أديب نوبل يحكي ذكرياته في رمضان.. ارتبط بصوت الشيخ علي محمود.. كان يتردد على مساجد آل البيت.. كتب خان الخليلي خلال الشهر الكريم.. وهذه نصائحه للصائمين

يعد الأديب العالمي نجيب محفوظ من أوائل من عبروا عن عادات المصريين واحتفالاتهم بالشهر الكريم خلال رواياته، فهو يقول "فى صباى انتقلت أسرتى إلى شارع رضوان شكرى بحى العباسية لكنى لم أفقد علاقتى بمعشوقتى "الجمالية"، كنت أزورها باستمرار فى شهر رمضان مع والدتى لزيارة الحسين وأولياء الله الصالحين، ومع أصدقائى الجدد، نقطع المسافة من العباسية إلى هناك مشيا على الأقدام، وحينما يتذمر أحدهم أقول له "رمضان له مذاق خاص فى الحسين".
لم يكتب نجيب محفوظ أى رواية له فى شهر رمضان سوى خان الخليلى "فكان يستغل تلك الأيام فى الاستمتاع بروحانية الشهر، والانغماس فى القراءات المختلفة الدينية والسير والتراجم عن الدولة الإسلامية، وعن الفلسفة والشعر الصوفى خاصة فى التوقيت ما بين العصر والمغرب، وكان يقول "قراءة الشعر الصوفى فى حالة الصيام تجربة فريدة".
البداية بحى الجمالية
وظل نجيب محفوظ متعلقًا بحي الجمالية، حيث طفولته وأجمل سنوات عمره، فشهر رمضان في تلك الأحياء الشعبية له طعم خاص، طول اليوم تجد الحي كخلية نحل من المارة والبائعين وأصحاب المحال والورش والسكان سرعان ما تختفى هذه الخلية فجأة مع صوت مدفع الإفطار، وبعد آذان المغرب يخرج الأطفال فى مجموعات حاملين الفوانيس الجملة يغنون ثم يتبارون بالألعاب المسلية قبل الانزواء فى أركان الشارع لسرد القصص وحكايات أبو زيد الهلالى.

عاش نجيب محفوظ حافظا للشهر الكريم جميلا آخر إذ كان فرصته الوحيدة للخروج من قبضة والده والسهر خارج المنطقة مع أصحابه حتى السحور، يقول في حوار مع مجلة "روز اليوسف" عام 1992 متذكّرًا المسحراتي: “عندما سمعته يناديني لأول مرة باسمي (إصح يا نجيب قوم واتسحر رمضان كريم)، شعرت أنني رجل كبير ولي ثقل في البيت، وظللت يوميًا انتظر المسحراتي لسماع اسمي ”..
الحياة الشعبية فى خان الخليلى
ففى رواية " خان الخليلى " التى كتبها نجيب محفوظ فى رمضان قدم فيها الحياة الاجتماعية الشعبية خلال الشهر الكريم بكل تفاصيلها حيث الاستعداد للشهر الفضيل بتأمين مستلزمات البيت والزينة وفوانيس رمضان فجاء وصف ليلة الرؤية يقول: وجاءت ليلة الرؤية وانتظر الناس بعد الغروب يتساءلون، وعند العشى أضاءت مئذنة الحسين إيذانا بشهود الرؤية.. وازينت المئذنة بعقود المصابيح مرسلة على العالمين ضياء لآلئ، فطاف بالحى وما حوله جماعات الشباب والأطفال تغنى صيام صيام وأمامهم جزء آخر يقوم بالغناء وتقوم البنات بالزغاريد.

كتب نجيب محفوظ فى الرواية أن شهر رمضان يشهد على قصة الحب بين الكهل أحمد عاكف وجارته نوال ابنة الستة عشر عاما، قبل أن يظهر الأخ الأصغر رشدي في الصورة ويتغير الحال وتنتهي الرواية بحلول شهر رمضان في العام التالي.
وفي "الثلاثية" الشهيرة ــ بين القصرين، قصر الشوق، السكرية ــ اعتمد نجيب محفوظ على نصوص تناولت عادات المنتمين إلى الطبقة الثرية الأرستقراطية حيث الاحتفال الشكلي بشهر رمضان دون الالتزام بتقاليده وعاداته ولا عباداته، ففي رواية بين القصرين، أول أجزاء ثلاثية نجيب محفوظ قدم حوارًا بين عائشة وخديجة ابنتا السيد أحمد عبد الجواد، حيث تسخر خديجة من نحافة عائشة، وتتهمها بأنها تفطر في رمضان ولذلك لا يبارك لها الله، فقالت خديجة لعائشة:"كلنا نصوم رمضان إلا أنت، تتظاهرين بالصوم، وتندسين فى حجرة الخزين كالفأرة وتملئين بطنك بالجوز واللوز والبندق، ثم تفطرين معنا بنهم يحسدك عليه الصائمون ولكن الله لا يبارك لك".
صورة رمضان فى المرايا
وتناول نجيب محفوظ زاوية محببة إلى النشء في رمضان في عمله المميز «المرايا»، والذي تطرق فيه إلى عادات الأطفال فى اللعب فى رمضان، وما كانوا يقومون به من أشكال المسامرة واللهو احتفالا بالأجواء المبهجة للشهر الكريم.
عن ذكريات رمضان يقول نجيب محفوظ: نشأت في بيت القاضي وبمجيء شهر رمضان تقام الزينات وحلقات الذكر والمديح النبوي، وكان صوت المنشدين أول صوت منغم اسمعه خارج منزلنا رغم أنه كان لدينا فونوغراف، كنا نعيش كأننا في مهرجان فني كبير فنسمع حتى آذان الفجر الشيخ علي محمود صاحب الصوت الجميل من أعلى مئذنة الحسين. سكنا في حارة الوطاويط أمام مسجد الحسين وكان رمضان بالنسبة للأطفال هو شهر الحرية لأن الأهل كانوا يسمحون لهم بأشياء كانت ممنوعة طول العام مثل اللعب في الشارع والسهر، وكانت والدتي تقول لي خليك تحت عيني ولا تبعد عن حدود البيت، علاوة على أنه كان يسمح لنا بأن نخوض تجربة الصيام مثل الكبار.

وأضاف نجيب محفوظ: وفي رمضان صمت الشهر كله وانا في السابعة وكان للخشاف مكانة خاصة على مائدة الإفطار كما كان طبق الفول المدمس هو تاج المائدة الرمضانية وكان في نفس الوقت هو عدو الطعام لأنه ما إن كان يجئ حتى كنا ننسى بقية الطعام، وكانت ليالي رمضان فرصة هنية للصغار من الجنسين، يجتمعون في الشارع بلا اختلاط، ويتراءون على ضوء الفوانيس وهم يلوحون بها في أيديهم، وكنا نترنم بأناشيد رمضان ونتبادل مشاعر الحب وهو كامن في براعمه المغلقة.
الحب وطاعة الله
ويقول نجيب محفوظ:قالوا في حكمة الصيام أنه فرض على المؤمنين ليختبروا في أنفسهم آلام الجوع والعطش، فتتعطف قلوبهم نحو الفقراء والمحتاجين، وأنه وسيلة تربوية لشحذ الإرادة واعتياد الصبر وأنه في سبيل تهذيب نوازع النفس وتطهير الروح وكل هذا حق، غير أن المؤمن لايقبل على الصيام لداع من هذه الدواعي بقدر مايقبل عليه حبا وطاعة في الله.. وهو يجد في ذلك السعادة دون تعليل أو تأويل، وطاعة الله ومحبته تقتضيان واجبات روحية لعلها أخطر من الصيام نفسه، لكن الصيام في جوهره هو تذكرة لمن شاء أن يوجه ضميره نحو هذه الواجبات لتأملها والتفكير فيها والعمل على تحقيقها.
دعوة نجيب محفوظ للصائمين
ويقدم نجيب محفوظ نصائحه للصائمين ويقول:ليكن لنا في شهر الصوم فرصة طيبة لمراجعة النفس في سلوكها حيال الحياة والناس على ضوء مبادئ الدين الصحيحة وهدى القرآن الكريم، وأول هذه المبادئ التوحيد وتحرير هذه الروح من عبادة أي شئ أو أي شخص، فلا يؤمن إلا بالله تعالى خالق الكون وخالق كل شئ، وأن تسود روح التضامن في المجتمع الإنساني، تلك المبادئ التي جعلت للفقير حقا في مال الغنى، ومن هذه المبادئ أيضا الأخلاق والتسامح الإنساني والدعوة إلى الأخوة الإنسانية والاجتهاد للمؤمن المفكر في إيجاد حلول جديدة في ظروف اجتماعية جديدة لتنمية النفس والمجتمع على السواء.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا