رئيس التحرير
عصام كامل

جمعيات حقوق الإنسان الإخواني


اعتراني العجب من طريقة الإعلام بخصوص قضية المنيا الشهيرة؛ التي صدر فيها حكم ببراءة ستة عشر متهما، وفي ذات الوقت قررت المحكمة إحالة أوراق باقي المتهمين للمفتي، ووجه العجب هو أن كل المعلومات الخاصة بالقضية تم استمدادها من محاميّ الإخوان الذين دافعوا عن المتهمين، وبالتالي ترك لهم الإعلام الساحة يبثون فيها ما يشاءون من الكذب والتضليل، وعلى الفور أخذ الجميع ينصب "مندبة"، ويستأجر نائحات للبكاء على الحريات، والحقيقة أنه لم يصدر أي حكم بإعدام أحد، ولكن الحكم الذي صدر كان متضمنا فقط البراءة لستة عشر متهما..


ثم صدر قرار وليس حكمٌ، بإحالة أوراق باقي المتهمين إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي في شأن الإعدام من عدمه، وهو إجراء قانوني ألزمه به القانون، ويجوز له أن يستخدمه قبل سماع المرافعات، ويجوز له أيضا أن يستخدمه بعد سماع المرافعات، إذ أن قانون الإجراءات الجنائية طلب منه استطلاع رأي المفتي إلا أنه لم يحدد له توقيت طلب هذا الرأي، ويحق للقاضي أن يقضي بعد ذلك ـ رغم إحالة الأوراق للمفتي ـ بالبراءة أو بالسجن، ويجب أن نفرق هنا بين صحيح القانون وبين ما تعودنا عليه وفقا للثقافة القانونية التي أخذناها من أفلام السينما، كما أن من حق القاضي أن يعرض عن الطلب الذي يقدم شفاهة برد المحكمة طالما لم يتخذ طالب الرد الإجراءات التي نص عليها القانون، والغريب أن أحدا من الذين يتصدرون للإفتاء لم يقرأ أوراق القضية ولم يعرف تفصيلات الاتهامات المنسوبة للمتهمين، وما هي العقوبات التي يحددها قانون العقوبات بالنسبة لهذه الاتهامات..

أما الأغرب فهو أن عدد المتهمين الحاضرين كانوا زهاء مائة وستين، وأن أحكام البراءة صدرت غيابيا بالنسبة للبعض بما يعني أن القاضي قرأ القضية قراءة مستفيضة.

وثالثة الأثافي هو أن الكل نصب من نفسه مفتيا استنادا إلى معلومات مضللة أخذها من الإخوان مفادها أن الاتهام في هذه القضية هو فقط "قتل ضابط والشروع في قتل ضابطين" فكان أن فغر هؤلاء أفواههم ببلاهة وقالوا "أإعدام لكل هذا العدد من أجل ثلاثة ضباط" ثم استطردوا: وكيف لهذا العدد كله أن يقتل ضابطا واحدا!!

وسقط عن هؤلاء المخدوعين المضللين أن القضية فيها العديد من قرارات الاتهامات، وهي متخمة بالمواد العقابية والأدلة الثابتة يقينا، فمن ضمن التهم الموجهة للمتهمين قتل والشروع في قتل العشرات من المواطنين من المدنيين ومن رجال الشرطة، وقيادة تنظيم إرهابي عسكري يستخدم الأسلحة في إرهاب المواطنين، وترويع المواطنين، وحرق العديد من البيوت والمدارس والكنائس، وقطع الطريق ومنع المواطنين من الخروج من بيوتهم، وهذه الاتهامات ينص القانون صراحة على إعدام المتهم الذي يرتكبها إذا ثبتت عليه.

والنيابة العامة في هذه القضية قدمت عشرات الأدلة، كل متهم وعليه أدلته، أما الزملاء من هيئة الدفاع فكل ما فعلوه هو إثبات بعض أوجه الدفاع وعندما وجدوا أن المحكمة تطلب منهم شرح أوجه دفاعهم والمرافعة بشأنها رفضوا وطلبوا رد المحكمة، والمحكمة قانونا غير ملزمة بالاستجابة لطلب الرد لأن المحامين لم يقدموه بالطريقة الإجرائية الصحيحة التي نص عليها القانون.
الجريدة الرسمية