أنور الهواري والطغاة الحقيقيون!
" في 10 أشهر فقط سقط 12 ألف شهيد، دُفنوا على ضفتي الترعة، قتلهم محمد عليّ بقلة الزاد وشح الماء العذب، والإعنات في العمل بلا رحمة، من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، ويُجمِّد أطرافهم برد الليل، وعلى ظهورهم تنطبع آثار سياط تنبئهم أن الجلاد لا يرحم"..
هذه النتيجة التي خلص إليها الباحث المجتهد سيد حامد في "إضاءات" وهو يصف ما فعله محمد علي في أبناء شعبه -شعب سيد حامد طبعا- حينما أراد إعادة شق ترعة المحمودية، باقتراح من التاجر البريطاني مستر بريجز لتشرب الإسكندرية من نهر النيل، وتصبح طريقًا تجاريًا بين عاصمة مصر ومينائها على البحر المتوسط..
كلّف الباشا زبانيته، فجاسوا خلال الديار، وساقوا أمامهم بالسياط أكثر من 300 ألف فلاح، مُكبلين في الأغلال، لم يوفر لهم الباشا حتى أدوات للحفر، فاضطروا إلى الحفر بأيديهم، يقتاتون على أقل الطعام، تحرق حلوقهم حرارة الصيف، ويُجمِّد أطرافهم برد الليل، وعلى ظهورهم تنطبع آثار سياط تنبئهم أن الجلاد لا يرحم!
هذه واحدة من جرائم محمد علي باشا التي لا يراها أو لا يريد أن يراها البعض.. لكن المدهش في كاتبنا الكبير أنور الهواري ونحن نقدره ونحترمه، وبخلاف افتتانه بفترة حكم محمد علي التي لا يقدم هو وكل المفتونين بها إلا الجانب المضئ منها.. مع ضرب عرض وطول وارتفاع حوائط مصر كلها بمعاناة المصريين وقتها.. حتي بات صاحب مقالا دوريا لا يكل ولا يمل من الهجوم علي أبناء الجيش العظيم وثورتهم!
يتغنون -هو وغيره- بالمؤسسات والمنشآت التي بناها محمد علي دون الإنتباه للثمن الباهظ الذي دفع مقابلها من ملايين المصريين ممن عملوا بالسخرية وعذبوا وأهينوا وعاشوا أيام سوداء مع جنود الرجل وزبانيته وضرائبه وكرابيجه وسجونه بما لم يسبق له في مصر مثيل! (راجع الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، طبعة مكتبة الأسرة، تحقيق عبد الرحيم عبد الرحمن، الجزء الثامن، ص 471، حوادث شهر شوال 1234 / أغسطس 1819).
ما قيمة مؤسسات ومنشآت والشعب تم مصادرة أمواله وسيق رجاله إلي المجهول وبقيت نساؤه تواجه جرائم وسخافات ورذالات جنود الوالي؟!
الأكثر دهشة ليس في إفتتان الهواري بمحمد علي.. فهكذا الكثيرون في بلادنا آخر شواغلهم هو حال الناس.. لكن يدهشنا التربص الدائم بثورة الجيش العظيم في 1952 وإهانتها وتجريحها حتي أنه يقول في مقاله الأخير "عقدة الهزيمة" ما يلي نصا: "من دولة الطغيان بعد 23 يوليو 1952 حيث بات معنى الوطنية هو أن يقبل المواطن أن يكون مغفلًا ويمنح ثقته في حكام ينفردون بسلطات مطلقة دون صحافة حرة ولا برلمانات حرة ولا قضاء مستقل ولا رقابة شعبية من أي نوع على الحكام "!
ثم يرجع التخلف الذي نعانيه إلي الطغيان! وماذا عن محمد علي؟! وطغيانه الذي يعد أي طغيان لثورة يوليو "لعب عيال" بما فعله هو وأولاده؟! إذا كانت الديكتاتورية تمنع التقدم.. فماذا عن محمد علي يا أستاذ هواري؟ تقدم بالبلاد أم هزمه طغيانه؟! ها..؟!
المنطق العلمي يقول أن تقارن بين المتماثل.. فمثلا.. وصول كل منهما للسلطة.. فنقول لك أبناء الشعب المصري في قواته المسلحة ثاروا وأيدهم الشعب فور علمه.. بينما جندي الباني حكم مصر في.. إلي آخر ما نعرفه.. ونقارن بين التعامل مع الخصوم.. فتقول لنا إبعاد محمد نجيب في قصر عظيم لسيدة عظيمة، ونقول لك ما جري مع عمر مكرم من مأساة كاملة الأركان!
تقول: إنها الشدة والقسوة مع الإخوان، فنقول لك: إن كل ذلك لا يُعادل واحدًا على الألف من مذبحة المماليك، ممن مُنحوا الأمان قبلها بأعوام، ووفوا بعهدهم، حتى تخلص منهم الباشا في القلعة، في جريمة لا مثيل لها، أغرقت دماء ألف إنسان وفرسانهم القلعة وما حولها!
ستقول: إنه بنى القناطر والطرق والرياحات وعددًا من المؤسسات التعليمية، فنرد عليك: بمن بنى المخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والدستورية العليا، وكاتدرائية العباسية، والنيابة الإدارية، والتنظيم والإدارة، والمركزي للمحاسبات، والمركزي للتعبئة والإحصاء بصورها المعاصرة الحديثة..
وشيَّد فيها معاهد القلب، والسكر، والأورام، ومعهد ناصر، والسموم، والسمع والكلام، والكبد، وهيئة الإسعاف، والتأمين الصحي، والقومسيون الطبي، وعشرات مستشفيات الحميات والصدر، وأكثر من ألفين ومئة وحدة صحية في الريف!
وقدَّم أكاديمية الفنون، ومعاهد السينما والتمثيل والإخراج والديكور، والهيئة العامة لقصور الثقافة، والهيئة العامة للكتاب، ومعرض الكتاب، والقومي للترجمة، والصوت والضوء، ومسارح البالون والطليعة والعرائس والطفل، وبرج القاهرة، وكورنيش القاهرة، والتلفزيون، وبنى أربعة آلاف مدرسة من 1956 إلى 1960، ودرب 40 ألف معلم، كما قال الدكتور جمال العربي وزير التعليم الأسبق!
فضلًا عن الجامعات الإقليمية، وأسس المركز القومي للبحوث، والقومي للبحوث الجنائية، والقومي للبحوث الزراعية، ومعاهد الدراسات الإفريقية والدراسات العربية، ومعهد بحوث الإسكان، ومعاهد وزارة الزراعة، ومعهد التخطيط القومي، مفرخة عقول مصر الاقتصادية!
وغيرها وغيرها.. والسد العالي، والوادي الجديد، ومديرِية التحرير، ومصايف جمصة والمعمورة الشاطئ، لتكون للطبقة الوسطى المصرية، وآلاف المصانع، ومئات البعثات التعليمية في كل المجالات (حتى في المسرح والباليه، ونبغ منهم كرم مطاوع وسعد أردش وغيرهم في نهضة غير مسبوقة)، لكن لأبناء مصر وحدها، وليس للشركس والتركمان والألبان حتى نتندر برفاعة الطهطاوي!
إسم واحد لا نعرف ثانيًا له، وإن عرفنا، فلا ثالث لهما، ولو عرفنا، فكلّه استثناء يؤكد القاعدة!
يا جماعة.. هل هكذا تفكر وتكتب النخبة؟! نخبة حتى لا تعرف -مع كامل تقديرنا واحترامنا- تاريخها؟!
كان الله في عون أجيال مصر.. أبناؤهم المخلصون يُلعنون أمامهم كل يوم وقد سعوا لبناء مجد أمة، وغيرهم نمدحه وقد سعوا لبناء مجد أسرة!
ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
