رئيس التحرير
عصام كامل

من خفايا الصكوك السيادية

18 حجم الخط

طرحت وزارة المالية الإصدار الثاني من الصكوك السيادية بقيمة مليار دولار في صورة طرح خاص خلال العام المالي 2024/ 2025 بكوبون سنوي بقيمة 7,875٪ لأجل ثلاث سنوات.

ويأتي هذا الإصدار بعد الإصدار الأول في فبراير 2023، فى إطار البرنامج الدولي للصكوك السيادية، حيث يبلغ حجم البرنامج نحو 5 مليارات دولار. وأكدت وزارة المالية أنها كما وعدت ملتزمة بخفض حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة بنحو من 1 إلى 2 مليار دولار خلال العام الحالى.

وحتى يتم فهم هذا الطرح والخبر يجب أن نوضح أن ذلك الطرح للصكوك بتلك القيمة يرتبط بقرار الحكومة تخصيص قطعة أرض شاسعة على ساحل البحر الأحمر لصالح وزارة المالية، والتي من خلال ذلك التخصيص تمكنت من إصدار صكوك سيادية بحجة تقليص الدين العام، وهو الأمر الذي تتباهى به وزارة المالية، والتي ذكرت أنها تمكنت بالفعل من خفض الدين الخارجي. 

حيث بلغ الدين الخارجي لمصر 155 مليار دولار بنهاية 2024، انخفاضا من 164 مليار دولار في عام 2023، وهذا التباهي لا محل له بل يدعو للرثاء. 

فذلك الانخفاض للدين لم يأتِ عن طريق الإنتاج وزيادة الدخل القومي من التصدير والمشروعات الكبرى، وإنما جاء ببساطة عن طريق بيع أرض رأس الحكمة، حيث حصلت بموجب البيع الشركة التابعة لحكومة أبو ظبي على المشروع مقابل 24 مليار دولار، بالإضافة إلى تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية إلى استثمارات في مشروعات إستراتيجية، مع احتفاظ الحكومة المصرية بنسبة 35% من المشروع. 

فانخفاض الدين الخارجي مرتبط لدى الحكومة ببيع الأراضي بحجة الاستثمار والاحتفاظ بنسبة من المشروع المقام على الأراضي التي تم بيعها، والتي كان من الأولى أن تقوم الحكومة بذاتها أو بتكليف القطاع الخاص المصري بالاستثمار فيها بدلًا من بيعها للأجانب.

وبعد نجاح وزارة المالية في خفض الدين عن طريق البيع تعاود الكرة مرة ثانية، فأصدرت الطرح الثاني من الصكوك السيادية بقيمة مليار دولار على قطعة الأرض الشاسعة على البحر الأحمر، تمامًا مثل رأس الحكمة على البحر المتوسط، ليأتي المستثمر الأجنبي فيشتري تلك الصكوك، وفي نهاية المدة تسدد له الحكومة المليار دولار مع نسبة بقيمة 7,875٪ كل سنة لأجل ثلاث سنوات. 

وهنا تأتي الخطورة، فالحكومة تنفي البيع تمامًا، وتؤكد أن ذلك ليس بيعًا، فالمستثمر يدفع أموالًا في نظير الضمان بقطعة الأرض، ويجني أرباحًا سنوية بقيمة 7,875٪، وبعد السنوات الثلاث يأخذ ماله تامًّا؛ أي المليار دولار. 

وقد أصدرت وزارة المالية بيانًا رسميًّا أكدت فيه أن الهدف من تخصيص قطعة الأرض هو إصدار صكوك سيادية لتقليل الديون، وليس بيعها أو التنازل عنها، مشددة على أن ملكية الأرض ستظل في حيازة الدولة، متمثلة في الوزارة وجهات حكومية أخرى ذات صلة.

والخطورة هنا أن قانون الصكوك يعطي صاحبها الحق في تملك الأرض الضامنة للصكوك إن تعثرت الحكومة في السداد، ومع الظروف الاقتصادية الضاغطة وعدم اتجاه الحكومة للتصنيع والاكتفاء الذاتي وتقليل الاستيراد والاعتماد على الزراعة، فمن الوارد جدًّا أن تتعثر الحكومة "خطأ أو عمدًا" عن السداد وبالتالي يتملك الأجنبي الأراضي المصرية بصورة قانونية، كما تملك رأس الحكمة تقريبًا بصورة قانونية مباشرة، وليست مثل ذلك الطرح الجديد من الصكوك وأراضي البحر الأحمر.


ونأتي لنقطة عجيبة جدًّا في تبجح الحكومة بخفض الدين الخارجي، وأنها ستخفض الدين الخارجي عن طريق تلك الصكوك، وهي النقطة التي تخدع بها الحكومة الشعب المصري، فعندما تصدر الحكومة صكًّا بضمان قطعة الأرض، وتأخذ مالًا بقيمة مليار دولار، فهنا ينخفض الدين العام بقيمة مليار دولار لكنه انخفاض غير حقيقي.

فكل ما في الأمر أنه بدلًا من تسجيله دينًا عامًّا خارجيًّا يسجل على أنه صار مصروفًا، فالتصكيك آلية مالية تهدف لتحويل الأصول أو التدفقات النقدية المستقبلية إلى أوراق مالية، من خلال شركات ذات غرض خاص، وهذا لا يلغي العبء المالي على الدولة، بل يغيّر فقط طريقة تسجيله في الموازنة العامة. 

حيث يُعامل كمصروف بدلًا من دين، فإذا أصدرت الدولة صكوكًا بقيمة 4 مليارات جنيه واستخدمتها لسداد ديون قائمة، فإن الدين المحاسبي سينخفض بالمقدار نفسه، لكن في المقابل، ستُسجل الصكوك كمصروفات، ما يعني استمرار العبء المالي على الدولة، ولكن ضمن بند مختلف.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية