رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان خسروا رهان أردوغان (١)

ماذا خسر الإخوان عندما تخلى عنهم أردوغان؟ سؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة الإعلامية للتنظيم الدولي للإخوان، فاعتماد الإخوان كتنظيم على نظام اردوغان من أجل ما يسمى بثورات الربيع العربي، للصعود على أشلاء هذه الثورات قد باء بالخسران، بعد أن أعلن أردوغان التصالح مع النظام المصري، العدو الأول بل يكاد العدو الأوحد للإخوان، لأن السيسي نجح نجاح منقطع النظير في القضاء على الإخوان تنظيميا وفتتهم حركيا، بل وصل بهم الحال إلى التوهان في البلدان.


فتعويل الإخوان بشكل مبالغ فيه على أردوغان ليكون لهم ملاذ أمن وطريق للعودة إلى المشهد السياسي المصري، عن طريق فتح المجال لهم في القنوات الفضائية التي تبث من تركيا لإبتزاز النظام المصري، والتحريض ضد الجيش والشرطة وجميع مؤسسات الدولة المصرية من أجل حلم العودة، كل ذلك تحول إلى سراب وتخلى عنهم أردوغان عندما وجد مصلحته مع النظام المصري، وكعادة أردوغان فهو يتخلى عن حلفائه عندما يجد مصلحته دونهم، فقبل اعلان أردوغان نيته التصالح مع مصر بأيام رأينا في قنوات الإخوان كيف انهم يعقدون مؤتمرات وينشأون تكتلات، ويدشنون كيانات من أجل إسقاط النظام أملا في العودة إلى مصر!

وهم في ذلك يتغطون بنظام بايدن ومنظمات حقوق الإنسان، وتناسى الإخوان إنهم كانوا أداة طيّعة ضمن أدوات أخرى يستخدمها أردوغان في تنفيذ مشروع هو في جوهرة مشروع قومي تركي وإن لبس ثوب الإسلام، وبقصد منهم أو بغير قصد رضوا بذلك ظنا منهم أن هذا هو طريق تحقيق حلمهم في العودة إلى المشهد السياسي المصري، وكان ظن الإخوان وهم يتوافدون على تركيا، من مصر وليبيا واليمن وقطر والكويت وسوريا وغيرها من الأقطار العربية، أنهم وجدوا في تركيا ملاذا آمنا وحاضنا لمشروعهم العابر للحدود!

الربيع العربي
ولغبائهم التنظيمي وفشلهم السياسي وقصر رؤيتهم وضيق افقهم أصبحوا مجرّد أدوات صغيرة بأدوار وظيفية محدّدة في خدمة مشروع قومي لأمّة أخرى لا يمثّل الدين فيه سوى لباس خارجي وواجهة إعلامية  للتسويق لمشروع الإمبراطورية العثمانية.

لقد كان الإخوان خلال العقدين الأخيرين في قلب الأحداث العاصفة التي هزّت استقرار الكثير من الأقطار العربية وطرفا أساسيا فيها، من الجزائر مرورا بتونس وسوريا واليمن وليبيا، وطبعا في القلب منها مصر من خلال أحداث 2011 وما بعدها، محاولين ركوب موجة القلاقل والاضطرابات التي شاركوا في إثارتها للانقضاض على السلطة، وتحقق لهم ما أرادوا خلال عام، ولأن مصر دولة كبيرة عليهم لم يستمروا في حكمها ونجح الشعب المصري بقيادة جيشه العظيم في زحزحتهم عن حكم مصر، حتى أنهم طمعوا في تسريب شرارة الربيع العربي إلى منطقة الخليج الغنية والمستقرة عبر بوابة قطر مستغلين ضعف دويلة قطر وقناة الجزيرة بممارسة النشاط السياسي تحت يافطة العمل الإعلامي والصحفي.

الاخوان وأردوغان
فرهان الإخوان على أردوغان ليس رهانا على دولة تركيا ولكن كان رهان على حزب تشقق داخليا بسبب الانقسامات في صفوفه وتراجعت قاعدته الشعبية، ولذا رأينا الإخوان بعد ثورة يونيو 2013 يتحركون إعلاميا من خلال العشرات من المنابر تتوزع بين الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني، من أشهرها وأكثرها وصولا للمتلقين وسائل الإعلام الممولة من قطر والتي تمارس على مدار الساعة قصفا إعلاميا مركّزا ضدّ خصوم الإخوان أفرادا وكيانات ودولا..

في مقابل دعاية فجّة لتركيا وقيادتها وثناء مستمر على سياساتها وتحركاتها بشكل يكاد يرتقي إلى مستوى التأليه والتنزيه عن الخطأ، فهذه عادة الإخوان مع الحكام، فالحاكم الذي يخدم مصلحة تنظيمهم  يصبح سلطان للمسلمين، والحاكم الذي يعرف حقيقتهم ويقضي على مصالحهم يصبح في نظرهم شيطان رجيم.
وللحديث بقية
الجريدة الرسمية