رئيس التحرير
عصام كامل

المجددون، ابن شهاب الزهري أول من دون الحديث النبوي

أبو بكر بن شهاب الزهري،
أبو بكر بن شهاب الزهري، فيتو
18 حجم الخط

عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّدُ لها دينها". 


ولم يشترط السيوطي أن يكون "المجدِّدُ" فردًا، بل يشمل كل من نفع الأمة وجدد لها شيئًا من أمور دينها ودنياها في أي مجال من المجالات، وأيده في ذلك ابن الأثير الجزري وشمس الدين الذهبي، وابن كثير الدمشقي، وابن حجر العسقلاني.


ولا يلزم أن تجتمع خصال الخير كلها في شخص واحد، بل قد يكون هناك أكثر من عالِمٍ في أكثر من مكان، في وقتٍ واحدٍ، أو أزمانٍ متفرقة، يتميز كل منهم بمزية في علم من العلوم الدينة والدنيوية، شريطة أن يكونوا جميعا مسلمين، مؤمنين، ملتزمين بهدي الدين الحنيف.
 

وهذا موجود، ولله الحمد، حتى قيام الساعة، فهناك من يتفوق في اللغة، والفقه، والتفسير، وهناك من يمتاز في العلوم الحديثة، كالطب والهندسة والتكنولوجيا، وغيرها.. وهناك من يدفع عن الإسلام شبهات الملحدين، والمتطرفين والمفرطين، ويصد هجمات المبطلين، والمنحرفين، وأعداء الدين.

 

 

يعتبر من مجددي القرن الأول، وذلك في رأي ابن الأثير الجزري، ومحمد شمس الحق العظيم آبادي، أحد المجددين على رأس المائة الأولى بصفته أحد المحدثين.
هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزُهري، يرجع نسبه إلى بني زُهرة بن كلاب، وهو من التابعين في المدينة المنورة، وأحد علماء الحجاز والشام.
وهو من الأئمة الكبار، بالإضافة إلى أنه من أكبر الفقهاء والحفاظ.
وهو أوّل من قام بتدوين الحديث النبوي الشريف، وتزخر كتب الحديث الستة بالكثير من أحاديثه المسندة، وعُرف عنه أنّه كان يسير في المدينة والصحف والألواح معه، ليكتب كلّ ما يسمع من أحاديث.

مولده

 

وُلد ابنُ شهاب الزهري في آخر ولاية معاوية، في عام 58 للهجرة، وهو العام الذي توفيت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها. 
نشأ ابن شهاب فقيرًا، وأقبل على طلب العلم، ورافق بعض صغار الصحابة مثل: سهل بن سعد الساعدي، وأنس بن مالك رضي الله عنهما، كما أنّه عايش كبار التابعين مثل: عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وغيرهما.
ورحل الزهري إلى الشام، حيث عاش فيها، ولقي عبد الملك بن مروان الذي أبدى أعجابه بعلمه الوافر، فخصّص له راتبًا من أموال الدولة.
 

وبعد وفاة عبد الملك ظلّ الزهري ملازمًا للحكام الأمويين الذين حكموا الشام من أمثال الوليد بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز الذي قال عنه: "عليكم بابن شهاب، فإنّكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه".
 

تولى ابن شهاب العديد من المناصب في عهد الدولة الأموية، حيث أسند إليه يزيد منصب القاضي في عهده، كما أسند إليه هشام بن عبد الملك منصب تعليم أولاده.

أفضل علماء عصره

أثنى عليه الكثيرُ من العلماء، وفضَّلوه على علماء عصره المشهورين، فقد قال عنه أنس بن مالك، رضي الله عنه: "ما أدركتُ فقيهًا محدِّثًا غير واحد، فقيل له: من هو؟ فقال: ابنُ شهاب الزهري".
 

وقال عنه الشافعي: "لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة". 
قال له سعيد بن المسيب: ما مات من ترك مثلَك.
 

وقال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: هل تأتون ابن شهاب؟ قالوا: إنا لنفعل، قال: فأتوه، فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه، قال معمر: وإن الحسن ونظراءه لأحياء يومئذ.
روي عن جعفر بن ربيعة: أنه قال: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله، وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان، وأفقههم فقها بما مضى عن أحوال الناس: سعيد بن المسيب، وأما أغزرهم حديثا، فعروة، ولا تشأ أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته، وأعلمهم عندي جميعا: ابن شهاب، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه.

ليس له نظير

قال مالك بن أنس: بقي ابن شهاب وما له في الناس نظير.
قال الشافعي: لولا الزهري ذهبت السنن من المدينة.
وقال أحمد: الزهري أحسن الناس حديثا، وأجود الناس إسنادا.
وقال علي بن المديني: أعلم الناس بقول الفقهاء السبعة الزهري.
كان الإمام الزهري قد قام بجهود كبيرة في نشر السنة وإذاعتها بين الناس، حيث كان يقوم بتدريسها لكل من يطلبها، ومذاكرته لها مع أقرانه، ونشره لها بطريق الكتابة، وإملاؤه إياها على تلاميذه.

تلاميذه

تتلمذ على يدي الزهري عددٌ كبيرٌ من العلماء، وخاصّة في مجال الحديث النبوي، من أمثال عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن رباح، وقتادة بن دعامة، وقد كان هؤلاء يفوقونه في العمر، أمّا من تعلم على يديه من أقرانه فهم كُثر نذكر منهم صالح بن كيسان، ومنصور بن المعتمر، وغيرهما.
 

وقد روى عنه الكثير من العلماء من أمثال: يحيى بن سعيد الأنصاري، ومنصور بن معتمر، وعراك بن مالك، وغيرهم.
عن يونس بن يزيد قال: سمعت الزهري يقول: إياك وغلول الكتب، فقلت: ما هو؟ قال: حبسُها.
 

رُوِي عن مالك بن أنس أنه قال: حدَّث الزهري بمائة حديث، ثم التفت إليّ، فقال: كم حفظتَ يا مالك؟ قلتُ: أربعين. فوضع يده على جبهته، ثم قال: إنَّا للهِ، كيف نقص الحفظ.

اهتمامه بنشر السُّنَّة

قال الزهري: الاعتصام بالسُّنَّة نجاةٌ، وعن الأوزاعي عن الزهري قال: كان من مضى من علمائنا يقول: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يُقبضُ قبضا سريعا، فبِعِزِّ العلم ثباتُ الدين والدنيا، وفي ذهابِ العلمِ ذهابُ ذلك كلِّه.

بالإضافة إلى ما أنفق الإمام الزهري من وقت وجهد في نشر السنة، فإنه أنفق كثيرا مما كان متيسرا لديه من مال، بل إن ما كان ينفقه على نشرها أكثر بكثير مما كان ينفقه على نفسه وأهله وشؤونه الخاصة، فقد كان يطعم طلاب العلم بكل معاني البذل والسخاء، فكان يقدم لهم أفضل ما لديه من طعام، وكان يتعهد بالإنفاق على من ليس عنده ما ينفقه على نفسه من طلابه، وكان لا يعلم طالبا إلا إذا أكل عنده شيئا.
كما كان يخرج للأعراب في البوادي فيعلمهم ويطعمهم ويقدم لهم ما يملكه من لذيذ الطعام وشهيِّه، هذا بالإضافة إلى ما كان ينفقه على رحلاته لطلب العلم وجمعه. 
وعن موسى بن عبد العزيز قال: كان ابن شهاب إذا أبى أحد من أصحاب الحديث أن يأكل طعامه حلف ألا يحدثه عشرة أيام.
رُوي عن الليث بن سعد أنه قال: سمعته - أي ابن شهاب - يبكي على العلم بلسانه، ويقول: يذهبُ العلمُ وكثير ممن كان يعمل به.
فقلت له: ووضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفا في الناس بعدك؟ قال: والله ما نشر أحد العلم نشري، ولا صبر عليه صبري.
 

ولكي تكونَ مهمة تعلم السنة يسيرة، يرى الإمام الزهري التدرج في أخذها شيئا فشيئا، وحديثا بعد حديث، وألا يندفعَ عليها الطالبُ مرةً واحدةً لئلا تزدحم عليه المعلومات فتثقله وتؤدي به إلى الملل.. وأن يسعى الطلابُ إلى العلماء، ولا يسعى العلماءُ إلى بيوت الطلاب والمتعلمين، لما يترتب على سعي العلماء إليهم من هوانِ العلم وذلته، رُوي عن مالك أنه قال: سمعتُ الزهري يقول: هوانُ العلم وذلُّه أن يحمله العالمُ إلى بيتِ المتعلم.
 

وكان يحذر من طول مجلس العلم، لما قد يؤدي إليه طوله من السأم والملل، فقد قال: إذا طال المجلسُ كان للشيطان فيه حظٌّ ونصيبٌ.

وفاته

تُوُفّي الزهري بعد حياة حافلة بالكثير من الإنجازات العلمية، ليلة الثلاثاء لـ19 أو لـ17 ليلة خلت من شهر رمضان، سنة 124 هجرية، على أرجح الأقوال. وكان عمره خمسة وسبعون عامًا.


وقد أوصى أن يُدفن على قارعة الطريق، حتى يدعو له كلّ من يمرّ من الطريق، وقد قٌيل أنّه دُفن بشغب في آخر حدود الحجاز، وأوّل حدود فلسطين.
مر الأوزاعي بقبره يوما، فوقف عليه وقال: يا قبر؛ كم فيك من علم ومن حكم.. يا قبر؛ كم فيك من علمٍ ومن كرمٍ، وكم جمعت روايات وأحكاما.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية