقيتها.. وباتت دول كثيرة تتعامل معها بحذر وتحسب وتتجه شرقا نحو الصين.. وروسيا..
تابت أمريكا إذن وتعهدت بسلوك سبيل الأدب والاقناع.. دماء وأشلاء الملايين الذين سقطوا بقوتها وجبروتها ودعوات المظلومين.. تقف جميعا حجابا.. يمنع بلوغ التوبة أبواب السماء!
يقبلها الله من عاهرة، ولا يقبلها من قاتل!
الجريدة الرسمية