رئيس التحرير
عصام كامل

معركة جالديران، شرارة إشعال النار في الشرق الأوسط منذ 5 قرون

سليم الأول، فيتو
سليم الأول، فيتو
18 حجم الخط

في صيف عام 1514، دوّت مدافع السلطان العثماني سليم الأول في سهل جالديران قرب تبريز، لتعلن لحظة فاصلة في تاريخ المشرق الإسلامي. لم تكن المعركة حدثًا عابرًا، بل نقطة انعطاف كبرى بين قوتين ناشئتين على أنقاض عالم إسلامي يتفتت بعد سقوط بغداد في يد المغول ثم تراجع المماليك.

 

سر الصراع بين العثمانيون والصفويون

العثمانيون انطلقوا من الأناضول الغربية في أواخر القرن الثالث عشر أسّسوا دولتهم على فكرة التوسع العسكري والتنظيم الصارم، ورفعوا شعار حماية الخلافة السنية منذ أن بدأوا التمدد شرقًا وغربًا. 

على الضفة الأخرى وُلدت الدولة الصفوية في مطلع القرن السادس عشر بقيادة إسماعيل الأول، الذي حوّل حركة صوفية صغيرة في أردبيل إلى كيان سياسي مذهبي يتبنى التشيع الاثني عشري ويضعه أساسًا لهويته ونفوذه.

الخلاف بين الطرفين لم يكن مذهبيًا فقط، بل جيوسياسيًا بامتياز. فالصفويون سعوا إلى مد سيطرتهم على أذربيجان والعراق لربطهم بعمق فارسي ممتد، بينما رأى العثمانيون في ذلك تهديدًا مباشرًا لطموحهم بالسيطرة على المشرق وتأمين طرق التجارة والحدود الشرقية. 

ومع تصاعد التوتر، انحاز أنصار كُثر لكل جبهة: القبائل التركمانية والشيعية دعمت إسماعيل الصفوي، بينما وجد سليم الأول دعمًا من شرائح سنية واسعة ومن أمراء الأناضول الذين خشوا على مواقعهم من النفوذ الصفوي.

 

كيف انفجر الصراع بين العثمانيين والصفويين؟

انفجر الصراع في جالديران. الجيش العثماني جاء بأعداد ضخمة ومدفعية حديثة، بينما اعتمد الصفويون على فرسانهم المشهورين بالاندفاع والشجاعة. 

لكن المدافع قلبت موازين المعركة سريعًا، فسقط آلاف القتلى من جيش إسماعيل، ودخل العثمانيون تبريز ليعلنوا سيطرتهم على عاصمة الصفويين ويفرضوا واقعًا جديدًا في المنطقة.

تداعيات النصر العثماني كانت بعيدة المدى. فقد فتح الباب أمام سيطرة سليم الأول على مناطق واسعة من عراق العجم وأذربيجان وكردستان وشمال عراق العرب، وأضعف المشروع الصفوي في سنواته الأولى. 

كما هيأ الطريق لاحقًا لمواجهة العثمانيين مع المماليك في مصر والشام، وهو ما انتهى بضم تلك المناطق تحت الراية العثمانية بعد سنوات قليلة. مصر آنذاك كانت في قلب المشهد؛ إذ أن تراجع قوة المماليك أمام العثمانيين كان نتيجة مباشرة لرسوخ أقدام سليم الأول في الشرق بعد جالديران.

أما الامتدادات الحالية لذلك الصراع، فهي لا تخطئها العين. فالدولة التركية الحديثة ترى في نفسها الوريثة المباشرة للعثمانيين، بينما ينظر كثيرون إلى إيران باعتبارها الامتداد الطبيعي للدولة الصفوية، بتركيبتها المذهبية والجيوسياسية. 

وما تزال الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط محكومة إلى حد كبير بظلال ذلك الصراع القديم بين إسطنبول وتبريز، الذي ترك بصمته على توازنات القوى، وعلى الانقسام المذهبي الذي لم يزل يلقي بظلاله حتى اليوم.

يمكن القول أن جالديران لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت إعلانًا بأن الشرق الأوسط منذ خمسة قرون وما بعدها يُعاد تشكيله على وقع التنافس بين مشروعين: مشروع يرفع راية الوحدة العثمانية، وآخر يرسخ الهوية الصفوية، وما بينهما شعوب وأراضٍ تظل شاهدة على أن التاريخ لا يمر دون أن يترك ندوبًا طويلة الأمد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية