رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور..أقدم قصور الإسكندرية "خرابة".. شهد إنشاء الجامعة العربية ..وشهر عسل الأميرة فوزية وشاه إيران.. حدائقه أقدم الحدائق في العالم.. المحافظة حولته موطنا للغربان.. ومخاوف من تحوله لوكر للبلطجة

فيتو

بالقرب من منطقة سموحة الراقية، وعلى بعد خطوات من ترعة المحمودية وحديقة الحيوان يقع قصر أنطونيادس بالإسكندرية، أحد
أهم قصور عروس البحر والمملوك لمحافظة الإسكندرية، للقصر قصص وحكايات لا تنتهي، أولها :هي أن حدائقه يرجع بعض المؤرخين تاريخ إنشائها إلى الفترة البطلمية في مصر، وهي أقدم حدائق مدينة الإسكندرية في مصر، وتعتبر من بين أقدم الحدائق التي أنشأها الإنسان على مستوى العالم، وكانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو "جنات النعيم"، ولقد عاصرت هذه الضاحية أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة.


وفي القرن التاسع عشر كانت الحدائق ملكًا لأحد الأثرياء اليونانيين وكانت تعرف باسمه " حدائق باستيريه "، حتى تملكها محمد علي باشا وأقام قصرا له بها، وفي عام 1860 عهد الخديوي إسماعيل إلى الفنان الفرنسي " بول ريشار " بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس، التي أقام بها الخديوي إسماعيل أثناء زيارته لفرنسا، وكانت مساحة الحدائق وقتها نحو 50 فدانًا، وأضيف وقتها عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إلى الحديقة حيث عرف عن الخديوي إسماعيل ولعه بصيد الطيور بها، ثم انتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء وهو البارون اليوناني جون أنطونيادس والذي سميت الحدائق باسمه لاحقا، وقد ظل جون أنطونيادس زمنًا بالقصر، وعندما توفي عام 1895 آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية العام 1918.

ومنذ انتقال القصر والحدائق لإدارة بلدية الإسكندرية لتبدأ قصة الإهمال الجسيم، عندما تتولى محافظة الإسكندرية الإشراف على القصر التاريخي، فقد تحول القصر إلى موطن للغربان وللخارجين على القانون، وذلك لعدم وجود سور خارجي يحمي القصر من اقتحام البلطجية.

وبعد أن كان القصر ملاذا للملوك والرؤساء تحول إلى موطن أساسي للبلطجية ومتعاطي المخدرات، وسط غياب تام لأي جهاز أمني أو تنفيذي.

وشهد القصر توقيع اتفاقية الجلاء عام 1936 بين الحكومة المصرية برئاسة حزب الوفد والحكومة البريطانية، للانسحاب من مصر إلى منطقة القناة وتم غرس شجرة بمدخل القصر تخليدا لهذه المناسبة، وتم قطع عشرات الأشجار النادرة منه حاليا ليحل محلها قاعات أفراح وإصطبلات للخيول.

واستضاف القصر ملوكا أثناء إقامتهم في الإسكندرية، منهم ملوك اليونان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا، حيث أقام في قصر أنطونيادس لفترة الملك زوغ الأول ملك ألبانيا وزوجته الملكة جيرالدين، بعد خروجهم من بلادهم عقب اجتياحها من إيطاليا الفاشية في فترة حكم رئيس الوزراء بينيتو موسيليني.

كما أقامت ابنة الملك فؤاد الأول الأميرة فوزية "إمبراطورة إيران" وزوجها الإمبراطور محمد رضا بهلوي، شاه إيران السابق، بالقصر خلال "شهر العسل".

وشهد القصر الاجتماع التحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944، كل ذلك التاريخ لم يمنع محافظة الإسكندرية من إهمال القصر وأعمدته النادرة من الجرانيت والبازلت، وتماثيله تهدم وتسرق ليتحول إلى "خرابة" كبيرة يحيطها الإهمال من كل اتجاه.
وآلت تبعية القصر لمكتبة الإسكندرية فترة من الفترات وقتما كان اللواء محمد عبد السلام المحجوب محافظا للثغر، وتركته إدارة المكتبة ليكون مقرا لمنظمة يهودية تدعى أناليندا، وبعد أن خرجت أناليندا من القصر اختفت محتوياته النادرة وأصبحت الخرسانة والرمل والزلط والطوب عنوانا له.

وعلق سيد عبد الكريم، أمين الإعلام بمنظمة البرلمانات العربية، على ما يشهده القصر أنه لا يعدو كونه محاولة لهدم التاريخ على يد مجموعة من الجهلاء، الذين أرادوا ردم التراث وهدمه وإلقاءه في صناديق القمامة، وطالب عبد الكريم الوطنيين في مصر بإعادة الرونق الحضاري لأهم قصر في الإسكندرية، مؤكدا أن اللواء طارق المهدي محافظ الإسكندرية إن لم يقم بزيارة للمكان فورا فسوف يكون قريبا مأوى للهاربين من السجون والبلطجية وأطفال الشوارع.
الجريدة الرسمية