"فيتو" تحاور أستاذ علاقات دولية بالعراق في ذكرى هزيمة "داعش".. الدكتور علي العصامي: تجربة “الدولة الإسلامية” درس عملي في الحفاظ على الأمن القومي والسلام
المشاركة السياسية في انتخابات ١١ نوفمبر بلغت ٥٦.١١%
لدينا "كوتا" 9 مقاعد في البرلمان العراقي للمسيحيين والشبك والإيزيديين والكرد الفيليين والصابئة المندائيين
الحكومة والمرجعيات والعتبات الدينية تبذل جهودا مكثفة لتخفيف آثار العدوان الداعشي على الإيزيديين
هناك حضور مميز للشركات المصرية في مشاريع البنية التحتية.. وتواجد ثقافي فاعل لدور النشر
نأمل أن يكون هناك توافقا عادلا مع تركيا بشأن أزمة المياه
العلاقة بين إيران ودول الخليج قوية.. وهذا ما لا يظهره الإعلام
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، وبالذات منطقة الشرق الأوسط، وتغير موازين القوى على الساحة الدولية، يبرز الدور الأكاديمي في تفسير هذه المتغيرات وتقديم رؤى تساعد على فهم المشهد السياسي.
وفي هذا الإطار، تواصلت "فيتو" مع الدكتور علي حسين كاظم العصامي، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الإمام الكاظم في العراق، أحد الباحثين المتخصصين في تحليل السياسات الإقليمية والدولية، للحديث عن موقع العراق في محيطه الجيوسياسي، ومستقبل المنطقة، ودور المؤسسات الأكاديمية في صناعة القرار.
الدكتور علي حسين كاظم العصامي باحث وأكاديمي، حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية (العلاقات الدولية) من جامعة بوكيونغ الوطنية بجمهورية كوريا الجنوبية، وهو مدير تحرير مجلة كلية الإمام الكاظم للدراسات الإنسانية، ومحاضر في معهد الخدمة الخارجية بوزارة الخارجية العراقية، وكان رئيسا لقسم العلوم السياسية.
كلية الامام الكاظم حكومية عراقية، تعنى بنشر تراث أهل البيت عليهم السلام، وبناء الإنسان ونشر ثقافة الاعتدال، ولها برامج علمية بمختلف الاختصاصات الإنسانية والصرفة وعلى مستوى الدراسات العليا والأولية.
* كيف تقيّمون واقع العملية الديمقراطية في العراق اليوم بعد عقدين من التغيير السياسي؟، وما مستقبلها في ظل التحديات القائمة مثل الانقسام الحزبي، ضعف المشاركة الشعبية، وتأثير العوامل الإقليمية؟
- بداية أشكر لصحيفتكم الموقرة ولشخصكم الكريم اهتمامكم بالقضايا العراقية والعربية، وهذا أمر إيجابي ومأمول من الإعلام المصري، وبخصوص سؤالك دعنا نتفق بداية أن العملية الديمقراطية هي الضمانة الأساسية لاستقرار الدول. بالتالي فإنه بالرغم من كل ما قد يطرح من مآخذ إلا ان المسلّمة الأساسية هي وجود العملية الديمقراطية وأن الديمقراطية تنمو بتزايد الوعي الاجتماعي، بفضل الله ما يشهده العراق اليوم من استقرار نوعي على المستوى الأمني والسياسي هو ثمرة حقيقية لهذه العملية، وأن ما تطلق عليه "الانقسامات الحزبية" دعني أصحح التسمية بـ "التعددية الحزبية"، واحدة من أبرز إيجابيات العملية الديمقراطية، وهي مؤشر حقيقي على وجود حرية تعبير وشراكة سياسية فاعلة.
أما عن المشاركة السياسية فقد بلغت في الانتخابات التي جرت في ١١ نوفمبر الماضي ٥٦.١١%، وهي نسبة عالية جدا إذا ما قورنت بالدورات السابقة أو حتى في الديمقراطيات الراسخة في أوروبا والولايات المتحدة طبعا. وهذا إذا أردنا تعليل اسبابه فبالتأكيد سببه الأساسي هو ارتفاع الوعي الاجتماعي وإداركه لمخاطر البيئة الإقليمية. بالتالي كانت دافعا للتعبير عن التمسك بالضمانة الانتخابية، فالمواطن في العراق اليوم يرى أن الصندوق هو طوق النجاة الذي لا غنى عنه لتحقيق النهوض والتغلب على كل السلبيات الموجودة في العملية السياسية.
الجماعات الدينية والأقليات في العراق
• كيف تقيّمون أوضاع الجماعات الدينية والأقليات في العراق اليوم، سواء على مستوى الحماية القانونية أو المشاركة السياسية أو الضمانات الاجتماعية، وما أبرز التحديات التي ما زالت تواجه هذه المكوّن؟
- مسألة الحريات الدينية باعتبار العراق بلد متعدد القوميات والمذاهب والأديان كفلها الدستور على ما أذكر في المادة الرابعة منه على مستوى الممارسة، ولم يكتفِ بذلك بل إن للأقليات الدينية والقومية نظام "كوتا" على مستوى التمثيل أيضا في البرلمان العراقي وعددها تسعة مقاعد (خمسة للمسيحيين ومقعد واحد لكل مكون من الشبك والإيزيديين والكرد الفيليين والصابئة المندائيين).

- أما بخصوص التحديات فطبعا لا تزال آثار العدوان الداعشي على الإيزيديين في مناطق سنجار اليوم، هنالك جهود حكومية وشعبية حتى على مستوى المرجعيات والعتبات الدينية تبذل لتخفيف آلامهم وتخليد حقوقهم وإزالة ما تبقى من تبعات نفسية في المجتمع الإيزيدي.
العلاقات المصرية - العراقية
• ما تقييمك للعلاقات العراقية - المصرية، وكيف ترون آفاق هذه العلاقات؟
- مما لا يخفى على أحد المكانة التي تتمتع بها مصر حكومة وشعبا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا، وكذلك العراق طبعا لا يدع مكانا للشك عن أهمية العلاقات التي تربط البلدين، مؤخرا بدأنا نلحظ أن الاستقرار السياسي هنا ساهم في تعميق الروابط مع الأشقاء المصريين.. هنالك حضور مميز للشركات المصرية على مستوى مشاريع البنية التحتية، كذلك بدأنا نلحظ حضورا ثقافيا فاعلا على مستوى دور النشر وغيرها الكثير مما يعمق العلاقة بين الأشقاء ويزيدها متانة.
أزمة غزة
* ما هو موقع أزمة غزة من السياسة الخارجية للعراق؟ وماذا قدم العراق لأشقائه الفلسطينيين ؟
- لا خلاف حول أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى والمركزية، ولكن ليس من باب المزايدة دعني أوضح وأنا لست مسئولا حكوميا، ولكن كمتابع للسياسة الخارجية العراقية أن أول بلد عربي مسلم طالب مجلس الأمن بالتدخل لوقف الانتهاكات الصهيونية بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، كان ذلك على ما أذكر في نوفمبر ٢٠٢٤، أما بخصوص ما قدمه العراق فلم يقتصر على الجانب الرسمي.. الهلال الأحمر العراقي والحكومة العراقية.. أذكر ايضا مبادرة "فزعة عراقية" التي اطلقها الحشد الشعبي لجمع المساعدات للشعب الفلسطيني، وأذكر طائرات الـC130 العراقية كانت تحلق بشكل يومي بالتنسيق مع القوات الأمريكية لنقل المساعدات فوق غزة عبر البراشوت.
• كيف تنظرون إلى موقع العراق في الخريطة الجيوسياسية الحالية؟
- بالتأكيد القادم سيكون استعادة العراق لمكانته الإقليمية ودوره الحقيقي في المنطقة؛ فالخارطة الجيوسياسية والمكانة التأريخية للعراق تحتم عليه أن يكون محورا من خلال المبادرات الإيجابية والأدوار الحيادية، وهي التي أعتقد أن العراق نجح لحد الآن في تحقيقها، وماضٍ باتجاه تعظيم مكانته واستعادة أدواره الإقليمية.

الأزمة في سوريا واليمن
• ما تأثير الصراعات الإقليمية، كالأزمة في اليمن وسوريا، على الأمن القومي العراقي؟
- دائما ما يكون الأمل بأن تكون هنالك حلول جوهرية وأن يعم السلام في كل البلدان العربية والإسلامية، المواطن العراقي اليوم بقدر ما يتفاعل مع ما يجري في محيطه الإقليمي يدرك بشكل أساسي أن تفاعله لابد أن يكون إيجابيا والتفاعل الإيجابي يتمثل في أن لا ينعكس ذلك على المستوى الداخلي؛ فتجربة داعش مثلت درسا عمليا لكيفية التأثير السلبي للأحداث في المحيط الإقليمي. واليوم أعتقد أن هذا الفهم الاجتماعي للواقع الإقليمي هو ركيزة وضمانة حقيقية لتحقيق الأمن القومي العراقي؛ فالاستقرار الأمني الذي يلتمسه المواطن لم يأتِ من فراغ وإنما بتضحيات أبنائه.
• إلى أي مدى يمكن أن ينجح العراق في تحقيق توازن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟ وما الدور الذي يمكن للعراق أن يلعبه كوسيط لخفض التوترات في المنطقة؟
- منذ عام ٢٠٠٣ والعراق ناجح في إدارة علاقات متوازنة مع كلا الطرفين.. للعراق صلات تاريخية وحدود ممتدة مع الجارة إيران ومصالح اقتصادية، وبنفس الوقت هنالك علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، ليس للعراق مصلحة بأن يتخندق مع أي طرف ضد الآخر، وهذا ما يدركه كلا الطرفين، وبالتالي كان العراق منطلقا ومبادرا عندما كانت مفاوضات 5+1، وحتى فيما بعد فإن دور العراق الايجابي لم ينتهِ؛ لأن صانع القرار العراقي لديه إيمان راسخ بأن الحوار واحترام الآخر هو الطريق الوحيد للسلام في المنطقة.
• كيف تقيّمون مستقبل العلاقات العراقية – الخليجية بعد مشاريع الربط الكهربائي والاستثمارات الجديدة؟
- الأدوار الخليجية في العراق كانت خجولة نوعا ما بعد ٢٠٠٣.. هنالك العديد من المبادرات الاقتصادية الخليجية التي اُطلقت، ولم تنفذ إلا أن تطورا نوعيا بدأنا نشهده مؤخرا.. هنالك تطور على مختلف النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية.. سلطنة عمان مثلا قبل شهور أذكر أنه كانت هنالك اتفاقيات حول رفع التأشيرة وزيادة الاستثمارات في العراق.. الإمارات وقطر كانتا من بين أولى الدول التي انضمت الى مبادرة "طريق التنمية العراقي".
العلاقات العراقية - التركية
• أين تتجه العلاقات العراقية التركية في ظل الخلافات بشأن المياه والوجود العسكري على الحدود؟
- تركيا بلد جار ترتبط مع العراق بعلاقات جغرافية وتاريخية، نأمل أن يكون هنالك توافق عادل بشأن أزمة المياه، خصوصا ان تركيا بلد مسلم والرسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم يقول: "الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ"؛ لذا نأمل أن لا يتحول الماء إلى سلعة للمساومات السياسية، تركيا ترتبط بعلاقات اقتصادية متينة بالعراق، وبالتالي من مصلحة الطرفين إيجاد حلول عادلة.
أما بخصوص الوجود العسكري قرب الحدود فهو غالبا ما يكون مرتبطا بقضايا داخلية تركية تتعلق بحزب العمال الكردستاني، ولهم مع العراق اتفاقيات بهذا الخصوص قبل ٢٠٠٣.
• هل أصبح الأمن الاقتصادي أحد محركات السياسة الخارجية في العراق والمنطقة ؟
- بالتأكيد نعم؛ فالمصالح الاقتصادية وضمانها أولوية لأي صانع قرار، طبعا بما لايجعله مدخلا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، اليوم التعاون الاقتصادي وسيلة الشعوب والحكومات المحبة للسلام لا مناص ولا غنى عنها في تحقيق تكامل يفضي إلى التقدم.
10 ديسمبر يوم النصر على "داعش"
• ما تقييمكم لاستراتيجية العراق في حماية حدوده وتعزيز التعاون الأمني الإقليمي؟
- بالتأكيد هنالك نجاح باهر وتقدم نوعي يشهده العراق منذ عام ٢٠١٨ تاريخ هزيمة التنظيم الإرهابي " داعش" على يد القوات العراقية والذي يصادف ذكرى يوم النصر في ١٠ ديسمبر، أي منذ 7 أعوام، على أرض الواقع أدوار كبيرة يقدمها رجال القوات المسلحة العراقية من الجيش والشرطة وابطال الحشد الشعبي، فضلا عن تعاون أمني حقيقي مع قيادة قوات التحالف الدولي وتعاون أمني عالي المستوى مع الاجهزة الاستخبارية للدول الصديقة وغيرها.

• ما التحديات التي تواجه تدريس العلاقات الدولية في الجامعات العراقية اليوم؟
- لا توجد تحديات، على العكس فسحة الحرية التي كفلها لنا واقع بلدنا بعد ٢٠٠٣ أصبح الطالب والباحث لا يواجه مشكلة في عرض أفكاره وآرائه دونما حرج، حقيقة أستمتع وأنا أشاهد فضول المعرفة يزداد بعيون طلبتي وهم يتابعون بشغف كل مستجدات الساحة الإقليمية والدولية، وآخر النظريات المفسرة للظاهرة الدولية مسألة تبعث الفخر في نفسي.
• كيف تتوقعون أن تتطور العلاقة بين إيران ودول الخليج، وما انعكاس ذلك على العراق؟
- هنالك حقيقة قد يغيبها الإعلام أو لا يظهرها حول طبيعة العلاقة بين إيران ودول الخليج، على سبيل المثال فإن حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات العربية المتحدة وصل عام ٢٠٢٤ إلى ٣٠ مليار دولار، وكان من المتوقع ان يزداد، بالتالي ما أعتقده اليوم أن كل دول المنطقة تدرك أهمية ان يكون هنالك تعاون.. بالتأكيد ثمار هذا التعاون سوف لاتتوقف على دولة بعينها بل تمتد إلى عموم الإقليم واستقراره.
• ما مستقبل دور الفاعلين غير الدوليين في المنطقة (الميليشيات، الشركات الأمنية، الجماعات العابرة للحدود)؟
- دعني لا اخصص نوعا محددا من "الفواعل الدوليين"، ولنسمها الفواعل من غير الدول.. هنالك شبه إجماع لدى المختصين في العلاقات الدولية بازدياد أدوار الفاعلين من غير الدول، وهذا نتيجة تعقد المهام التي تقوم بها الدول أصبح لزاما عليها قبول مشاركتها لبعض أدوارها، وهي ليست مسألة سلبية بحد ذاتها طالما تؤدي أدوارا إيجابية؛ الأمر لا يتوقف على مستوى الاقتصاد والاستثمارات وغيرها، بل حتى على مستوى الشركات الأمنية والقوات الموازية وغيرها، طالما أنها تقوم بأدوار إيجابية، وتحت مظلة القانون.. وهذه قد تجدها حتى في الدول المتقدمة.

• هل يمكن للعراق أن يتحول إلى مركز إقليمي للطاقة أو الوساطة السياسية خلال العقد القادم؟
- بالتأكيد نعم، آخر الإحصاءات في مؤتمر الطاقة بأن الاحتياطات النفطية العراقية تكفي لتزويد السوق العالمية بمعدلات إنتاج عالية للمئة سنة القادمة، وهو ما يمكن ان يجعل من العراق مركزا اقتصاديا ووسيطا إقليميا، خصوصا في ظل نجاح إنجاز المراحل الأولى من الممر الاقتصادي لطريق التنمية الذي من المؤمل أن يربط العراق بأوروبا عبر تركيا من خلال شبكة سكك حديدية وطرق وميناء الفاو الكبير الذي من المؤمل ان يدخل الخدمة بداية ٢٠٢٦، حيث يشهد العراق هذه الأيام مفاوضات للتعاقد مع شركات عالمية رصينة لتشغيله، بالإضافة إلى ميناء أم قصر الحالي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
