رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى ميلاد توفيق الحكيم.. عاش طفولة قاسية.. إنتاجه الأدبي كان غزيرا لهذا السبب.. سر فزعه من يوم الجمعة.. ونص نصيحة غالية لتربية الأطفال

الاديب توفيق الحكيم
الاديب توفيق الحكيم
18 حجم الخط

عاش الأديب توفيق الحكيم حياته مخلصا لشيء واحد هو الفن، ولم يعط أي جهد حقيقي إلا للقلم والكتابة، فبدأ الكتابة من 1918 بمسرحية الضيف الثقيل يهاجم فيها الاحتلال ليظل بعدها يكتب سبعين سنة متصلة، ففي مثل هذا اليوم 9 أكتوبر 1898 ولد توفيق الحكيم ورحل عام 1987، أي إنه عاش ما يقرب 89 عاما وقد ورث هذا العمر الطويل من أمه التي عاشت حتى تخطت المائة عام، أيضا ورث منها النظام الدقيق فقد وصفها في كتابه سجن العمر أنها كانت شديدة الصرامة.

وكما كتب عن سيرته رجاء النقاش قال: رغم أن توفيق الحكيم كان رجلا حلو الحديث خفيف الظل صاحب ذهن شديد الحيوية والحضور، فإنه من الناحية الاجتماعية شديد التحفظ ميالا إلى العزلة والانطواء حتى داخل بيته، فلم يكن يلتقى بالناس إلا في مكتبه بالأهرام وقبل ذلك في دار الكتب أو في ندوته بفندق سميراميس أو في مقهى بترو بالإسكندرية. 

لا يعرف الوقت الضائع 

لم يكن يعرف حياة اجتماعية، فلا يزور أحدا ولا يسمح لأحد بزيارته، لم يكن يسهر أبدا أو يقبل دعوات العشاء هنا أو ؛هناك ولذلك كان إنتاجه الأدبي والفني غزيرا، فلم يكن يعرف شيئا اسمه الوقت الضائع، عرف الأديب توفيق الحكيم بالبساطة في الملبس، ولا يلفت النظر إليه إلا عصاه التي كان مشهورا به والبيريه الذي كان يضعه على رأسه حتى أصبح علامة مميزة لشخصيته. 

توفيق الحكيم وسط زملائه الكتاب يرتدى البريه ويمسك بالعصا 
توفيق الحكيم وسط زملائه الكتاب يرتدى البيريه ويمسك بالعصا 

والد توفيق الحكيم هو إسماعيل الحكيم، وهو من رجال القضاء المعروفين في عصره، ينحدر من أسرة فلاحين يرث 300 فدان أتاحت لتوفيق أن يعيش طفولة مادية سهلة، لكن جاءت مشكلته في طريقة والده في تربيته التى قال عنها  في مؤلفه " قلت ذات يوم ": منعني والدي من قراءة المجلات والجرائد على اختلافها ولا يقبل مناقشة في فائدتها، وكلما أبصر في يدي مجلة مزقها، ينهاني عن مصادقة أي شاب حتى وإن كان مثقفا، يخاف علي ويرتاب من كل حركاتي، يريدني أن أعيش كعابد في صومعة لا يراني الناس ولا أراهم، يريد أن يربي ولده في بيت من زجاج.

ضرب واتهام بالغباء 

وأضاف توفيق الحكيم: عشت هذه الحياة وأنا فى الثانية عشر، كنت أرهب يوم الجمعة الذي يمضيه أبي معنا بالبيت، كان يتخير لي ما أقرأه، ويناقشني فيما أقرأه، وكان منها المعلقات السبع التي ضربت بسببها أوجع الضرب، كان يطلب مني حفظ الأبيات وشرحها وأنا في هذه السن، وكنت إذا عجزت اتهمنى بالجهل والغباء. 

الاديب توفيق الحكيم 
الأديب توفيق الحكيم 

ويحكى الأديب الكبير توفيق الحكيم ويقول: وأذكر ذات يوم قبل التحاقي بالتعليم الأميري، وكان يوم جمعة، وقد ارتدى والدي جلبابه الأبيض المنزلي يقرأ جريدته وقال لي: تعال امتحنك وناولني كتاب المعلقات السبع ـــ ـوكان يحبه ــــ وأخرج لي معلقة زهير بن أبي سلمى، وطلب مني أن أقرأها بصوت مرتفع، ولما وصلت إلى البيت الذي يقول: (ومن لم يصانع في أمور كثيرة.. يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم)، سألني عن معنى يصانع فلم أوفق في الإجابة، فصفعني على وجهي وأسال الدماء من فمي، أخذتني جدتي من يده وأنا ألعن المعلقات وأصحابها، بل ألعن الشعر كله.. وإلا كيف أن أحب الشعر وبيني وبينه دم مسفوك من فمي؟

أسباب كراهة السباحة والشعر  

يقول توفيق الحكيم: كرهت الشعر بسبب أبي، وكرهت السباحة أيضًا بسبب أبي، ذلك أنه في يوم أراد أن يعلمني العوم في الإسكندرية ذات صيف فلم يفعل سوى أن جذبني من يدي إلى حيث يسبح هو في الأعماق دفعة واحدة، ولما أحسست القاع بقدمي ارتعت ارتياعا شديدا، فلم يكن في الإسكندرية في ذلك الوقت بلاجا.. قذفني الموج على الرمال، ومن يومها وأنا لا أعرف البحر إلا وحشا يفترسني.

واقعة أخرى يتذكرها توفيق الحكيم منذ سنواته الأولى فيقول: عرفت زميلا كان يلعب معي أيام العطلة، يوم جمعة جاء إلى منزلنا بشارع الخليج المصري يحمل نفيرا كبيرا من مكسورات فونوغراف قديم، صرنا نلعب به، وإذا بوالدي يقبل علينا في طريق خروجه متكئا على عصاه، فلما رأى زميلي ــــ وكان يصغرني في السن والجسم ــــــ قال له: أنت مع الولد توفيق في الفصل؟ أجاب زميلي بالإيجاب. فسأله هل توفيق مجتهد؟ فما كان من زميلي وصديقي الذي كنت ألاعبه منذ لحظة ويلاعبني بكل صفاء وهناء، إلا أنه قال بكل بساطة: هو بليد لكن أنا شاطر.

علقة ساخنة ظلما 

عندئذ لم أشعر إلا وعصا والدي قد رفعت في يده لتنهال على جسدي دون سؤال أو تحقيق، ففررت جاريا عاريا واختبأت تحت سريري وتبعني والدي بالعصا وهو يصيح (يا خايب يا تمبل والله لأوريك)، سمع صِياحه من في البيت وأقبلت والدتي وجدتي تسألان عن الخبر، فقال الولد الأصغر منه شاطر، وهو خايب ومش نافع وانحنى يبحث عني بعصاه تحت السرير.

يصف توفيق الحكيم الموقف ويقول: كنت أبصر طرف العصا يلاحقني فأتفاداه وأنا أرتعد من الخوف، ولم أزرف دمعة، ولم أصدر شهقة.. فقد جمدت الرهبة والدهشة كل مشاعري، ولم أبكِ إلا بعد أن ابتعد عني والدي خارج الحجرة، بكيت لشعوري بالظلم وجاء امتحان آخر العام للنقل إلى السنة الثانية فإذا أنا أنجح منقول بتفوق وإذا زميلي من الساقطين الراسبين، وعجب والدي واعترف أنه ظلمني في ذلك اليوم.

دع ابنك وسنه 

وانتهى الأديب توفيق الحكيم من حكايات طفولته وخلاصة تجاربه بنداء إلى الآباء يقول فيه: دع ابنك وسنه، ولا تضعه فى بيت من زجاج.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية