ترامب يدير ظهره لنتنياهو.. واشنطن تعيد ترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط.. ومؤشرات على تصدع العلاقات بين أمريكا وإسرائيل
يبدو أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وصلت إلى المنطقة الرمادية فلا صداقات أبدية، ولا مصالح دائمة، ففي السياسة، كما في الحرب، لا تأتي الطعنات دوما من ظهر العدو، بل أحيانا من كتف الحليف، حيث أن الضربة التي لا تقصد أحيانا تكون الأكثر إيلاما، لأنها تكشف حجم التغيرات التي تنبت في الصمت، وتتجذر في الظل.
العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لطالما بدت، على مدار العقود، نموذجا للتحالف الصلب، الذي لا تهزه العواصف، لكن التاريخ لا يكتب بالشعارات، بل بالقرارات، وهنا تحديدًا يتسلل الصدع من بين الكلمات الناعمة إلى أرض الواقع القاسي.
في واحدة من المفارقات اللافتة في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، قرر الأخير عدم زيارة إسرائيل في جولته الشرق أوسطية، مفضلا التوجه إلى عواصم الخليج ومراكز القرار الجديدة في المنطقة، وكأن بوصلة النفوذ تحركت، ومعها الأولويات. لم يكن نتنياهو على جدول الزيارات، ولا حتى على هامش اللقاءات.. في خطوة اعتبرها البعض برودا دبلوماسيا، ويراها آخرون تجاهلا متعمدا من رئيس يعرف تماما وزن كل إيماءة في البروتوكول السياسي.
رسم الخريطة الجديدة
لكن القراءة العميقة، كما يوضح الخبير الأمريكي في شؤون الأمن القومي إيلان بيرمان، تكشف عن مشهد أعقد من مجرد تغيب رئاسي. إنها خريطة جديدة ترسم، حيث تختلط الحسابات الاستراتيجية بالرسائل السياسية، وتتغير مواقع اللاعبين على رقعة شطرنج الشرق الأوسط. رؤية الإدارة الأمريكية، وفقًا لبيرمان، ترتكز اليوم على إحداث اختراق استراتيجي في مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، دون تحميل هذا المسار أعباء القضية الفلسطينية، كما كان يجري تقليديًا.
قبل السابع من أكتوبر 2023، كان الحديث عن اتفاق سعودي-إسرائيلي يبدو قاب قوسين أو أدنى، لكنه كان، بحسب بيرمان، شبه خالٍ من أي مضمون حقيقي يتعلق بحل الدولتين. بعد هجوم حماس والرد الإسرائيلي العنيف على غزة، تغيرت المعادلة. فالسعودية عادت لتضع إقامة الدولة الفلسطينية كشرط جوهري لأي اتفاق، وهو ما بات مستبعدًا في ظل حكومة إسرائيلية متشددة، ومجتمع إسرائيلي يزداد نفورًا من هذه الفكرة.
ترامب، في ضوء هذا السياق، لم يكن ليخاطر بزيارة لا تثمر، أو تستخدم ضده داخليًا. فإسرائيل – كما يقول بيرمان – لا تملك اليوم ما تقدمه عمليا من زيارة رئاسية، بينما ملفات التطبيع، وإيران، واليمن، كلها تقع في الجغرافيا السياسية للخليج، لا في تل أبيب.
المثير للقلق أن هذا التجاهل الظاهري تزامن مع مؤشرات على تصدع أعمق في التنسيق الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب. ففي الملف النووي الإيراني، ثمة تباين واضح: ترامب يفضّل استئناف المفاوضات، بينما يدفع نتنياهو نحو الخيار العسكري. وفي اليمن، أثار اتفاق التهدئة الأمريكي مع الحوثيين امتعاض إسرائيل، التي رأت فيه استبعادًا لمصالحها الأمنية. أما صفقة إطلاق سراح الرهينة الأمريكي عيدان إسكندر، فقد نُظرت إليها في تل أبيب كدليل إضافي على أن واشنطن باتت تتصرف من خلف ظهر شريكها التقليدي.
بيرمان يصف الأمر بعبارات صادمة: "الأمن الأمريكي والأمن الإسرائيلي بدآ ينفصلان فعليًا في بعض الملفات"، في سابقة لم تشهدها علاقة الطرفين منذ تأسيس إسرائيل.
داخل إسرائيل، تنقل التقارير أجواءً من الإرباك وانعدام اليقين: لا أهداف واضحة للحرب في غزة، ولا ضمانات حول مصير الرهائن، فيما الاقتصاد منهك من الاستدعاءات المتكررة للاحتياط، والمجتمع يشهد انقسامات حادة. هذه العوامل مجتمعة تضعف من قدرة إسرائيل على التفاوض أو فرض الشروط، حتى في محيطها العربي.
ومع ذلك، تبقى العلاقة الأمريكية الإسرائيلية قائمة على دعائم راسخة من المصالح الأمنية المشتركة، والدعم السياسي العميق، لكن ذلك لا يُلغي حقيقة دخولها في "المنطقة الرمادية" – حيث لا وضوح في الاتجاه، ولا يقين في المصير.
بينما تعيد واشنطن ترتيب أولوياتها في المنطقة، وتكافح تل أبيب لإيجاد استراتيجية خروج من أزمتها الراهنة، يظل التحالف بينهما تحت اختبار مستمر، وربما يكون قرار ترامب بتجاوز إسرائيل في جولته مجرد أول إشارة علنية على تحوّل أكبر… تحوّل لا يزال في طور التشكّل، لكن آثاره بدأت تُحسّ وتُرى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
