رئيس التحرير
عصام كامل

ولد الهدى (الحلقة الثالثة عشرة)، الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم

الصادق المصدوق، صلى
الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم، فيتو
18 حجم الخط

 في شهر ربيع الأول، أشرقت الدنيا بنور النبوة، ووُلد خير من وطِئ الثرى، سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك الميلاد الذي لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان بداية لفجر جديد أضاء ظلمات الجاهلية، وأعاد للإنسانية رشدها، وأرشدها إلى صراط الله المستقيم.

في هذه السلسلة المباركة، نتفيأ ظلال السيرة العطرة، ونستعرض بعضًا من مناقب الحبيب المصطفى، وصفاته الخُلُقية والخَلقية، وشمائله التي مدحها رب العالمين، وأثنى عليها السابقون واللاحقون من أهل الإيمان.

تجلى الصدق في شخصية سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فلو كان الصدق رجلًا، لكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

كان سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، صادقا في جميع حركاته وسكناته، صادقًا في كل ما يتفوَّه به؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَأُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَتَكَلَّمُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، قَالَ: فَأَمْسَكْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: "اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ".

الله يشهد بصدقه

لقد شهد ربِّ العالمين بصدق الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال الله تعالى مزكيًا له، صلى الله عليه وآله وسلم: "وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون" (الزمر: 33).   
وصدق الله عز وجل، حين قال عنه، صلى الله عليه وسلم: "بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِين" (الصافات: 37).. وقال سبحانه: "مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى" (النجم:2- 4).  

وعَن عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ............... (إلى) قَالَ: فَجِئْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُونِي حَتَّى ذَهَبَ عَنِّي الرَّوْعُ فَقُلْتُ: "يَا خَدِيجَةُ مَا لِي؟ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَى عَلَيَّ فَقَالَتْ: أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقَ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.

الأعداء يشهدون له بالصدق

وعُرف سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، منذ نعومة أظفاره بالصادق الأمين، واشتَهر ذلك بين الصغير والكبير، فلم يُجرب عليه كذبٌ قط.
عندما أمر الله تعالى نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم، أن يجهر بالدعوة، أراد بفطنته، صلى الله عليه وسلم، أن ينتزع منهم قبل إخبارهم بأمر الرسالة الشهادةَ له بالصدق في القول والعمل؛ ليقيم عليهم الحجة من أنفسهم؛ فسألهم: "أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟"، قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ" (المسد: 2).  

وشهد أبو سفيان بن حرب، قبل أن يعلن إسلامه، لسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، عندما سأله هرقل عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: عن سؤال هرقل لأبي سفيان: "....... فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ.........."، وفي آخر القصة يقول هرقل لأبي سفيان: "وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ: لَا، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعِ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ.......".

وشهد له كذلك أبو جهل، بالصدق في دعوته ورسالته، وهو ألد أعداء سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، الذي حاربه وحاول قتله أكثر من مرة، وألَّب عليه صناديد قريش، وما منعه من الإيمان به إلا الكبر والحسد.
سأل المِسْورُ بنُ مَخْرمة، وهو ابنُ أختِ أبي جهل، أبا جهل: يا خالي، هل كنتم تتَّهِمون مُحَمَّدًا بالكذِب قبلَ أن يقولَ ما قال؟ فقال: يا بنَ أختي، واللهِ لقد كان محمدٌ فينا وهو شاب يُدعَى الأمين، فما جرَّبنا عليه كَذِبًا قطُّ، قال: يا خال، فما لكم لا تتَّبعونه؟! قال: يا بن أختي، تنازَعْنا نحن وبنو هاشم الشرفَ، فأطعَموا وأطعَمْنا، وسَقَوا وسَقَيْنا، وأجارُوا وأَجَرْنا، حتى إذا تجاثَيْنا على الرُّكَب - وكنَّا كفَرَسَيْ رهانٍ - قالوا: مِنَّا نبيٌّ، فمتى نُدرِك مثلَ هذه؟.
وروي أن الأخنسُ بنُ شريق، سأل يومَ بدرٍ أبا جهل: يا أبا الحكم، أخبِرْني عن محمدٍ، أصادِقٌ هو أمْ كاذبٌ، فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرُك يسمعُ كلامنا؟ فقال أبو جهل: وَيحك! واللهِ إن محمَّدًا لصادق، وما كَذَب محمدٌ قط، ولكنْ إذا ذهبتْ بنو قُصَي باللواءِ والحِجابةِ والسِّقايةِ والنُّبوَّة، فماذا يكون لسائِر قريش؟.

صدقه في المزاح

وحتى في المزاح، لم يكذب رسول الله قط، فعن بهْز بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "وَيْلٌ لِمَنْ يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ؛ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ".
فقد كان، صلى الله عليه وسلم، يَمزح مع أصحابه، ولكن لم يكن يقول إلا صدقًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَمْزَحُ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا".  

ومن دعابته ومزاحه، صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْمِلْنِي، قَالَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ"، قَالَ: وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ"؟.
حتى الإشارة بالعين لم يَرضها، صلى الله عليه وآله وسلم، أن تكون خائنة، ففي الحديث عن مُصعبِ بن سعْدٍ عن سعْدٍ، قال: وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ، قَالُوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ". 


وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَالْبِرُّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَالْفُجُورُ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". 
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ثلاث مَن كُنَّ فيه كان منافقًا: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان".   
وعَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا أَوْعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ".
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية