من قصص القرآن الكريم، سيدنا إسماعيل وأسرار بناء الكعبة المشرفة
في هذه السلسلة نستعرض مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.
سيدنا إسماعيل، عليه السلام، ينفذ وصية أبيه
ويتخلص من الزوجة الجاحدة
مرت الأيام والسنوات، واختلط سيدنا إسماعيل، بالقوم من قبيلة جرهم، وحاكاهم في لغتهم، وتعلم لسانهم، وأخذ العربية عنهم.
وكان طبيعيا أن يتزوج بواحدة منهم، فتم اندماجه فيهم، وتوثقت صلته بهم، ولكن بعد زمن توفيت أمه هاجر.
حزن كثيرا لفراقها، وكان سيدنا إبراهيم، عليه السلام، يتردد على أهله وولده، يتفقد حال ابنه.
وذات مرة وفد إبراهيم إلى مكة، وأتى بيت إسماعيل، فلم يجد إلا امرأته، فسألها عنه فأخبرته أنه خرج يبتغي لهم رزقًا، وسألها عن أحوالهم، فشكت له سوء الحال وضيق اليد وشظف العيش.
عرف سيدنا إبراهيم أنها امرأة جاحدة، متمردة على القدر، ناقمة على القضاء، غير راضية بما قسمه الله لها.
غير عتبة دارك
وتأكد أنها لا تصلح لابنه زوجًا والحياة معه، وشكواها من معاشرتها إياه، فأشاح عنها بوجهه، ولوى عنان دابته بعد أن حمّلها السلام لابنه، وأوصاها أن تبلغه أن يغير عتبة داره - يكني بذلك أن يفارق زوجته وأن يستبدل بها خيرًا منها.
فلما عاد إسماعيل سألها: هل جاءنا من أحد؟ فقالت: نعم، طرق بابنا شيخ صفته كذا وكذا، سألنا عنك فأخبرناه بخبرك، وأظهر رغبته في تعرف أمرك، وتبين حالك، فأعلمته بما نحن فيه من الضيق والشدة، قال إسماعيل: هل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرئك السلام، ويوصيك أن تغير عتبة دارك، فقال: ذاك أبي، وقد أمرني بفراقك. ففارقها.
بعد ذلك بقليل، عاد سيدنا إبراهيم يتفقد ولده، ولكنه لم يجد في داره إلا امرأته، فسألها عنه فأخبرته أنه خرج يبتغي لهم رزقًا، ولما هم بالرجوع التفت إليها وسألها عن حالهما، فلهج لسانها بالثناء، وفاض بالحمد، وذكرت له أنهما في خير كثير ونعمة، حينئذ اطمأن قلبه وانشرح صدره إذ رآها قانعة راضية شاكرة مؤمنة، وعلم أنها وزوجها في خير وسعة، فأمرها أن تقرئ زوجها وتوصيه أن يحافظ على عتبة داره، وقفل راجعًا.
وبعد عودة إسماعيل إلى أهله كعادته، أخبرته أن شيخًا حسن الهيئة وسيم الطلعة تكسوه الهيبة والوقار قد طرق اليوم بابهم ودخل دارهم، وأنه قد استنبأها خبره، وأراد الوقوف على أمره، فأخبرته أنهما في خير وسعة، وأنه قد أوصاها أن تقرئه السلام، وتأمره أن يثبت عتبة داره، قال إسماعيل: ذاك أبي، وقد أمرني أن لا أفارقك، فلازمها حياته، وكانت أم أبنائه.
بناء الكعبة المشرفة
مكث إبراهيم بعيدًا ما شاء الله أن يمكث، ثم وفد إلى مكة إلى ابنه إسماعيل، لا ليتفقد أمره كما كان يفعل من قبل، بل جاء هذه المرة إلى هذه البقاع لأمر جليل وشيء عظيم، فقد أمره الله، عز وجل، ببناء الكعبة، وإقامة أول بيت للناس، فاستجاب لأمر ربه، واضطلع به غير هياب ولا وجل، ودون أدنى تردد.
وما أن رآه سيدنا إسماعيل، وكان قد بحث عنه قبلها، حتى خف إلى استقباله، وقد تهلل وجهه، وانبسطت أساريره، وانشرح صدره، واندفع إليه مهللًا، وسرعان ما تعانق الوالد والولد، وبث كل منهما للآخر ما يجد، وبعد ذلك أفضى إبراهيم إلى ابنه بأمر عجيب، فقال: يا بني: إن الله قد أمرني أن أبني هُنا بيتًا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها.
وكحال الابن الطائع، ما كان من إسماعيل إلا الإجابة بالسمع والطاعة، ثم أخذا يرفعان قواعد البيت الحرام، وهما يسألان الله ويقولان: "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ". (البقرة: 127- 128).
وبعد جهد، ونصب، وضح الأساس وظهر موقع البناء، ثم جعل إسماعيل يأتي بالحجارة، ويهيئ الأدوات والآلات، وإبراهيم يبني، فلما ارتفع البناء وطال الجدار وقصرت يد إبراهيم عن أن تنال أعلى البناء، وضعف الشيخ عن أن يرفع الحجارة إلى هذا العلو، فقال: يا بني؛ اطلب لي حجرًا أضعه تحت قدمي لعلي أستطيع إتمام ما بدأت، وأُشرف على ما بنيت.
مقام إبراهيم
يروي ابن كثير: "ومقام إبراهيم هو الحجر الذي يُصلي عنده الأئمة، وذلك الحجر هو الذي قام عليه عند بناء البيت، وكلما ارتفع الجدار آتاه إسماعيل، عليه السلام، به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار، وكلما كملت ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة وهو واقف عليه، كلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها، وهكذا حتى تم بناء جدران الكعبة، كما جاء بيانه في قصة إبراهيم وإسماعيل في بناء البيت من رواية ابن عباس، رضي الله عنه، عند البخاري.
"وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". (البقرة: 127 – 129).
ورفع إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، بناء بيت الله الحرام، حتى بلغ يوم بنائه تسعة أذرع، وقد جعلا له بابين: شرقيًا وغربيًا يسمى المستجار.
الحجر الأسود
وقد دل سيدنا جبرائيل عليه السلام، إبراهيم على موضع الحجر الذي كان الله تعالى قد أنزله على آدم، والذي يُروى أنه كان أشد بياضًا من الثلج، وإنما اسود بعدما لمسته أيادي الكفار، فأخذ إبراهيم، عليه السلام، الحجر الأسود ذاك، ووضعه في المكان الذي هو فيه اليوم.
"وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ". (البقرة" 125 – 126).
وبعد انتهاء إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، من بناء بيت الله الحرام، عهد الله إليهما أن يقوما على خدمته، وجعله مثابة للناس، وأمرهم باتخاذه مصلى: "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى".
وفاة سيدنا إبراهيم ثم إسماعيل
ولما أحس إبراهيم عليه السلام بقرب وفاته، أوصى ابنه إسماعيل عليه السلام أن يقوم بخدمة بيت الله الحرام، ويدبر شؤونه، وهكذا كان فبعد وفاة إبراهيم عليه السلام، قام إسماعيل برعاية البيت والسهر على شؤونه.
وبمرور الأيام، أحس نبي الله إسماعيل عليه السلام بدنو أجله، فأوصى إلى أخيه إسحاق بتدبير شؤون البيت الحرام، وتوفي سلام الله عليه، ودفن في المسجد الحرام في المكان الذي فيه الحجر الأسود.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
