رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان خسروا رهان أردوغان (٢)

تكملة لما بدأته في المقال السابق عن تداعيات خسارة الإخوان رهان أردوغان، أؤكد على أن الإخوان الآن يفكرون بجدية في الهجرة من تركيا إلى مقاصد عدة، هذا ما أكده أحد المذيعين الكبار من مؤيدي الإخوان عبر قناة الجزيرة، بزعم أنه لا يستطيع الظهور في برنامجه بعد مصالحة تركيا لمصر! وعليه يفهم أن هناك نية من البعض على مغادرة تركيا قريبا، وأظن وعلى حسب معرفة تفكير الإخوان، ان أول مقاصد الإخوان في الهجرة إليها سيكون ماليزيا لتوافر الجانب الاقتصادي للتنظيم..


حيث كثير منهم يحتاجون إلى الدعم المادي بعد فقدان الإخوان للداعم الأكبر قطر، وهناك دول أخرى مقصد للهجرة عند الإخوان مثل كندا وأستراليا وإنجلترا وأمريكا على حسب ترتيب المصلحة، فبعد سنوات من نشر الشائعات والتلاعب بالعقول والترويج للأكاذيب، وبعد محاولات هدم الدولة والتشكيك في كل إنجاز من خلال قنواتهم الفضائية، وأيضا بعد سنوات من نشر الإحباط ومحاولات دعم الفوضى، والمتاجرة بالغضب والتحريض على العنف وتزييف الوعى وقلب الحقائق وتمرير الأفكار المغلوطة وتزينها، فبعد سنوات انفقت خلالها الدول الداعمة ملايين الدولارات لتخريب مصر باسم عودة الشرعية!

التخلي عن الإخوان
فبعد ذلك كله تبين لتركيا أن الإخوان لم يحققوا ما كانت ترجوه، وبعد أن أصبح الإخوان عقبة كئود في طريق مصلحتها، والتي أصبحت تتحقق مع تصالحها مع النظام المصري، أعلن أردوغان عن تخليه عن الإخوان،  وصدرت الأوامر إلى المخابرات التركية بطرق أبواب الصلح مع النظام بكل قوة، وتقديم حُسن النوايا على صدق قصدهم مع النظام المصري..

فقرر أردوغان التخلي عن الإخوان، عن طريق فرض قيود وشروط لبث قنواتهم، وأهمها عدم التعرض للنظام المصري والرئيس السيسي بالشائعات والتقارير المغلوطة.  

وهناك تقارير أفادت أن الجانب المالي والاقتصادي من أنشطة الإخوان على الأراضي التركية بدأ الإخوان في نقلها خارج تركيا، خوفا من غدرات النظام التركي عليهم، وأنه خلال السنوات الأخيرة، تدفقت أموال تقدّر بملايين الدولارات على تركيا من عدّة دول عربية مثل قطر وسوريا واليمن والكويت، ومن دول أخرى عبر العالم وتمّ ضخّها في استثمارات ومشاريع تجارية تركية.

ومن ناحية أخرى  قطع الإخوان خطّ الرجعة إلى أقطارهم ومجتمعاتهم التي أساؤوا اليها بل تأمروا عليها بمعاونة مخابرات أعداء أوطانهم، بل خاضوا مواجهات شرسة ضدّ مختلف مكوناتها وتياراتها السياسية والفكرية وشنوا أشرس الحملات على قياداتها السياسية، بل انخرطوا في مؤامرات وأنشطة تحريضية جعلتهم ملاحقين بتهم الإرهاب، ما جعل الكثيرين منهم يلوذون بقطر ثم بتركيا، ليفتحوا من هناك منصات إعلامية ضد أنظمة أوطانهم.

خسائر الإخوان
خسر الاخوان بعد ثورة يونيو مصر الدولة والمجتمع وبفقدانها الشعب خسر الإخوان آخر حاضنة لهم في مصر

والحقيقة أنّ الرهان الإخواني المبالغ فيه على أردوغان  يمثّل مظهرا على قصر نظرهم وافتقارهم للتفكير الاستراتيجي، فأردوغان بمزاجه السياسي المتقلّب وبراغماتيته المبالغ فيها حدّ الانتهازية لم يكن يوما حليفا موثوقا به لأي طرف، شخصا كان أو حزبا أو دولة.

فقد بدأ عهده في حكم تركيا صديقا شخصيا لرئيس النظام السوري بشار الأسد، واستطاعا معا أن يترجما تلك الصداقة إلى وفاق سياسي وتعاون اقتصادي استمر لسنوات وحقّق نتائج على الأرض قبل أن ينقلب أردوغان على بشار الأسد ويصبح في مقدمّة العاملين بكل الطرق على إسقاطه بما في ذلك تسريب أفواج الإرهابيين القادمين من أماكن مختلفة من العالم إلى بلاده، لينكشف بعد ذلك أن لأردوغان أطماعا حقيقية في أجزاء من الأراضي السورية.

وأخيرا فالإخوان كل يوم يخسرون أرضا كانوا بالأمس مثبتين عليها اركانهم، في نفس الوقت يكسب السياسي ونظامه أرضا ومواقف دول كانت بالأمس أعداء، وليس أمام الإخوان اليوم إلا أن يعلنوا انهم خسروا حربهم مع النظام المصري وخسروا أيضا حلفائهم، وأنهم سيلجأون إلى التصالح مع النظام ولكن بشروط النظام المصري، والتي منها على سبيل المثال الاعتذار للشعب المصري وترك العمل بالسياسة وتفكيك تنظيمهم.
الجريدة الرسمية