السنة والشيعة.. بين الطيب وشلتوت وخطيب كارفور (1)
طويلة هي رحلة التاريخ، منذ نشأة المذهب الشيعي، وحتى المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، وتهليل السُّنَّة للصواريخ الإيرانية التي كانت تدك تل أبيب وما حولها، مرورا بصورايخ الحوثي الباليستية التي اتخذت نفس الهدف، وإن انطلقت من اليمن.
بين هذين التاريخين وقائع كثيرة، لا تُحصى، من التقارب النادر والتباعد الطويل، حتى ألقى الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، رحمه الله، بقنابله، من أجل تغيير الراكد من الأفكار في جماجم المسلمين، على الضفتين؛ السنة والشيعة.
ومؤخرا، كان لفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الحالي، أطال الله عمره، تصريحات مبشرة بثمة تقارب جديد، وجدي بين الفرقتين.
أما المخيف، والذي يدفعنا لوضع أيدينا على قلوبنا، فهو ما كشف عنه الكاتب الصحفي الكبير عصام كامل، رئيس تحرير "فيتو"، في أحد مقالاته عن تجربة صادمة، عايشها في مسجد كارفور المعادي، حيث وصف الإمام أن لغته العربية رديئة، وفكرته غير واضحة وأداؤه سطحي إلى أقصى درجة.
يعرب كامل عن صدمته، حين اختتم الإمام خطبته، قائلا: "وقبل أن أنهي أنبهكم إلى أن مخترع الدين الشيعي هو رجل يهودي، قبل أن تتعاطفوا مع فلان أو فلان".. أي والله.. أطلق الرجل على المذهب الشيعي أنه دين، وأن له مخترعًا وأن مخترعه رجل يهودي.
أمثال هذا الخطيب كُثُرٌ، من تتوقف معلوماتهم عند حدود ما درسوه في الكُتَّاب.. وللأسف الشديد، فإن هذا ليس هو الوقت الملائم لمثل تلك الترهات.
في هذا الوقت العصيب، الذي يقف فيه العالم بأسره على أطراف أصابعه، في ظل الأوضاع المتوترة بين إيران، والعدو المحتل، الذي يعيث في الأراضي المحتلة تقتيلا، وتدميرا، وتعذيبا، وتجويعا، وتشريدا، وتهجيرا.. نحتاج إلى تجسير الفجوات فيما بين المذاهب والطوائف.
نحن سُنَّة، وهم شيعة.. في وقت من الأوقات.. كان الأمر مقبولا أن ينتمي هذا إلى المذهب السني، وذاك إلى المذهب الشيعي.. كان المسلمون يصلون في مسجد واحد.. ويتزاوجون، ويتعاملون اقتصاديا واجتماعيا بشكل عادي.
إلى أن تسلل الاستعمار، والاحتلال في كل شبر من الوطن العربي، وبدأ يحشر أصابعه في كل منفذ يمكنه التغلغل لزيادة رقعة الخلاف، حتى بات التعصب شعارا للعبادات، والتشدد عنوانا لكل شعيرة، والتطرف سمتا للمعاملات.
بات المسلمون فرقا وأحزابا وشيعا وطوائف، وصار الانتماء للعرق والمذهب والقبيلة والطائفة هو الأساس، أما الدين والوطن فتراجع كثيرا، بفضل تسيد السلفية، والوهابية، والجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها الإخوان.
ومع أن الإخوان، وداعش، وغيرهما، لا يتصرفون إلا من منطلق مصالحهم الخاصة والضيقة إلا أنهم، في معاملاتهم ظاهريا، يروجون لشيطنة الآخر، وخاصة الشيعة، وتكفير كل من يخالفهم في أفكارهم، وآرائهم!
الإخوان حينما كانوا في سدة الحكم في مصر، سارعوا إلى الترحيب بإيران، واستقبل مرسي رئيسهم أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني في ذلك الوقت، وفتح له أبواب مزارات ومقامات آل البيت على مصاريعها، وأصبحت العلاقات بين مصر وإيران على ما يرام.
الآن، في هذه اللحظات العصيبة، أرى أنه أنسب الأوقات، وأفضل الظروف لكي تستحضر المؤسسة الدينية، الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، وأيضا جامعة الأزهر، روح فضيلة الشيخ محمود شلتوت.
ولمن لا يعرف، فقد كان محمود شلتوت (1893-1963)، شيخ الجامع الأزهر منذ عام 1958 حتى وفاته، وقد كرّس حياته ومؤلفاته للخروج من شرنقة المعتقد، والشفاء من العصبية المذهبية، فكان أول من حطّم احتكار الحقيقة المطلقة التي استأثر بها كل مذهب من المذاهب الإسلامية، وكان رائدًا في دعوته بجواز التعبّد بأي مذهب إسلامي محكم في العصر الحديث.
سعى شلتوت نحو التقريب بين مذهبي السنّة والشيعة (الجعفرية أو الاثنا عشرية أو الإمامية) في فتوى رسمية شهيرة اقترنت باسمه، اعترف فيها بصحة المذهب الشيعي (الاثنا عشري)، بل وأدخله في مناهج تدريس الأزهر، كما خصص عضوية للشيعة في مجمع البحوث الإسلامية التابع له، سنة 1961، وكانت هذه خطوة تاريخية.
منذ نيف وستين عاما، رأى شلتوت أن الخلاف القائم بين السنّة والشيعة "كالخلاف بين مذاهب السنّة بعضها وبعض"، حسبما صرّح في حوار مع مجلة الأزهر سنة 1959، وكلل جهوده بفتواه الشهيرة، والتي أجاز فيها التعبّد بالمذهب الشيعي الاثنا عشري، في لفتة تشي بشجاعة نادرة من شيخ جالس على قمة الأزهر، أعتى قلاع السنّة.
ارتكز شلتوت على فكرة مؤداها أنه طالما كانت مصادر المذاهب الإسلامية واحدة، فلا يحق لأحدها احتكار الحق، ومصادرة حق المذاهب الباقية بفهم الإسلام وتكفير أتباعها وإخراجهم من الملة الإسلامية، بل وذهب أبعد من ذلك، إذ أجاز أن يعتمد المرء في عبادته طرقًا جديدة بدون حرج.
والغريب، أن آراء شلتوت الإصلاحية في التقريب بين السنّة والشيعة، وتجاوزه حدود المذهب السنّي إلى رحابة الانفتاح على المذاهب الأخرى كانت سابقة على اعتلائه كرسي شيخ الأزهر، فقد بدأت تتبرعم خلال مواقفه في إطار دار التقريب بين المذاهب الإسلامية التي كان أحد مؤسسيها، سنة 1948، في القاهرة.
هذه الدار كانت عبارة عن جمعية تسعى إلى تقريب المسافات بين جميع المذاهب الإسلامية، وضمت عند تأسيسها كوكبة من 20 عضوًا من كبار رجال الدين من جميع المذاهب الإسلامية، من مصر وخارجها، وكان شلتوت حاضرًا فيها بوصفه عضوًا في هيئة كبار العلماء في الأزهر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
