رئيس التحرير
عصام كامل

ملحمة أكتوبر، التاريخ إن حكى والعرب إذا توحدوا.. الموقف السعودى الأكثر إيجابية وتأثيرا فى مجريات الحرب،الكويت قدمت دعما ماليا وعسكريا،والجزائر وليبيا فى قائمة الشرف العظيم

حرب اكتوبر
حرب اكتوبر
18 حجم الخط

 

فى تلك اللحظات الفاصلة من التاريخ، عندما اجتمعت إرادة الشعوب العربية خلف الجيش المصري، كان العالم على موعد مع واحدة من أعظم ملاحم النضال التى غيرت وجه المنطقة وأعادت للعرب كرامتهم المسلوبة. لم تكن حرب السادس من أكتوبر عام 1973 مجرد معركة عسكرية تخوضها مصر ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل كانت لحظة استثنائية تجسدت فيها روح التضامن العربى فى أبهى صورها، حيث امتزجت دماء الجنود من مختلف الأقطار العربية فوق رمال سيناء وفى هضبة الجولان، وأثبتت أن الأمة العربية قادرة، حين تتوحد، على كسر المستحيل وصناعة النصر.

واليوم، بعد أكثر من خمسة عقود على هذه الملحمة، لا يزال السادس من أكتوبر يذكرنا بأن الكرامة لا تشترى، وأن الأرض لا تسترد إلا بالدماء، وأن الوحدة العربية ليست حلما مستحيلا، بل واقع يمكن تحقيقه حين تتلاقى الإرادات الصادقة. إنها ذكرى لا تموت، درس فى البطولة، وإرث يجب أن نحمله للأجيال القادمة، ليظل نبض العروبة نابضا بالحياة، كما كان فى أكتوبر المجيد.

عندما أشرقت شمس السادس من أكتوبر عام 1973، لم تكن مصر وحدها فى المعركة، بل كانت أمة بأكملها تقف صفا واحدا، تهتف بالنصر، وتقدم كل ما تملك من أجل تحرير الأرض واستعادة الكرامة. 

لم تكن حربا مصرية فقط، بل كانت معركة العرب جميعا ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذى ظن أنه لا يهزم واعتقد أن نكسة 1967 قد أنهت قدرة العرب على القتال، ولكن التاريخ أثبت غير ذلك، فقد كانت حرب أكتوبر لحظة فارقة فى تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، ومحطة مضيئة تجلت فيها روح الوحدة والتضامن بين الدول العربية، التى لم تتردد فى تقديم كل أشكال الدعم لمصر وسوريا، سواء كان عسكريا أو اقتصاديا أو دبلوماسيا أو حتى عبر استخدام سلاح النفط، الذى شكل حينها أحد أقوى الأدوات التى أجبرت القوى الكبرى على إعادة حساباتها.

لم تكن هذه الحرب مجرد مواجهة عسكرية بين جيشين، بل كانت صراعا بين إرادتين، إرادة الاحتلال التى سعت إلى فرض الأمر الواقع، وإرادة التحرر التى تمثلت فى مصر وسوريا بدعم قوى من أشقائهما العرب، فقد أدركت الدول العربية أن نجاح مصر وسوريا فى هذه الحرب يعنى نجاحا للعرب جميعا، وأن أى فشل سيكون انتكاسة للأمة بأكملها. ولهذا السبب، لم تتردد العواصم العربية فى تقديم كل أشكال الدعم الممكنة، حتى أصبحت حرب أكتوبر نموذجا تاريخيا للتضامن العربي، ليس فقط على مستوى الحكومات والجيوش، ولكن أيضا على مستوى الشعوب والإعلام والسياسة والاقتصاد.

منذ اللحظة الأولى للحرب، كانت هناك دول عربية ترسل جنودها وطائراتها إلى الجبهات، فى موقف يعكس روح الوحدة التى جمعت الأمة فى تلك الأيام المجيدة. كانت الجزائر واحدة من أوائل الدول التى قدمت دعما عسكريا مباشرا، حيث أرسلت أسرابا من الطائرات المقاتلة من طراز “ميج 21” و”ميج 17”، ولواء مدرعا بكامل تجهيزاته، بالإضافة إلى دعم مالى ضخم. كما لعب الرئيس الجزائرى هوارى بومدين دورا محوريا فى تأمين السلاح لمصر وسوريا، حيث توجه إلى موسكو شخصيا فى نوفمبر 1973، وقدم 200 مليون دولار للاتحاد السوفييتى لضمان استمرار إمداد البلدين بالأسلحة والذخائر، لم يكن هذا الدعم مجرد التزام سياسي، بل كان تعبيرا عمليا عن وحدة المصير العربي، وإيمان الجزائر بأن الدفاع عن مصر وسوريا هو دفاع عن الأمة كلها.

أما العراق، فقد كانت مساهمتها العسكرية بارزة، حيث أرسلت إلى مصر سربين من طائرات “هوكر هنتر”، ليصل عدد الطائرات العراقية التى شاركت فى الحرب إلى 20 طائرة، كما دعمت الجبهة السورية بقوة كبيرة، حيث أرسلت ثلاثة أسراب من طائرات “ميج-21”، وسربين من “ميج-17”، بالإضافة إلى فرقة مدرعة وفرقة مشاة. لم يكن العراق مجرد داعم عسكري، بل كان شريكا حقيقيا فى المعركة، وقدم قواته بروح قتالية عالية، مؤمنا بأن أى تراجع على الجبهة المصرية أو السورية سيكون نكسة للأمة العربية بأكملها.

ولم يكن الموقف السعودى أقل أهمية، بل كان أحد أكثر المواقف تأثيرا فى مجريات الحرب. فقد أدرك الملك فيصل بن عبد العزيز أن القوة الاقتصادية للمملكة يمكن أن تكون سلاحا فعالا فى المعركة، فاتخذ قرارا تاريخيا بقطع النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل، وهو القرار الذى شكل صدمة كبرى للغرب، وخلق أزمة طاقة خانقة فى الولايات المتحدة وأوروبا. كان الملك فيصل واضحا عندما قال عبارته الشهيرة: “إذا تقطعت إمدادات النفط عن الغرب، فلن يجدوا شيئا يأكلونه سوى أرجلهم”، وهو ما حدث بالفعل، حيث ارتفعت أسعار النفط بشكل غير مسبوق، واضطرت الدول الكبرى إلى إعادة حساباتها تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي. إلى جانب ذلك، قدمت المملكة دعما ماليا ضخما بلغ 200 مليون دولار، كما أرسلت 20 ألف جندى إلى الجبهة السورية، مجهزين بأحدث المعدات العسكرية، فى خطوة أكدت أن السعودية لم تكن مجرد داعم سياسى أو مالي، بل شريكا حقيقيا فى الحرب.

أما الكويت، فقد قدمت دعما متعدد الأوجه لمصر وسوريا، حيث أرسلت خمس طائرات “هوكر هنتر” إلى مصر، بالإضافة إلى طائرتى نقل عسكرى من طراز “هيركوليز” لنقل الذخائر والمعدات. وعلى الجبهة السورية، أرسلت الكويت لواء “الجهراء المجحفلة”، وهو قوة عسكرية متكاملة تتكون من وحدات مدرعة ومدفعية ومشاة، واستمرت فى القتال حتى نهاية الحرب، لتؤكد الكويت أن موقفها الداعم لم يكن مجرد موقف رمزي، بل التزام حقيقى بدعم الأشقاء فى معركة المصير.

لم تتوقف المساعدات عند الدول الخليجية والعراق والجزائر، بل امتدت إلى المغرب، الذى أرسل لواء مشاة إلى الجبهة السورية، وتمركزت قواته فى مرتفعات الجولان، كما قدم المغرب دعما إضافيًا عبر إرسال طائرات حربية ودبابات لدعم المعركة. أما السودان، فقد كانت من أوائل الدول التى أعلنت دعمها لمصر، حيث أرسلت فرقة مشاة إلى الجبهة المصرية، ولعبت الخرطوم دورا دبلوماسيا بارزا فى دعم الموقف المصرى عبر تنظيم “مؤتمر اللاءات الثلاث”، الذى أعلن بوضوح رفض العرب الاعتراف بإسرائيل أو التفاوض معها أو الصلح معها، وهو موقف ساهم فى تعزيز الموقف العربى على الساحة الدولية.

أما ليبيا، فقدمت مليار دولار لمصر لشراء الأسلحة، بالإضافة إلى 40 مليون دولار نقدا، وأربعة ملايين طن من النفط لدعم الاقتصاد المصرى خلال الحرب. كما أرسلت ليبيا سربا من طائرات “ميراج 5”، التى تمركزت فى قاعدة جناكليس الجوية بمصر، لكن ضعف جاهزية الطيارين الليبيين حال دون مشاركتهم المباشرة فى القتال، ومع ذلك، ساهمت ليبيا بشكل كبير فى تمويل شراء طائرات “ميراج 5” المصرية، والتى قادها طيارون مصريون فى المعركة.

حرب أكتوبر لم تكن مجرد انتصار عسكري، بل كانت شهادة حية على أن الوحدة العربية قادرة على تحقيق المستحيل. لقد أثبتت الحرب أن العرب عندما يتحدون يمكنهم تغيير موازين القوى، وفرض إرادتهم على الساحة الدولية. كانت الحرب درسا للعالم بأن الأمة العربية تمتلك من القوة والقدرة ما يجعلها لاعبا رئيسيا فى المنطقة والعالم، شرط أن تتوفر الإرادة الصادقة والتضامن الحقيقي.

لقد كانت حرب أكتوبر نموذجا لما يمكن أن يتحقق عندما يتجاوز العرب خلافاتهم، ويوحدون جهودهم خلف قضية مشتركة. ولعل أهم ما كشفته الحرب هو أن قوة العرب لا تكمن فقط فى جيوشهم، بل أيضًا فى قدرتهم على التأثير الاقتصادى والسياسي، وهو ما تجلى فى استخدام النفط كسلاح استراتيجى قلب موازين القوى العالمية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية