رئيس التحرير
عصام كامل

داعش يواصل تمدده عبر الفضاء الرقمي.. يستغل المنصات المشفرة في تجنيد عناصر جديدة.. ويستهدف تنفيذ عمليات إرهابية من خلال الذئاب المنفردة

الفضاء الرقمي يساعد
الفضاء الرقمي يساعد داعش على التمدد وتجنيد عناصر جديدة
18 حجم الخط

كشفت دراسة أعدها “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات” أن تنظيم (داعش) أعاد تشكيل نفسه، حيث تراجع من كونه كيانا مسيطرا على أراض في سوريا والعراق، لكنه في المقابل نجح في التكيف مع الواقع الجديد عبر التمدد في الفضاء الرقمي، وتفويض العمليات لفروع إقليمية، والاعتماد على “الذئاب المنفردة” والهجمات المستلهمة أيديولوجيا.

ففي غضون خمسة أيام فقط، سُجلت هجمات مرتبطة بداعش في سياقات مختلفة تماما، ما يؤكد الطابع العالمي للتهديد الذي بات يمثله التنظيم. فعلى سبيل المثال، تعرض أفراد من القوات الأمريكية في سوريا لهجوم وصفته القيادة المركزية الأمريكية بأنه كمين نفذه مسلح مرتبط بتنظيم داعش، فيما شهدت مدينة سيدني الأسترالية هجوما استهدف تجمعا يهوديا على شاطئ بوندي، نفذه مسلحان متأثران بالفكر الداعشي، ما أبرز امتداد تأثير التنظيم إلى مجتمعات بعيدة جغرافيا عن مناطق الصراع التقليدية.

داعش يتمدد في الفضاء الرقمي

وتقول الدراسة التي نشرها المركز على موقعه الإلكتروني اليوم الخميس: “شهدت مناطق أخرى من العالم تصاعدا ملحوظا في نشاط داعش، وعلى رأسها إفريقيا جنوب الصحراء. فقد تحولت هذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة إلى المركز الرئيسي للهجمات التي يعلن التنظيم مسؤوليته عنها”.

وتبرز دول مثل النيجر ومالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية بوصفها ساحات رئيسية لنشاط فروع داعش، التي تعمل في بيئات أمنية شديدة الهشاشة. وتستغل هذه الجماعات النزاعات المحلية، وضعف مؤسسات الدولة، وغياب السيطرة الفعالة على الحدود، لتوسيع نفوذها وتنفيذ هجمات دامية تستهدف المدنيين والقوات الأمنية على حد سواء، بحسب “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات”.

ووفق الدراسة، لا يقتصر تمدد داعش على النشاط الميداني فقط، بل يمتد بقوة إلى الفضاء الرقمي. فعلى الرغم من الضغوط التي يتعرض لها على الأرض، حافظ التنظيم على حضور نشط عبر الإنترنت، مستخدما الدعاية الرقمية والمنصات المشفرة لتجنيد عناصر جديدة، ونشر أيديولوجيته، وتحفيز أنصاره على تنفيذ هجمات فردية. 

 استغلال الفضاء الإلكتروني لإلهام متعاطفين محليين

وفي دول مثل الفلبين، يواصل داعش استغلال الفضاء الرقمي لإلهام متعاطفين محليين، حتى في المناطق التي لا يمتلك فيها وجودا ميدانيا قويا. ويكتسب هذا البعد أهمية خاصة في ضوء المعلومات التي تفيد بأن المشتبه بهما في هجوم شاطئ بوندي سافرا إلى الفلبين قبل شهر واحد فقط من تنفيذ الهجوم، ما يسلط الضوء على الروابط العابرة للحدود التي ينسجها التنظيم.

ويشير تقرير سابق نشرته مجلة "ذا تايمز" إلى نجاح التنظيم في استغلال الفضاء الرقمي في تجنيد عناصر أجنبية في مناطق نفوذ جديدة للتنظيم، مشيرة إلى أن “غالبية أعضاء تنظيم داعش في الصومال هم أجانب من أكثر من 30 دولة بعيدة عن الميدان مثل الأرجنتين وكندا وألمانيا”.

وتنقل الجريدة عن أحد العناصر التي جندها التنظيم قوله: "شاهدت مقاطع فيديو دعائية لداعش عبر الإنترنت؛ وفي إحدى الأمسيات، رأيت عنوان بريد إلكتروني في مقطع فيديو، وبدأت مراسلة شخص يدعى أبو خالد؛ وقررت في النهاية الذهاب إلى داعش في الصومال لأنني اعتقدت أنهم يريدون مساعدتي حقا".

ويتابع: “أخبرني أبو خالد أن داعش ينتعش في بونتلاند بالصومال، وأخبرته بأنني أحب الانضمام إليهم؛ لقد وعدوني بأنهم سيعطونني كل شيء، المال والمنزل الكبير، والزوجة، وأنني سأعيش حياة جيدة؛ وقالوا لي إن لديهم مستشفيات وأنهم سيعتنون بي، وسيكونون بالنسبة لي بمثابة الأصدقاء والأهل”.

"داعش" يبدو أقل ارتباطا بفكرة إقامة الدول

تضيف الدراسة: “تبدو استراتيجية داعش الحالية الحالية أقل ارتباطا بفكرة إقامة دولة، وأكثر تركيزا على إدامة حالة من التهديد المستمر، وإظهار القدرة على الضرب في أي مكان، وفي أي وقت”.

وتكشف البيانات والوقائع أن التحدي الذي يمثله داعش اليوم هو تحد عالمي متعدد الأبعاد، لا يقتصر على ساحات القتال التقليدية في الشرق الأوسط. فالتنظيم، رغم ضعفه النسبي، لا يزال قادرا على استغلال الأزمات السياسية والأمنية، واستخدام أدوات حديثة، رقمية وعابرة للحدود، لفرض حضوره على الأجندة الأمنية الدولية.  

وهذا الواقع يفرض على الدول والمجتمعات إعادة تقييم مقاربات مكافحة الإرهاب، والانتقال من التركيز على هزيمة التنظيم عسكريا فقط، إلى معالجة جذوره الفكرية، وشبكاته العابرة للأقاليم، وقدرته المستمرة على التكيف والبقاء.

كيف تغيرت خريطة نشاط داعش عالميا

وفي محاولة لقراءة كيفية تغير خريطة داعش عالميا، تشير الدراسة إلى أن “هجمات تنظيم داعش لم تعد متركزة في سوريا والعراق كما كانت خلال ذروة تمدده الإقليمي، حيث يشهد التنظيم تحولا جغرافيا واضحا في طبيعة ونطاق نشاطه”.

وتضيف: “بينما لا يزال داعش حاضرا في معاقله التقليدية في الشرق الأوسط، فإن مركز الثقل العملياتي للتنظيم بات، على نحو متزايد، خارج هذين البلدين، في إطار استراتيجية تكيفية تعكس تراجع قدرته على السيطرة الميدانية مقابل توسع نفوذه غير المباشر عالميا”.

انخفاض نسبة هجمات داعش في سوريا والعراق إلى أقل من الثلث 

وبحسب الدراسة، تكشف الهجمات الإرهابية خلال العام 2025 المتعلقة بهجمات “داعش” على هذا التحول بوضوح؛ ففي الفترة ما بين عامي 2019 و2020، كانت الغالبية من العمليات التي تبناها التنظيم تتركز في سوريا والعراق، حيث كان لا يزال يحتفظ بجيوب نفوذ وخلايا نشطة قادرة على شن هجمات متكررة. 

أما خلال عامي 2023 و2024، فقد انخفضت نسبة الهجمات المنسوبة إلى هذين البلدين إلى أقل من الثلث، في مقابل تصاعد ملحوظ في عدد العمليات التي سجلت في مناطق أخرى من العالم. وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي للهجمات التي يعلنها التنظيم قد تراجع بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما يعكس تآكل قدراته الإقليمية، فإن هذا التراجع لا يعني اختفاء التنظيم أو انتهاء خطره. 

ففي سوريا تحديدا، انخفض عدد الهجمات المنسوبة إلى داعش بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات التي أعقبت هزيمته الإقليمية المباشرة. ومع ذلك، لا تزال مستويات التهديد مرتفعة نسبيا، لا سيما في ظل المتغيرات السياسية الأخيرة. فقد أدى انضمام سوريا إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة داعش إلى إثارة غضب جماعات متطرفة وأنصار التنظيم ما يعزز احتمالات عودة النشاط المتطرف في بعض المناطق الهشة أمنيا.  

العوامل البنيوية  توفر بيئة مواتية لعمل داعش

أما في العراق، فلا يزال داعش حاضرا، لكن نشاطه يقتصر في الغالب على خلايا صغيرة تعمل في مناطق نائية أو متنازع عليها، وتنفذ هجمات متفرقة لا ترقى إلى مستوى الحملات المنظمة التي كان يشنها في السابق. 

ويعكس هذا الواقع نجاحا نسبيا للقوات العراقية في احتواء التنظيم، لكنه في الوقت نفسه يبرز صعوبة القضاء عليه نهائيا في ظل العوامل البنيوية التي ما زالت توفر بيئة مواتية لعمله، وفق “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات”.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية