رئيس التحرير
عصام كامل

المستشار عدلى منصور!


تولى المستشار عدلي منصور رئاسة مصر في ظروف غاية في الصعوبة ومرحلة هي الأهم في تاريخها، وقبل توليه المنصب بأقل من 24 ساعة لم يكن يعلم أو يحلم أو يتوقع أن يحدث ذلك، بل لو استمر الرئيس المعزول المتهم محمد مرسي في الحكم لشهور قليلة ربما كان المستشار منصور خارج الخدمة لأن المعزول وجماعته الشيطانية كانوا يخططون لمذبحة قضائية بموجبها سوف تنتهي خدمة ثلاثة آلاف وخمسمائة قاض يأتي في مقدمتهم المستشار عدلى منصور.


ولأن مصر فعلا محروسة من الله تحدث إشارات سماوية تؤكد أنها كنانته في أرضه، فمثلا المحكمة الدستورية العليا رغم أن المعزول كان أول رئيس مصري يُودي اليمين أمامها، إلا أنه أول رئيس مصري يُهين هذه المحكمة هو وجماعته وكانوا يحملون لها الحقد والكراهية بشكل غير طبيعي منذ حكمها بحل مجلس الشعب الذي كان يسيطر عليه الإخوان فكانت دائما في مرمى نيرانهم سواء بالهجوم على أعضائها أو حصارها ومنعها من العمل لأول مرة في تاريخها وهي ثالث أقدم محكمة عليا في العالم، بل اتُهمت بتسريب الأحكام قبل إصدارها وهناك دعوى منظورة أمام القضاء بذلك، وبلغت كراهية الإخوان للمحكمة الدستورية ذروتها في دستورهم الذي يتم تعديله الآن والذي أطاح بعدد كبير من مستشاري المحكمة العليا، وتشاء الأقدار أن يتولى رئاسة مصر الرجل الذي كان يريد أن يعزله المعزول.

صفات كثيرة وهبها الله للمستشار منصور هي شكلا ومضمونا على النقيض تماما من الرئيس المعزول وكأن المولى تبارك وتعالى أراد أن يعوض مصر خيرا عن عام كان الأسوأ في تاريخها، فأرسل إليها رئيسا يتمتع بقبول كبير (كاريزما) كان يفتقدها المعزول، يتحدث بحساب ويعلم متى يتحدث ؟ وكيف يتحدث؟ وإلى من يتحدث؟ كلامه متزن وعاقل ومنطقي وموجز (ما قل ودل)، واجهة مشرفة حتى في سفرياته الخارجية القليلة جدا حظى باحترام واستقبال يليق بمصر ومكانتها، رئيس متواضع وهادئ زاهد في الميكروفون والكاميرا والسلطة والحكم فمؤخرا أعلن أنه لن يترشح للرئاسة.

عدلى منصور لا يشغل الناس والإعلام معه في صلاته وسفرياته ومواكبه وتشريفاته، ولا أحد يعلم شيئا عن أسرته، ومن الواضح أنها أسرة غاية في الاحترام فلم نسمع عن أي تصرفات غير طبيعية لأولاده أو زوجته بل لا نعرفهم من الأساس، هو رجل فاضل نظيف القلب واليد واللسان، والأهم من كل هذا وذاك تحمله للمسئولية بكل مشرف وأمانة ولم يهرب منها في أصعب الظروف خاصة أثناء فض الاعتصامين المسلحين في رابعة والنهضة مثل نائبه المفترض فيه أنه كان رجلا سياسيا متمرسا في العمل العام والدولي وكان يسعى لرئاسة مصر ولكنه هرب في أول موقف صعب واجهه.

أما المستشار عدلى منصور سوف يذكر له التاريخ بأحرف من نور هذا الموقف الشجاع منه وتحمله المسئولية ومواجهة الصعاب وبذاءات جماعة الإخوان الإرهابيين، تحمل كل ذلك في صمت وبضمير القاضي، وكما استطاع المستشار عدلي منصور أن يتحمل المسئولية في الماضي فمن الممكن أن يكون أيضا في المستقبل هو الحل السحري، في ظل حالة الجدل واللغط التي قد تشهده مصر حول شخصية رئيسها القادم.
الجريدة الرسمية