كيف تزرعين في طفلك حس المسؤولية من غير أوامر؟
في زمن يتزايد فيه اعتماد الأطفال على التكنولوجيا والراحة الزائدة، أصبحت مسؤولية الأهل مضاعفة في غرس قيم الاستقلالية وتحمل المسؤولية في نفوس أبنائهم.
كثير من الأمهات يشتكين من أن أبناءهن لا يتحملون المسؤولية، لا ينهضون للقيام بواجباتهم إلا بعد التذكير أو التوبيخ، وكأن المسؤولية عبء عليهم لا سلوك طبيعي نابع من الداخل.
لكن الحقيقة أن المسؤولية لا تُفرض بالأوامر، بل تُزرع بالتربية الواعية، وبالقدوة، وبالمشاركة اليومية في تفاصيل الحياة، هذا ما أكدته الدكتورة عبلة ابراهيم استاذ التربية ومستشارة العلاقات الأسرية.
خطوات غرس حس المسؤولية في نفوس أبنائك
وتستعرض الدكتورة عبلة في السطور التالية، أهم الخطوات التربوية التي تساعدك في غرس حس المسؤولية في نفوس أبنائك.
أولًا: افهمي أن المسؤولية تُكتسب بالتجربة وليس بالكلام
الطفل لا يتعلم المسؤولية لمجرد أن يُقال له “كن مسؤولًا” أو “اعتمد على نفسك”، بل يكتسبها حين يُمنح فرصة للتجربة، والخطأ، والإصلاح. كثير من الأمهات يحرصن على الكمال، فيقمن بكل شيء عن أبنائهن، خوفًا من الفوضى أو الإهمال، دون أن يدركن أن هذه الحماية الزائدة تقتل روح المسؤولية في داخل الطفل.
ابدئي بخطوات صغيرة: اجعليه يحمل حقيبته بنفسه، يرتب سريره، يساعد في إعداد المائدة، أو يختار ملابسه بنفسه. كل مهمة صغيرة هي درس عملي في تحمل النتائج واتخاذ القرار.
ثانيًا: شاركيه المسؤولية بدلًا من أن تفرضيها
بدل أن تقولي: “رتب غرفتك حالًا”، جربي أن تقولي: “إيه رأيك نرتب أوضتك سوا النهارده علشان تبقى جميلة زي ما بتحبها؟”. بهذه الطريقة، يشعر الطفل أنه شريك في المهمة وليس مُجبَرًا عليها. فالمشاركة تخلق دافعًا داخليًا أكبر من الأوامر.
يمكنك أيضًا إشراكه في بعض المهام الأسرية البسيطة، مثل ريّ النباتات، أو مساعدة أحد أفراد العائلة في عمل ما، مع كلمات تشجيع مثل: “أنا فخورة إنك بتحب تساعد”، أو “مسؤوليتك بتخليني أرتاح وأنا واثقة فيك”.
ثالثًا: كوني قدوة له في السلوك المسؤول
الأطفال لا يتعلمون بما يسمعون فقط، بل بما يرون يوميًا. عندما يراكِ ابنك تلتزمين بمواعيدك، وتتحملين نتائج قراراتك، وتعترفين بخطئك من دون تبرير، فهو سيتعلم أن المسؤولية سلوك طبيعي وليست عبئًا.
على سبيل المثال، إذا نسيتِ شيئًا مهمًا، يمكنك أن تقولي: “أنا غلطت إني ما نظمتش وقتي النهارده، وده علّمني أكون أكثر تركيز المرة الجاية”. هذه الجملة البسيطة تزرع في ذهنه أن المسؤولية تبدأ من الاعتراف بالخطأ وليس من لوم الآخرين.
رابعًا: امنحيه مساحة للاختيار
المسؤولية لا تنمو في بيئة صارمة تخنق حرية الطفل. بل تحتاج إلى مساحة للاختيار واتخاذ القرار.
اسأليه مثلًا: “تحب تبدأ مذاكرتك قبل الغداء ولا بعده؟”، أو “تحب تلبس التيشيرت الأحمر ولا الأزرق؟”.
اختيارات بسيطة لكنها تعلم الطفل أن قراراته لها قيمة وأنه مسؤول عنها. وعندما يخطئ في الاختيار، لا تتدخلي بسرعة لإنقاذه، بل دعيه يرى نتيجة اختياره بهدوء، مع دعمك وتشجيعك لا باللوم أو السخرية.
خامسًا: امدحي الجهد وليس النتيجة
كثير من الأمهات يربطن المسؤولية بالنجاح فقط، فإذا أخفق الطفل في أداء مهمة، يسمع كلمات مثل “شفت؟ ما بتعرفش تتحمل مسؤولية!”، بينما المطلوب العكس تمامًا.
قولي له: “عجبني إنك حاولت تعمل ده لوحدك”، أو “حلو إنك افتكرت تشيل حاجتك النهارده حتى لو نسيت مرة تانية”. هذا النوع من التشجيع الإيجابي يغذي داخله الرغبة في المحاولة المستمرة، ويجعله يؤمن بأن المسؤولية قيمة تُبنى تدريجيًا.

سادسًا: استخدمي القصص والمواقف اليومية
الطفل يتفاعل أكثر مع القصة من النصيحة المباشرة. احكي له عن شخصيات تحمّلت المسؤولية وحققت نجاحها، سواء من التاريخ أو من حياتكم اليومية.
مثلًا: “فاكر لما خالك كان صغير وكان بيشتغل ويساعد جدك؟ ده علّمه يعتمد على نفسه ويبقى ناجح كده النهارده.”
يمكنك أيضًا تحويل المواقف اليومية إلى دروس بسيطة، كأن تشرحي له كيف التزم السائق أو الطبيب بعمله، وما أثر ذلك على الآخرين.
سابعًا: اسمحي له بالخطأ ولا تعاقبيه على التجربة
الطفل الذي يخاف من الخطأ لن يتعلم المسؤولية أبدًا. فالمسؤولية الحقيقية تنشأ عندما يدرك الطفل أن كل قرار له نتيجة، وأن الفشل ليس نهاية الطريق.
إذا كسر كوبًا أثناء المساعدة، لا تصرخي فيه، بل قولي: “ولا يهمك، المرة الجاية هنخلي بالك أكتر”. بهذه الجملة، أنتِ ترسلين له رسالة ضمنية أن الخطأ جزء من التعلم وليس عيبًا.
ثامنًا: اربطي المسؤولية بالحب والثقة
حين يشعر الطفل أن تحمّله للمسؤولية يجعلك فخورة به، وليس وسيلة لمعاقبته أو اختبار قدرته، سيسعى من تلقاء نفسه إلى أداء مهامه.
قولي له مثلًا: “أنا بحب فيك إنك بتفكر تساعد من غير ما أقولك”، أو “حسّيت إنك كبرت لما اهتمّيت بأختك النهارده”.
الكلمة الطيبة هنا تعمل كوقود داخلي يدفعه للاستمرار في التصرف بمسؤولية دون أوامر أو تهديد.
تاسعًا: اجعلي المسؤولية مرتبطة بالمرح لا بالواجب
يمكنك تحويل المسؤولية إلى لعبة أو منافسة لطيفة، مثل جدول النجوم أو تحدي الأسبوع.
مثلًا: “يلا نشوف مين هيحافظ على ترتيب سريره كل يوم لمدة أسبوع!” أو “اللي يفتكر واجبه من غير ما أقول، هيختار فيلم الجمعة!”.
بهذا الشكل، تتحول المسؤولية من عبء إلى متعة، ويتعلّم الطفل الالتزام بطريقة محببة.
عاشرًا: كوني صبورة واستمرّي
غرس المسؤولية في نفس الطفل رحلة طويلة وليست مهمة تُنجز في أسبوع. الطفل يحتاج إلى التكرار، وإلى رؤية النماذج أمامه، وإلى الشعور الدائم بأنك تثقين به حتى عندما يخطئ.
تذكّري دائمًا أن هدفك ليس أن يُطيعك فقط، بل أن يصبح قادرًا على إدارة نفسه واتخاذ قراراته المستقبلية بثقة.
في النهاية، يمكن القول إن تربية طفل مسؤول لا تعتمد على الأوامر ولا على العقوبات، بل على التربية القائمة على المشاركة، والاحترام، والقدوة. حين يشعر الطفل أنك تؤمنين بقدرته وتمنحينه مساحة للخطأ والتجربة، سيبدأ في التصرف بمسؤولية دون أن تطلبي منه ذلك.
وهنا فقط ستكتشفين أن “غرس المسؤولية” ليس نتيجة جهد لحظي، بل ثمرة حب وصبر وتربية واعية تنضج مع الأيام.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا


