رئيس التحرير
عصام كامل

إمبراطورية الشر


يحدثنا التاريخ وينقل لنا أسراره، فنستمع إليه وننصت لهمساته، ولكن البعض لا يقرأ التاريخ فيقع في الخطأ ويكبو على وجهه، والبعض الآخر لا يعرف التاريخ أصلا وهؤلاء تدهسهم حركة التاريخ فيغيبون للأبد، من أجل ذلك يطيب لي أن أعود للتاريخ بين الحين والآخر، لأعرف أسرار هؤلاء الذين لا يقرءون التاريخ، وأولئك الذين لا يعرفون التاريخ أصلا.


قال لنا التاريخ عبر أحداث ووقائع كثيرة إن أي تنظيم حركي يسعى إلى الاستيلاء على بلده لينشئ فيما بعد إمبراطورية ممتدة سيفشل حتما، فمن قبل سقطت إمبراطوريات كبرى حكمت العالم لأنها امتدت خارج بلادها، سقطت إمبراطوريات فارس وروما وبريطانيا والعثمانية، ومن قبل العثمانية سقطت إمبراطوريات كبرى مثل الأموية والعباسية والفاطمية والأخشيدية والأيوبية وغيرهم، ذلك لأن سطوة دولة على دول أخرى عسكريا وسياسيا هو من الأمور التي تتنافى مع الفهم المستمد من الإسلام، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}.. جعلنا الله شعوبا لنتعارف ونتآلف ونتعاون، لا لنستبد ونسطو ونتوسع، لذلك لم تستمر أي إمبراطورية ولن تستمر أي إمبراطورية، ولن تنجح محاولات البعض في تحويل تنظيماتها إلى إمبراطورية ممتدة بلا انتهاء.

هذه اللمحات لا يعود إليها أصحاب الرغبات التوسعية الاستعمارية، بل يحاول البعض طمسها وتغييبها، فيتناسون أن كل الإمبراطوريات انتهت وبادت، ويتغافلون أن الله جعلنا شعوبا وقبائل لا دولة عالمية واحدة، وحين يحاول البعض إلباس هذا الثوب الاحتلالي ثوب الإسلام فإنه يطلق عليه فتح أو فتوحات!

مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرسل جيشا ليفتح أي بلد، بل ظل في وطنه يقيم دولته، أما الجيش الذي كان قد أعده قبل وفاته وجعل أميره أسامة بن زيد فلم يكن جيش غزو، ولكنه كان جيشا ليست له إلا مهمة واحدة هي المحافظة على حدود الجزيرة العربية لحمايتها من غزو الروم، لذلك فإن كل من يسعى من أصحاب الجماعات السرية المشبوهة لتحويل الكون إلى دولة واحدة تخضع له وحده فهو يخالف صريح الآيات القرآنية وسيرة رسول الله، وديننا لا نأخذه إلا من القرآن، والحديث الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجريدة الرسمية