رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة الرعاية المركزة تضاعف أوجاع المرضى.. فاتورة أسبوع في مستشفى خاص تتجاوز ربع مليون جنيه.. والصحة: خفض مدة الانتظار بحثًا عن سرير لـ13 ساعة بدلًا من 26

الرعاية المركزة
الرعاية المركزة
18 حجم الخط

نعمة، سيدة تبلغ من العمر 70 عامًا، فجأة تعرضت لحالة إغماء وعدم قدرة على الحركة، فسارع أهلها بنقلها إلى أقرب طوارئ بمستشفى حكومي، وبعد الكشف عليها وإجراء الأشعة والفحوصات اللازمة تبين إصابتها بجلطة فى المخ وتحتاج إلى سرير رعاية مركزة بشكل عاجل، إلا أن طبيب الطوارئ أكد لأهل المريضة عدم وجود سرير رعاية مركزة فى المستشفى، وطالبهم بالبحث عن سرير فى مكان آخر. ظل أبناء المريضة يبحثون فى المستشفيات القريبة دون جدوى، فنصحهم البعض بضرورة إبلاغ الخط الساخن لطوارئ وزارة الصحة (١٣٧)، طلبوا من طبيب المستشفى إبلاغ الخط الساخن، وظلوا على قائمة الانتظار ساعات طويلة دون توفير سرير، حتى لجأ الأهل إلى مركز رعاية مركزة خاص قريب من المستشفى لحجزها به، ولكن بعد أن تمكنت منها جلطة المخ وتسببت فى حدوث شلل تام.

مئات المرضى يوميًا فى أقسام الطوارئ بالمستشفيات بجميع المحافظات يحتاجون إلى الحجز داخل سرير رعاية مركزة لإنقاذهم من الموت، فجميع الحالات التى تُحجز داخل سرير رعاية هى حالات حرجة قد تتوفى فى أى لحظة.

سواء كان المريض مصابًا بجلطة فى المخ أو جلطة فى القلب، أو مريض سرطان تمكّن المرض من كل أعضاء جسمه، أو مريض كبد وصل لمرحلة متدهورة من الفشل الكبدى مع حدوث غيبوبة كبدية مستمرة، أو مريض سكر تأثرت كل أعضائه بمضاعفات المرض، أو مصابين فى حوادث أصيبوا بنزيف فى المخ، وكذلك مرضى العمليات الجراحية الكبرى؛ جميعهم يحتاجون إلى سرير رعاية مركزة نتيجة خطورة الحالة التي تتطلب رعاية صحية مكثفة ومتابعة دقيقة ومراقبة العلامات الحيوية للمريض، حيث يتوفر بسرير الرعاية أجهزة تنفس صناعي، وشاشات لمتابعة العلامات الحيوية، وأنابيب تغذية، وقساطر.

زيارة مفاجئة لأى قسم طوارئ بمستشفى حكومى تكشف وجود عدد من مرضى الحالات الحرجة ينتظرون سريرًا فارغًا فى المستشفى أو توجيههم لأى مستشفى آخر، منهم من ينتظر مدة تصل إلى ٣٦ ساعة أو أكثر، وأحيانًا يتسبب وقت الانتظار فى تدهور حالته الصحية وحدوث مضاعفات قد تصل إلى الوفاة.

ويواجه هؤلاء المرضى صعوبة شديدة فى سرعة توفير سرير رعاية فى مستشفى حكومي، فيضطرون إلى الذهاب إلى المستشفيات الخاصة التى توفر السرير للمريض فى لحظات، لكنها تستغل الأزمة وتطلب من أهل المريض مبالغ باهظة لحجزه، وعند إقامته لمدة أسبوع قد تصل الفاتورة إلى أكثر من ١٠٠ ألف جنيه إذا كان المستشفى خاصًا فى منطقة شعبية، بينما فى كبرى المستشفيات الخاصة قد تتجاوز الفاتورة ربع مليون جنيه فى أسبوع واحد.

“فيتو” تسلط الضوء على أزمة توفير أسرة الرعاية المركزة، وهى مشكلة متجددة لا تنتهي، حيث كشف أطباء الرعاية المركزة أن العجز المستمر لا يتعلق بعدد الأسرة فقط، وإنما أيضًا بتشغيلها، وبالعجز فى الكوادر البشرية المتخصصة.

بدوره، أكد الدكتور محسن عزام، استشاري الرعاية المركزة وعضو مجلس نقابة الأطباء سابقًا، أنه وفقًا للإحصائيات العالمية، فإن الطبيب المقيم من المفترض أن يتابع فى المتوسط 8 مرضى رعاية فقط، بينما الواقع الحالى يجبره على متابعة ما يصل إلى 36 مريضًا في آن واحد نتيجة عجز الأطباء، وهو ما يتجاوز قدرة الطبيب ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة الطبية، مشيرا لـ”فيتو” إلى أن هناك معايير عالمية تحدد عدد المرضى الذين يمكن للطبيب متابعتهم داخل وحدات الرعاية، إلا أن النقص الحاد فى الكوادر الطبية جعل الشباب يعزفون عن هذا التخصص، خاصة فى ظل غياب أي حوافز مادية.

وأوضح أن مريض العناية المركزة يكون غالبًا فى مرحلة حرجة، معرضًا للوفاة، مصابًا بنزيف أو جلطة، ما يضع الطبيب تحت ضغط عصبى ونفسى هائل، وتزيد الأزمة مع طبيعة نوبات العمل الطويلة التى قد تمتد 48 إلى 72 ساعة متواصلة، نتيجة العمل فى القطاعين الحكومى والخاص معًا لتغطية الاحتياجات المادية، وهو ما يدمر نمط حياة الأطباء، مضيفا: طبيعة التخصص نفسه مرهقة ومدمرة للأعصاب، إذ يتعامل الطبيب بشكل يومى مع حالات قد تنتهى بالوفاة، دون أن يجد فرصة حقيقية للراحة.

وأشار إلى أن أطباء الرعاية لديهم فرص للسفر للعمل بالخارج، ولكن سفرهم يسبب عجزًا كبيرًا؛ فهم ثروة بشرية يجب أن تعمل الدولة على الحفاظ عليها، نظرًا لصعوبة تدريبهم وحجم المجهود المبذول فى تأهيل طبيب رعاية مركزة متميز، مؤكدا  أن أزمة أسرة الرعاية ترجع لتكلفتها العالية، حيث تحتاج إلى أطباء من تخصصات مختلفة، وأجهزة أشعة، وفريق بشرى مدرب لخدمة المريض على مدار الساعة، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على المستشفيات.

وتابع حديثه بأن المستشفيات الحكومية الاقتصادية تطلب من أهل المريض دفع ما لا يقل عن 10 آلاف جنيه لحجز سرير لحين صدور قرار على نفقة الدولة أو من التأمين الصحي، كاشفا عن أن السبب فى ارتفاع أسعار خدمات الرعاية المركزة فى المستشفيات الخاصة هو أن الهدف الأساسى للمستشفى هو تحقيق الربح، ومع ارتفاع تكلفة الخدمة فى الرعاية تصبح الأسعار مرتفعة، ولا تستقبل المستشفيات الحالات إلا بعد دفع مبالغ مالية ضخمة.

وكشف عن أن بعض فرق التمريض ترفض العمل فى الرعاية المركزة نظرًا لمشقتها، وتقديم خدمة كاملة للمريض، فهو مريض لا يتحرك ولا يجد من يساعده، وكثيرًا ما يضطر أهل المريض للدخول إلى الرعاية لإجراء خدمات تخص نظافته الشخصية.

وعن نسب الوفيات داخل أسرة الرعاية المركزة، أكد استشاري الرعاية أن المكان الطبيعي للحالات الحرجة هو إما سرير الرعاية المركزة أو قسم الطوارئ، وهى أماكن الوفاة الطبيعية نظرًا لخطورة الحالة، مشيرا إلى وجود دراسات تجرى لتحديد نسب الوفيات فى أى وحدة رعاية مركزة للتأكد من توافقها مع المعايير العالمية، وإذا تجاوزت المستشفيات هذه النسب تُفتح دراسات لبحث الأسباب.

وأوضح أن الطبيب عند استقبال مريض جديد بالرعاية يجرى له تقييما متكاملا يشمل نسبة الوفاة المتوقعة ومدة البقاء فى القسم، إلا أن ضغط الأعداد الكبير لا يسمح للطبيب بشرح كل التفاصيل لأهل المريض، ما يتسبب أحيانًا فى فقدان الثقة بين المريض وذويه من جهة والأطباء من جهة أخرى، مؤكدا أنه أمام هذه التحديات، يلجأ عدد كبير من الأطباء إلى تخصصات أسهل مثل الجلدية أو التغذية، كما أكد وجود بعض السماسرة فى القطاع الحكومى يلعبون دور الوسيط لتحويل المرضى إلى القطاع الخاص فى حالة صعوبة توفر مكان حكومى للرعاية المركزة.

فيما أكد مصدر مسئول بوزارة الصحة أن خدمات الرعاية المركزة تواجه معدلات طلب مرتفعة مع كثرة عدد المرضى الذين يحتاجون إلى الحجز فى سرير رعاية مركزة، وفى عام واحد فقط من 2024 حتى 2025 زادت نسبة الطلب على أسرة الرعاية المركزة بنسبة 16.32%، مشيرا فى تصريحات خاصة لـ”فيتو” إلى أن عدد طلبات أسرة الرعاية المركزة يتجاوز نصف مليون طلب فى عام واحد، ويتم تسكين كل هؤلاء المرضى فى مستشفيات وزارة الصحة، إما داخل المستشفى التى طلبت سرير رعاية مركزة وهى النسبة الأكبر، أو يتم تحويلهم إلى مستشفيات أخرى من خلال الخط الساخن 137.

وأوضح المصدر انخفاض مدة انتظار المرضى لإيجاد سرير رعاية مركزة إلى 13 ساعة فقط، وهي مدة قصيرة مقارنة بمدد الانتظار الموجودة فى الأعوام الماضية والتى تصل لأكثر من 26 ساعة، مشيرًا إلى أنه وفقًا للإحصائيات العالمية فإن متوسط مدة الانتظار فى الرعاية المركزة بدول متقدمة يتراوح بين 12 و24 ساعة، ورغم زيادة عدد السكان فإن وزارة الصحة قللت مدة انتظار المرضى لتقارب النسب العالمية.

وأوضح أن المعدلات العالمية لتوفير أسرة رعاية مركزة هى سرير لكل 7 آلاف مواطن، مختتما أن عدد أسرة الرعاية المركزة فى مصر موزع ما بين مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية والخاصة، وبلغ عدد الأسرة بمستشفيات وزارة الصحة 9 آلاف و988 سرير رعاية مركزة، مع إضافة 362 سريرًا للكبار خلال العام المالى 2024.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية