إعلامنا بين بطالة خريجيه والتوسع في الكليات والأقسام! (1)
في ظل ما تواجهه الدولة المصرية من طوفان الشائعات والاتهامات تتجه الأنظار إلى إعلامنا وأحواله التي لا تسر، ونتساءل: كيف وصل لهذا الضعف والتردي في التأثير والانتشار؟! الأسباب كثيرة، لكن سيظل أهمها في رأيي غياب المهنية والتخصص..
فبينما يعاني خريجو كليات الإعلام وأقسام الصحافة من البطالة نظرًا لتشبع سوق العمل ومحدودية الفرص المتاحة بوسائل الإعلام المختلفة، واكتساح السوشيال ميديا أو الإعلام البديل للمجال، أما من من نجح منهم في نيل وظيفة إعلامية أو صحفية وعمل بتخصصه فإنه وقع بين مطرقة انحسار هامش الإبداع وجرأة التناول للقضايا وسندان التردي المادي لضعف الأجور وتدنيها، حتى لم تعد أغلبية أهل المهنة قادرة على تلبية احتياجاتها المادية فانحدرت لقاع الطبقات الاجتماعية!
أهم أسباب غياب المهنية وتراجع تأثير الإعلام في رأيى يرجع للتوسع غير المحسوب في أقسام وكليات الصحافة والإعلام، فبينما خضعت الدفعات الثلاث الأولى (وتحديدًا سنوات 75، و76، 1977) معهد الإعلام بجامعة القاهرة والذي كان بديلًا متطورًا ومتكاملًا لقسم الصحافة والإعلام بآداب القاهرة، قبل أن يتحول إلى كلية إعلام القاهرة..
خضع هؤلاء الطلاب لامتحانات تحريرية ومقابلات شخصية فضلًا عن حصولهم على المجموع المطلوب للقبول بالمعهد، لقياس مدى أهليتهم وقدراتهم ورغبتهم في تحمل مسئولية مهنة البحث عن المتاعب، وهو ما أفرز خريجين متميزين صاروا ملء السمع والبصر في الإعلام والصحافة وفي الحقل الأكاديمي ذاته.
لكن فجأة ودون مقدمات وبعد 3 سنوات تغير إسم معهد الإعلام إلى كلية إعلام القاهرة، وصار القبول به يخضع لمكتب التنسيق، وجرى التوسع في أقسام الصحافة والإعلام بمختلف كليات الآداب بالجامعات في شتى أنحاء مصر..
حتى ازدحمت الأقسام بالخريجين وليت الأمر توقف عند هذا التوسع غيرالمحسوب، بل جرى فتح تعليم مفتوح لدراسة الإعلام يقبل حتى خريجي الدبلومات الفنية، ناهيك عن التوسع في أقسام الإعلام والصحافة بالجامعات الخاصة والأهلية التي اكتظت هي الأخرى بجحافل خريجين يفوق عددهم ما يتاح من فرص عمل إعلامية أضعافًا مضاعفة..
ناهيك عن تصدر غير المتخصصين للشاشات والمنابر الإعلامية وحرمان أهل التخصص من فرص مستحقة لهم!!
باختصار صارت الصحافة والإعلام مهنة من لا مهنة له، أو مجرد "أكل عيش"، ولم يعد هناك متسع للرأي والرأي الآخر ولا هوامش إبداع كانت موجودة حتى وقت قريب، فانصرف الجمهور عنهما، حتى برامج التوك شو التي كان بعضها جيدًا يلقى تفاعلًا من الناس انسحب عنه البساط في وقت تحتاج الدولة لمساندة المواطن لها في أوقات الشدة، التي تهب فيها رياح الشائعات والتشكيك من كل جانب..
ولو كانت هناك برامج حقيقية يقدمها كوادر ذات مصداقية وصدق لنجحت في صد الهجمات عن الدولة.. فماذا قدم الإعلام في الأزمات.. وماذا نفع إعلام الصوت الواحد.. وهل أفاد المهنة ما وقع من توسع في كليات وأقسام الإعلام أم أضرها؟!
ما يحدث هذه الأيام في أروقة المهنة أعادني لبداية مشواري مع صاحبة الجلالة وتحديدًا مع جريدة الجمهورية، التي شهدت كفاحي على مدى 45 عامًا، مرت بحلوها ومرها بنجاحها وعثراتها.. عاصرت فيها الكثير والكثير من الأحداث والأشخاص والمواقف والتحولات الكبرى..
رأيت من تلون ومن نافق.. من أخلص ومن كافح في بلاط صاحبة الجلالة التي لم تبخل علينا ولم يتوان عن البذل والعطاء ما وسعنا الجهد.. رأيت شلة المنتفعين في كل عصر الذين يلتفون حول المسئول -أي مسئول في أي موقع- ما دام في منصبه..
وتتكرر للأسف الأخطاء ذاتها وكأن هذا المسئول لم يتعظ بما صار إليه من سبقه ولا بما جرى لغيره، وكأنه يأبى إلا أن يتعظ بنفسه؛ فتراه يقرب إليه في أحيان كثيرة المنافق والمتلون ومن يجيد اللعب على كل الحبال والأكل على كل الموائد.
وفي التاريخ دروس وعبر وتجارب لا تحصى.. وها هي أحداث يناير تكشف لنا زيف البعض وكيف تغيروا في طرفة عين من النقيض إلي النقيض، وانقلبوا على من كانوا يتملقونهم بلا حياء ولا خجل.
نجاحي في الثانوية العامة بمجموع كان يؤهلني للالتحاق بأي كلية يتمناها خريج القسم الأدبي أيامها، لكني مدفوعًا بعشقي للصحافة فضلت معهد الإعلام جامعة القاهرة.. وكانت تلك أولى محطاتي في الحياة؛ فقد تقدمت للمقابلة الشخصية التي كان معهد الإعلام يشترط اجتيازها لمن يريدون الدراسة فيه، وتقدم لها نحو 1000 طالب اقتصر القبول على نحو مائة وخمسين منهم..
ويومها التقيت رائد المهنية والالتزام، الهاديء المبتسم الذي يؤسرك بشخصيته فتنجذب إليه بصورة طبيعية.. عرفت بعدها أنه الصحفي الكبير جلال الدين الحمامصي أحد أعضاء اللجنة المختصة بتقييم المتقدمين للمعهد.
تأثرت به مع كثيرين غيري من أبناء دفعتي، ولمَ لا وقد كان الحمامصي أحد رواد الكتابة والحملات الصحفية والإخراج وصاحب المقالات القوية والبصمات المميزة.. تربى على يديه أجيال عديدة من أرباب القلم، وترك فيهم جميعًا بصمات واضحة ومشهودة.
لقد أحببت هذا الرجل النموذج في العطاء والالتزام الذي لا يضن بعلمه ولا بوقته، يبادر بالحضور قبل المحاضرة، ويدفعك بحرصه وحيويته واقتداره إلى التفاني في التحصيل الدراسي والاجتهاد والإبداع..
وتشربنا على يديه مباديء الصحافة وأساسياتها في قاعات الدرس وفي التدريب العملي بجريدة صوت الجامعة، وتعلمنا اكتشاف الأخطاء المهنية في الصحف وربطها بحرية الصحافة والمسئولية الأخلاقية والمهنية.
جلال الحمامصي رحمه الله كان مدرسة متفردة في الصحافة وفي التواصل الإنساني مع تلاميذه، كان يرهف السمع إلينا، ويتفاعل مع أفكارنا ويحترم حقنا في الاختلاف.. حبّب إلينا مهنة الصحافة وأخذ بأيدينا لارتيادها بشغف ورغبة في تحقيق الذات حتى اجتزنا أولى محطاتها وأجملها..
لألتحق بعدها للعمل محررًا بجريدة الجمهورية، التي ولدت من رحم ثورة 23 يوليو؛ لتكون المدافع عن أحلام الثورة وآمالها في وجه من أرادوا إطفاء جذوتها، التي أثمرت حركة تحرر عابرة للقارات إن جاز التعبير، ذاقت بفضلها دول عديدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية طعم الحرية وتخلصت من قيود الاستعمار والإمبريالية البغيضة.. فماذا بقي من ثورة يوليو.. وماذا بقي من أمجاد صاحبة الجلالة؟!
أرجوكم حرروا الإعلام. فذلك في صالح الدولة والمواطن!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
