رئيس التحرير
عصام كامل

قرآنا عربيا لعلكم تعقلون

18 حجم الخط

هل تحقق العدل البشري في كل مجالات حياتنا وما بقي لنا غير الوقوف عند جوانب "ظلم ربنا لنا" -حاشاه-!؟ وهل نترك تشريعات ربنا جانبا ثم نلجأ إلى افتكاسات الهلالي وغيره، لينقذنا من هذا الظلم الواقع على المسلمين كافة وعلى المرأة بشكل خاص ومتعمد من كل تشريعات السماء!. هل هذا يُعقل!

 

إن الحدود في القرآن هي قوانين إلهية عامة فإذا كانت المجتمعات والحكومات مع توالي السنين والعصور ومع تغير طبائع المجتمعات وتعدد فئاتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية من دولة لدولة فقد تحولت الحدود إلى عقوبات حددتها دساتير وقوانين الدول المختلفة، كحد القصاص في القتل بعقوبة السجن أو الإعدام حسب كل جريمة وكذلك حد السرقة وضعت عقوبة السجن بديلا من قطع اليد، وكذلك  جريمة عقوبة الزنا والاغتصاب والتحرش بالحبس والسجن بديلا عن الرجم والجلد..

 

فهذه قوانين مختلفة تُعاقب على الجرائم المختلفة وبعقوبات مختلفة ومتباينة يحدّدها قانون كل دولة من الدول المعاصرة وهي أيضا قابلة للتغيير أو التعديل ولا بأس في ذلك طالما أنها عقوبات رادعة لتستقيم أحوال الناس.. المهم أن الحدود كلها مطبقة ولكن بعقوبات مختلفة مع اختلاف العصور والظروف لأنها في الأساس وُضعت وشُرِّعت في صالح جميع الناس والحفاظ على أرواحهم وسلامتهم  وأمنهم حتى لا تتحول حياتهم إلى غابة يقتل القوي الضعيف فهذه الحدود والعقوبات فيها حياة الناس كما قال رب العزة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. 

بينما تشريع المواريث فهو موضوع مختلف، متعلق بحقوق مالية، ولأن الله سبحانه يعلم خفايا نفوسنا وضعفها وأطماعها وأن أغلب النفوس أمارة بالسوء ؛ فتعهد -سبحانه- بتقسيم هذه التركة الموروثة، فأنزل هذا التشريع في قرآنه الكريم -المحفوظ عنده- ولم يتركه للناس مع اختلاف نفوسهم وقلوبهم، فهو يعلم إن النفس التي خلقها في الإنسان فيها الشر متوازي مع الخير، حين أخبرنا يقول: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.. 

 

إذن المواريث حقوق منصوص عليها ومفروضة، ومأمور بتنفيذها حرفيا  كما جاء في الكتاب السماوي، قلَّ هذا المال أو كثُر ؛ كان نصيبا مفروضا.. ولقد توجهت ببعض الأسئلة لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لكي استوضح بعض النقاط.. فكان رأيه في مسألة المواريث هو الآتي: نصوصُ الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد، والدعوة لصنع تدين شخصي هو افتئاتٌ على الشرع، أو لصنع قانون فردي هو افتئاتٌ على ولي الأمر، وإعادةُ إنتاجٍ للفكر التكفيري المنحرف، وتجديدُ علوم الإسلام لا يكون على الشاشات أو بين غير المتخصصين. 

وصدمةُ الجمهور بإقامة استدلالات غير صحيحة على تحريم حلال أو تحليل حرام؛ جريمة فكرية تهدد الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي. النصوص المتعلقة بعلم الميراث في الإسلام نصوص قطعية مُحكمة راسخة لا تقبل الاجتهاد أو التغيير بإجماع الصحابة، والعلماء في كل العصور، وتناسب كل زمان ومكان وحال، فقد تَولَّى رب العالمين الله عز وجل تقسيم المواريث في القرآن الكريم؛ لأهميته، وعِظَم خطره، وإزالةً لأسباب النِّزاع والشِّقاق. 

 

إن ️علم تقسيم الميراث في الإسلام مُرتبط ومُتشابك مع قضايا وأحكام عديدة، ومُدعي قصوره؛ لا يبين -عمدًا- صلته بتشريعات كثيرة في قضايا النّفقة والواجبات المالية؛ إذ إنّ بيانها يقضي بعدالته.. 

لقد مَنَّ الله علينا بأن أنزل هذه الأحكام من عنده، فهو الرب العادل لا يظلم مطلقا وهو الخبير اللطيف البصير.. فكيف أُخضع عدالة الله لاستفتاء البشر ولو جاز ذلك لأتى هؤلاء على كل تشريعات القرآن وأخضعوها لاستفتاء البشر ليس فقط تشريعات بل كل العبادات والمناسك والشعائر أيضا نُخضعها لاستفتاء البشر، ثم رويدا رويدا يصبح القرآن لا شأن له بنا ولا شأن لنا به! ثم يُطرح أرضا ويُزاح جانبا!  وهو كتاب الله وكلام الله ومن أصدق من الله حديثا.. 

وماذا لو نجح هؤلاء في تعميم أفكارهم ؛ فبالطبع سيتحولون إلى  مسائل أخرى شرعها الله ووضحتها السنة الشريفة كأحكام الزواج والطلاق وكل تشريعات وفقه المرأة، إلى آخر ما ذكره النص القرآني وكل ما جاء في السنة الصحيحة! كل ذلك سوف يتنحى جانبا، ويصبح لكل مسلم دين خاص به وله الحرية الكاملة في ممارسة دينه الفردي، دين على هواه ومزاجه وكيفه، وهذا واقع لو تعلمون عظيم في خطورته وفي عواقبه! بعد أن يتحول مفهوم الإسلام إلى مفهوم نسبي كما يقولون عن الأخلاق أنها نسبية وتتفاوت مدلولاتها من مكان لمكان ومن عصر لعصر حتى يأول واقع مجتمعاتنا إلى مزيد من الفوضى بدون رادع إلهي وبدون أدنى وازع ديني وأخلاقي.. وفي ذلك يقول الله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (سورة الجاثية آية:٢٣}.. 

 

 

ولنختم المقال بما صرَّح به مركز الأزهر العالمي للفتوى: ليس ثمّة تعارض بين الفقه الإسلامي في جهة والدستور والقانون المصري في جهة أخرى، حتى يُختلَق صراع أو تُعقَد مقارنات بينهما، سيّما وأن تشريعات القانون المصري استقيت أكثرُها من أحكام الفقه الإسلامي، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية ضابط حاكم لجميع مواده كما أفاد الدستور في مادته الثانية، بيد أن اختلاق صراع بين الفقه والقانون تكأةُ زورٍ استند إليها التكفيريون والمتطرفون في انتهاج العنف وتكفير المجتمع.

Nasserkhkh69@yahoo.com

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية