رئيس التحرير
عصام كامل

علاء الصادق يكشف مخاطر التشغيل المنفرد لسد النهضة على مصر والسودان.. ويضع استراتيجية فنية وسياسية للتعامل مع المخاطر الآنية.. ويطالب باتفاق ملزم بقواعد تشغيلية مرنة تستجيب لتقلبات المناخ

الدكتور علاء عبد
الدكتور علاء عبد الله الصادق
18 حجم الخط

كشف الدكتور علاء عبد الله الصادق رئيس مجلس أمناء بنك المياه المصري، عن المخاطر الحالية التي يهدد بها سد النهضة الإثيوبي مصر والسودان بصفتها دلوقتي المصب، خاصة مع التحذيرات الأخيرة الصادرة عن وزارة الزراعة والري السودانية بتاريخ 25 سبتمبر 2025 والتي حذرت فيها السلطات المواطنين على ضفاف النيل من ارتفاع حاد في معدلات تصريف سدّ النهضة، حيث بلغ معدل التصرف حوالي 635 مليون متر³ يوميًا، مقابل متوسط يقارب 350 مليون متر³ في نهاية سبتمبر عادةً — أي بزيادة مقدارها 285 مليون متر³ يوميًا (ما يعادل زيادة نسبتها ≈ 81.4%).

وأكد الصادق أنه في الوقت نفسه تجاوز منسوب النيل الأزرق عند الخرطوم منسوب الفيضان (16.5 م) وسجل 16.64 م، مع توقع وصوله إلى 16.80 م خلال الساعات التالية، وفعلا زاد التصرف إلى 750 مليون متر مكعب فى الأيام التالية، هذه الأرقام تعكس واقعا هيدرولوجيًا استثنائيًا، وطرحًا سياسيًا وقانونيًا واقتصاديًا يستوجب قراءة تحليلية متأنية.

البعد الهيدرولوجي والتشغيلي

الزيادات الكبيرة في التصريف تعني وصول أحجام مياه إضافية كبيرة إلى بحيرة ناصر (السد العالي) ومرافق إدارة المياه في مصر والسودان خلال فترة زمنية قصيرة، إدارة هذه الموجات المائية تتطلب قدرة تخزينية وتنظيمية ومرونة تشغيلية عالية لتقليل الأضرار (تخزين جزئي، فتح منافذ تصريف محكومة، إدارة سدود خلفية وأنظمة صرف زراعي). 

أما في حالة غياب التنسيق المسبق بين دول الحوض، فإن التذبذب المفاجئ في معدلات التصريف يزيد من صعوبة اتخاذ قرارات تخفيفية فعّالة، ما يعرض منشآت حيوية ومحاصيل مزارعين لمخاطر مباشرة.

وقال إن التأثيرات الزراعية والاقتصادية والاجتماعية غمر مساحات زراعية منخفضة أو بنى تحتية ريفية يمكن أن يؤدي إلى خسائر مباشرة في المحاصيل، وتلف شبكات تصريف، وتأخير موسم الزراعة المقبل بسبب تغطية الأراضي بطبقات طينية أو ملوّثة أو بقاء مياه راكدة، تكلفة الاستجابة للطوارئ، إجلاء، تأمين مقاوم للفيضانات، تعويضات، تُثقل كاهل الميزانيات المحلية وتنعكس على الأمن الغذائي والسوق المحلية. كذلك، قد تتعرض الطرق والأنفاق وخطوط نقل الطاقة لاضطرابات تزيد من تكلفة التعافي الاقتصادي.

 

الأبعاد السياسية والدبلوماسية

وكشف أن الأحداث الراهنة تؤكد أن قضية السدّ ليست مسألة تقنية محضة بل قضية سيادة واستراتيجية، التشغيل الأحادي للسد، أو حتى قرارات تشغيل المتغيرة دون إعلام أو تنسيق، يزيد التوتر السياسي بين دول الحوض. في ظل هذا الواقع، تصبح الدعوات إلى آليات إدارة تشاركية ملحة: ليس فقط للتعامل مع سنوات الجفاف بل كذلك للحد من مخاطر الملء والتشغيل في سنوات الفيضانات. عدم وجود آلية تشغيلية ملزمة وشفافة يقوض قدرة المؤسسات الإقليمية.

 

القانون الدولي للمجاري المائية العابرة

ولفت إلي أنه من منظور القانون الدولي للمجاري المائية العابرة، ثمة مبادئ أساسية قابلة للاستخدام كمرجع: الاستخدام العادل والمعقول، واجتناب الإضرار الجسيم، والتشاور وإشراك الدول المتأثرة. هذه المبادئ تشكل قاعدة قانونية وسياسية لمطالبة دول الحوض بآليات تبادل بيانات وتشغيل مشترك. الخيارات القانونية المتاحة للدول المتضررة من تفاوض، وساطة، تحكيم، أو اللجوء إلى محاكم دولية، لها كلفة زمنية وسياسية وقانونية، لذلك يظل التفاوض الفعال والتأطير الإقليمي الآجل الخيار الأكثر واقعية لتفادي التصعيد.

ووضع صادق عدد من السيناريوهات البديلة للتعامل مع مخاطر تصرف سد النهضة أولها سيناريو قصير الأجل (72 ساعة)، وذلك عبر تفعيل قنوات الاتصال العاجلة مع وزارة الري السودانية لرصد ومشاركة البيانات، وتعزيز إجراءات الإنذار المبكر للسكان القاطنين على ضفاف النيل والتشغيل المرن للسد العالي لتخفيف الموجات المائية.

أما السيناريو متوسط الأجل (30 يوما)، فهو تشكيل لجنة طوارئ ثلاثية (مصر–السودان–إثيوبيا) بإشراف الاتحاد الأفريقي لتنسيق التصريف، وإعداد خطة عاجلة لدعم شبكات الصرف الزراعي في المناطق المعرضة للغمر، واستخدام أدوات التمويل السريع (من صناديق إقليمية/دولية) لتعويض المتضررين.

فيما قال إن هناك سيناريو طويل الأجل (6 أشهر) عبر التفاوض على بروتوكول تشغيل مؤقت ملزم خلال مواسم الفيضان والجفاف، إنشاء آلية دائمة لتبادل البيانات الهيدرولوجية بين الدول الثلاث، ووضع خطة مشتركة لتقوية البنية التحتية (سدود فرعية – مصارف – منشآت حماية)، وتحريك ملف قانوني ودبلوماسي مدعوم بخبراء دوليين لتعزيز الالتزام بمبادئ القانون الدولي.

وأضاف كذلك يتضمن السيناريو: إعلان نوايا مشترك بين مصر والسودان يطالب بتشغيل منسق وفوري، دعوة إثيوبيا لاجتماع فني عاجل تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وتشكيل لجنة خبراء دولية محايدة لدراسة أثر التصريف غير المنسق، وإعداد ورقة ضغط دولية تشارك فيها البنوك الإقليمية (مثل البنك الإفريقي للتنمية) لتقييد التمويل المستقبلي بآليات تشغيل منصفة.

توصيات فنية وسياسية عاجلة

إطلاق آلية طوارئ ثلاثية من مصر  والسودان وإثيوبيا تحت مظلة إفريقية أو دولية تتضمن بروتوكول تبادل بيانات فوري (معدلات الملء، التصريف، حالات الطقس) ونموذج تشغيل للفيضانات.

إنشاء نظام إنذار مبكر إقليمي متكامل يعتمد على رصد أمطار حوض النيل العليا وتوقعات هيدرومترولوجية مشتركة وتوزيع فوري للمعلومات إلى الجهات المحلية والمزارعين.

وضع قواعد تشغيل مؤقتة تُبين حدود قصوى ومتعادلة لتصريف المياه في مواسم الفيضانات، وتضع آليات تعويض وإعادة تأهيل للمناطق المتأثرة.

تعزيز البنية التحتية لخفض الضرر: تقوية السدود الثانوية، تحسين شبكات الصرف، تجهيز مرافق استقبال الفيضانات في مناطق الحيازات الزراعية حساسة.

تفعيل دور مؤسسات دولية ومحايدة (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، البنوك الإقليمية) لتقديم وساطة فنية وتمويل مشاريع إعداد البنية التحتية والتعويضات.

رؤية استراتيجية طويلة المدى

التحدي الحقيقي هو تحويل إدارة الموارد المائية عبر الحوض من منطق الأحادية إلى منطق الشراكة المؤسسية.

هذا يتطلب اتفاقًا ملزمًا على قواعد تشغيلية مرنة تستجيب لتقلبات المناخ (فيضانات وجفاف)، وإنشاء آلية تمويل للتكيّف والتعويض، وبرامج مشتركة للتخطيط الزراعي المقاوم للمخاطر.

نجاح مثل هذا التحول لن يحمي فقط موارد مصر والسودان بل سيحقق فوائد على مستوى التنمية المستدامة لإثيوبيا نفسها من خلال إدارة مخاطر أفضل وتقاسم فوائد المياه والكهرباء بشكل أكثر عدالة.

وتابع: ما نراه هذه الأيام يذكرنا أن مخاطرة السد ليست أمرًا أحاديًا البعد، فهي فنية، اقتصادية، إنسانية وسياسية في آن واحد، ويجب أن يتحول التوجه من الاتهام المتبادل إلى تصميم آليات تشغيلية ومؤسساتية ملزمة تحفظ الحقوق وتخفف المخاطر، ولا يجوز أن تكون إدارة موارد حيوية كالمياه رهينة الحسابات الأحادية لإثيوبيا؛ لأن ثمن اللا تنسيق يدفعه المزارع، والبنية التحتية، وحياة المواطنين على ضفاف النيل أولًا وأخيرًا.

الأزمة الحالية تكشف أن مخاطر سد النهضة لا تقتصر على سنوات الجفاف، بل تمتد أيضا إلى أسلوب الملء والتشغيل، التعامل مع الأزمة يتطلب تحركًا عاجلًا (سيناريو 72 ساعة)، خطة دعم متوسطة الأجل (30 يوما)، وإطارًا تفاوضيًا طويل المدى (6 أشهر).

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية