رئيس التحرير
عصام كامل

برلمان سابق التجهيز.. “القوائم المغلقة” تهدر 49% من أصوات الناخبين.. قيادات حزبية: تغييب المعارضة يضعف جودة التشريعات.. المجالس النيابية ليست أندية للنخبة.. وكيف نتمسك بنظام انتخابي لا يطبقه العالم؟

البرلمان
البرلمان
18 حجم الخط

 يبدو أن ملامح البرلمان المقبل قد رسمت مسبقا في مشهد يكرس لفكرة "البرلمانات سابقة التجهيز"، والتي تقصي المعارضة وتضعف التعددية السياسية، ويتجلى ذلك بوضوح في توزيع المقاعد داخل القائمة الوطنية لانتخابات مجلس الشيوخ، ثم تكرر المشهد ذاته في انتخابات مجلس النواب التي تلتئم خلال أيام، ورغم مشاركة عدد من الأحزاب السياسية في تلك القوائم، إلا أن أحزاب الموالاة حظيت بالحصة الأكبر من المقاعد، بينما جرى تخصيص عدد محدود من المقاعد لأحزاب المعارضة، وكأن المطلوب هو مجرد حضور رمزي لها لا أكثر.

هذا التوزيع غير المتوازن ينذر ببرلمان يخلو من الصوت المعارض الحقيقي، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الحياة السياسية والتعددية الحزبية في البلاد، فماذا قال قادة الأحزاب عن هذا المشهد؟

أحزاب المعارضة

 يقول المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري: إن أغلب الأحزاب المعارضة ومن بينها الوفد، والتجمع، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، توصلت إلى توافق حول ضرورة اعتماد نظام القوائم النسبية غير المشروطة في الانتخابات، ورغم هذا التوافق مضت الحكومة في تبني نظام القوائم المغلقة المطلقة، وهو ما ينظر إليه كأداة لتقييد فرص المعارضة في التمثيل، خاصة في ظل محدودية إمكانياتها المالية، مقارنة بالأحزاب المؤيدة للسلطة التي تحظى بدعم مالي كبير ينعكس بوضوح في حجم الإنفاق على الحملات الدعائية، موضحا أن النظام المقترح يتمتع بدرجة أعلى من العدالة، حيث يتيح تمثيلا أوسع للأحزاب في المشهد النيابي، سواء على مستوى البرلمان أو المجالس المحلية وغيرها من صور التمثيل السياسي.

وأشار “شعبان” إلى أن غياب الأحزاب عن تحقيق نسب مناسبة من المقاعد البرلمانية يُضعف دور المعارضة داخل المجلس، ما قد يؤثر سلبًا على جودة التشريعات التي تُناقش وتُقر داخله، مبينا أن تطبيق هذا النظام يمكن أن يضع حدا للجدل المتكرر حول ترشح بعض الشخصيات من مناطق مثل القاهرة على قوائم مخصصة لمحافظات أخرى كالصعيد، وهي ممارسات تُعد – من وجهة نظره – التفافا على التوزيع الجغرافي العادل، بهدف ضمان وصول مرشحين بعينهم إلى البرلمان.

وأكد على أن نظام القائمة المغلقة، المعمول به حاليًا في الانتخابات، يُعد انتقاصًا من إرادة الناخبين، حيث يهدر نحو 49% من أصواتهم، لأن هذا النظام يمنح الفوز الكامل للقائمة التي تحصل على 51% من الأصوات، بينما تُهدر أصوات القائمة الأخرى التي قد تحصل على 49%، دون أن تنال أي تمثيل، وهو ما وصفه بـ"غير الديمقراطي"، مضيفا أن البرلمان سابق التجهيز لا يخدم أي تجربة ديمقراطية حقيقية، لأنه يُفسح المجال أمام من يملكون المال أو النفوذ القبلي للوصول إلى مقاعد البرلمان، بغض النظر عن تمثيلهم الفعلي لرغبات المواطنين. 

“شعبان” شدد على أن من أبرز سلبيات نظام القوائم المغلقة أنه يمنح الأفضلية لأحزاب السلطة، مما يعزز من سيطرتها على البرلمان ويقلص من فاعلية دوره الرقابي والتشريعي، وهو ما ينعكس سلبا على جودة أداء المجلس، مبينا أن ما يثار حول وجود شبهة عدم دستورية أو خلل قانوني في نظام القوائم النسبية غير المشروطة لا يستند إلى أساس قانوني سليم، مشددًا على أن الدستور المصري ينص بوضوح على ضرورة تمثيل فئات مجتمعية بعينها، مثل المرأة، والشباب، والأقباط، والأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يصعب تحقيقه بشكل منصف إلا عبر اعتماد نظام القوائم النسبية غير المشروطة، منوها إلى أن الخروج من الأزمة السياسية الحالية يتطلب توافر إرادة سياسية حقيقية تسمح بتوسيع دائرة المشاركة الحزبية داخل البرلمان، باعتبار أن التعددية السياسية والتوازن في التمثيل النيابي هما من الركائز الأساسية لتطوير الحياة النيابية وتعزيز المسار الديمقراطي في مصر.

تجربة غير ديمقراطية

أما النائب ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي وعضو مجلس الشيوخ، فيرى أن البرلمان سابق التجهيز والذي يتم إعداده مسبقًا، لا يخلق بيئة ديمقراطية حقيقية داخل المجلس ولا يسهم في ترسيخ التجربة الديمقراطية، منوها إلى أن الدليل على ذلك ما شاهدناه في تشكيل القوائم، حيث تم إدراج أسماء من القاهرة في قوائم الصعيد فقط لضمان نجاحهم اعتمادًا على قوة القائمة بالكامل، مما يزيد من فرص فوزهم بالعضوية، وهو أمر غير سليم من وجهة نظره.

وأوضح الشهابي أن النظام الانتخابي الأفضل هو نظام القوائم النسبية غير المشروطة، لأنه يتيح الفرصة أمام جميع الأحزاب للحصول على تمثيل برلماني متناسب مع عدد الأصوات التي نالوها، وهو ما يؤدي إلى تنوع وجهات النظر داخل المجلس، بينما القوائم المغلقة تمنح كافة المقاعد للقائمة التي تحصل على الأغلبية البسيطة (51%)، مما يعني تجاهل أصوات 49% من الناخبين، مشيرا إلى أن معظم دول العالم تطبق نظام القوائم النسبية، متسائلًا عن سبب تمسكنا بنظام القوائم المغلقة، فالنظام المغلق يتيح للناخبين اختيار قائمة واحدة فقط، وتفوز القائمة الأعلى تصويتًا، أما النسبية فتعطي الناخب فرصة لاختيار مرشحين مختلفين، وتوزع المقاعد بحسب الأصوات التي نالها كل مرشح داخل القائمة.

أحزاب الموالاة

من جانبه يقول المهندس محمد سعيد، الأمين العام لحزب التجمع، إن ما جرى في تشكيل القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب يعكس أن تركيبة البرلمان كانت معدة سلفًا، من خلال سيطرة أحزاب الموالاة على الغالبية الساحقة من المقاعد، مع منح بعض المقاعد الرمزية لأحزاب المعارضة، وهو ما يُضعف دورها داخل المجلس، مشيرا إلى أن موقف حزب التجمع من النظام الانتخابي واضح وثابت، إذ سبق أن تقدم الحزب بمقترح متكامل لإجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة النسبية المفتوحة غير المشروطة، مؤكدًا أن الطعون الدستورية التي صدرت ضد بعض القوانين الانتخابية السابقة لم تكن بسبب طبيعة النظام الانتخابي ذاته، بل بسبب وجود خلل في آليات تطبيقه، لا سيما فيما يتعلق بالتفرقة بين الفئات والدوائر.

وأوضح سعيد أن نظام القائمة المغلقة المطلقة يتيح للناخبين الاختيار بين قوائم حزبية كاملة، وتفوز القائمة التي تحصد العدد الأكبر من الأصوات، أما نظام القائمة النسبية، فيمنح الناخب حرية اختيار مرشحين من قوائم مختلفة، ويتم توزيع المقاعد وفقًا لعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح، وقد أرفق الحزب بمقترحه نموذج محاكاة عملي لتوزيع المقاعد النسبية داخل دائرة واحدة، بما يضمن تمثيل الفئات المنصوص عليها في الدستور بشكل عادل وفعّال، مشيرا إلى أن نظام القوائم الانتخابية المغلقة يحد من التنوع داخل البرلمان فضلا عن أن هذا الأمر مكلف جدا للأحزاب التي أغلبها فقير، لأنه لزاما النزول لكل الدوائر فضلا عن أننا سبق لنا تجربة هذا النظام فى 84،87 وثبت فشله، وبالتالي نظام القائمة النسبية هو الأفضل لأنه سيمنح الأحزاب مقاعد حسب الأصوات التى حصلوا عليها، مشددا على أن نظام القوائم النسبية المغلقة تعطى الفرصة للمال السياسي للهيمنة خاصة ونحن منذ فترة يلعب المال الدور الاساسى فى الانتخابات البرلمانية.

سياسات الإقصاء 

فيما يرى الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي، أن مصر تواجه أزمة عميقة ذات تداعيات خطيرة، إلا أن مؤسسات الحكم لا تزال تصر على التعامل معها بنفس السياسات التي أدت إليها، مثل الإقصاء والاحتكار والهيمنة، مضيفا أن نظام القوائم المطلقة الذي عارضه الحزب مرارا، يعمق سيطرة السلطة والثروة على المجال السياسي، وهو نظام غير عادل يمنح الأغلبية أصوات الأقلية، ولم يعد معمولا به إلا في عدد محدود من الدول.

وأوضح الزاهد أن الدول الديمقراطية اتجهت إلى نظام التمثيل النسبي لتفادي عيوب النظام الفردي الذي يهدر تمثيل فئات واسعة من الناخبين، حيث يتيح لكل قائمة التمثيل حسب نسبة ما تحصده من أصوات، معتبرا أن هذا النظام أكثر عدالة في تمثيل مختلف أطياف المجتمع، ويفتح المجال للشباب والقوى الجديدة، ويجدد الحياة السياسية، منوها إلى أن أحد أهم مزايا التمثيل النسبي هو قدرته على مواجهة الفساد، إذ لا يجوز أن تأتي السلطة التشريعية والتنفيذية من نفس الدائرة الضيقة من أصحاب الثروة، متسائلا: “من يراقب من؟ ومن يمثل من؟”مبينا أن العوار في تشكيل القوائم الانتخابية يعكس نفس مناخ الاحتكار والإقصاء، وما يصاحبه من تربيطات واصطفاف قائم على المصالح.

وقال: إنه من المؤكد أن المال السياسى بات العنصر الحاسم، ويضاف إلى ذلك أن الإجراءات المصاحبة تكرس هذا المسار، حيث أن اشتراط سداد ٤٠ ألف جنيه للكشف الطبى والتأمين يشكل عبئا ثقيلا، إلى جانب رسوم جديدة تتعلق باللافتات والممرات، وحرمان المرشحين من التواجد فى الإعلام الرسمى، مما يجعل المجلس أقرب إلى نادي للنخبة فى بلد غالبية سكانه من الفقراء، مشيرا إلى أنه لم يتوقف الأمر هنا بل تم استبعاد مرشحين بارزين بشكل تعسفى من النظام الفردى، مثل هيثم الحريرى بالإسكندرية، ومحمد عبد الحليم بالمنصورة من التحالف الشعبى، وأحمد الشربيني عن حزب الدستور، وهذه الإجراءات مجتمعة تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية وتزيد من خطر الانفجار نتيجة غياب الرقابة الشعبية الحقيقية وانكماش دور المستقلين، رغم أن صوتهم قد يكون أملا فى إصلاح ديمقراطى سلمي، وقدرته على امتصاص الغضب من خلال تمثيل صوت المواطن فى البرلمان، والخسارة الأكبر لا تقع على حزب أو تيار بعينه، بل على مصر كلها.

وأضاف: إذا أردنا تفعيل دور الأحزاب، فلا بد من مراجعة النظام الانتخابى بإلغاء القوائم المغلقة، لما تسببه من تهميش لأصوات الناخبين، إذ إنها أداة للإقصاء وترسيخ الصوت الواحد، وإقصاء الأحزاب المعارضة، فى المقابل يتيح نظام القوائم النسبية تمثيلا أكثر عدالة لجميع الأحزاب حسب ما تحصده من أصوات، بينما يحرم النظام الحالى فئات كثيرة من التمثيل السياسي، ويمنح الأفضلية لتحالف المال والسلطة، وقد طالبنا بتعديل تشريعى ينص على إلغاء القوائم المغلقة وضمان عدالة التغطية الإعلامية لكافة المرشحين دون تمييز.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية