رئيس التحرير
عصام كامل

الرسول والشباب (3)

18 حجم الخط

 بالحرص على تربية الشباب بشكل صحيح، وغرس تعاليم الإسلام الحقيقية، من رحمة، وشجاعة، وزهد واجتهاد، وتسامح، وصدق، وحب، وورع، وتقوى، حارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، التطرف والعنف، والبغض والحقد والكراهية، والتنابز، وغيرها مما كان يزخر بها المجتمع الجاهلي قبل الإسلام.

 

واسمحوا لي أن أروي بالتفصيل قصة الصحابيُّ الجليل زيد بن حارثة مع سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فقبل أنْ يُبْعَث النبي كان زَيْد عُمرهُ لا يزيد على ثماني سنوات، قد أَتَوْا به إلى سوق عُكاظ وباعوه عَبْدًا.. 

والحكاية أن أمه سعدى بنت ثعْلبة انتوت أن تزور قومها بني معن، وكانت تصحب معها ابنها زيد بن حارثة، فما كادت تحِلُّ في ديار قومها حتى أغارت عليهم خيلٌ لبني القيد، فأخذوا المال واستاقوا الإبل وسبوا الذراري، هكذا كانت عادات العرب في الجاهلية.

 

زيد بن محمد

 باعوا زيدا في سوق عُكاظ عبدًا، واشتراه حكيم بن حَزام بن خُوَيلِد بأربعمائة درهم، واشترى معه طائفةً من الغلمان وعاد بهم إلى مكة، فلما عرفت عمَّتُه خديجة بنت خُوَيلد بمقدمه زارته مسَلِّمةً عليه مرَحِّبةً به، فقال: "يا عمَّةُ؛ لقد ابتعتُ من سوق عُكاظٍ طائفةً من الغلمان فاختاري أيَّا منهم تشائين فهو هديَّةٌ لكِ"، فتفرَّست السيدةُ خديجةُ وجوه الغلمان، واختارت زيدَ بنَ الحارثة لِما بدا لها من نجابته، ومضتْ به.

 

وما هو إلاَّ وقتٌ قليلٌ حتَّى تزوَّج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من خديجةُ بنتُ خويلد، فأرادت أن تُطرِفه، أي تتحفه بتُحفة وهدية، فأهدت له غلامها زيد بن حارثة، فأعتقه النبي عليه الصلاة والسلام فورًا.

 

بقِيَ عند النبي.. ليس باعتباره عبدًا، إنما بقي عنده ضيفًا، أما أُمُّه وأبوه فقد بَكَيَا عليه كثيرًا وبَحَثاَ عنه كثيرًا، وفي موسمٍ من مواسم الحجِّ قصَدَ البيتَ الحرام نفرٌ من قوم زيدٍ، وفيما كانوا يطوفون بالبيت العتيق، إذْ هم بِزَيدٍ وجهًا لوجهٍ، فعرفوه وعرفهم وسألوه وسألهم، وقال زيدٌ لهؤلاء: أخبروا أبي أني مع أكرمِ والد.. ولما قضَوْا مناسكهم وعادوا إلى دِيارِهم أخبروا أباه.

 

لما علم حارثة أنَّ ابنه فَلِذَةُ كَبِدِه بِمَكَّة عند سيدنا محمد، شَدَّ راحِلَتَهُ وهيَّأ المبلغ الكبير لافتدائه، تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مكَّة المُكَرَّمة ومعه أخوه، فلما دخلا على سيدنا محمد، قالاَ له:

“يا بن عبد المُطَّلب أنتم جيران الله تَفُكُّون العاني، وتُطْعِمون الجائِع، وتُغيثون الملْهوف، وقد جِئْنا في ابننا الذي عِندك، وحَمَلْنا إليك من المال ما يفي به، فامْنُنْ علينا وفاده لنا بما تشاء واطْلُب المبلغ الذي تريد”، فقال عليه الصلاة والسلام وهو سيّد الخلق: ومن ابْنُكُما الذي تَعْنِيان؟

فقالاَ: غُلامك زَيْدُ بن حارِثَة، فقال: وهل لكما فيما هو خيرٌ من الفِداء؟ فقالا: وما هو؟ قال صلى الله وسلم: "أدْعوه لكم فَخَيِّروهُ بيني وبينكم، فإنْ اخْتاركم فَهُو لكم بِغَيْر مال، وإن اخْتارني فما أنا بالذي يرغب عمن اخْتاره".

فقال العمّ والأب: واللهِ قد أنْصَفْت وبالغتَ في الإنصاف، فَدَعا النبي زيْدًا، فقال: “من هَذان؟” قال: هذا أبي حارثة ابن شُرَحْبيل، وهذا عمِّي كَعْب، فقال: “يا زيد، قد خَيَّرْتك إنْ شِئتَ مَضَيْتَ معهما، وإن شِئتَ أقَمْتَ معي”، فقال زيدٌ من غير تَرَدُّدٍ ولا إبْطاء: بل أُقيمُ معك، وما أنا بالذي أخْتار عليك أحدًا أنت الأب والعمّ، فقال أبوه: وَيْحَكَ يا زيد، أَتخْتارُ العُبودِيَّة على أبيك وأمِّك؟ قال: "إني رأيْتُ من هذا الرجل شيئًا أنْساني كُلَّ إنْسان، ما أنا بالذي يُفارقُه أبدًا".

 

فلما رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، من زَيْدٍ ما رأى أخذ بِيَده وأخْرجه إلى البيت الحرام، ووقف به بِالحِجْر على ملأ من قُرَيش. وقال: “يا معْشَر قُرَيْش، اِشْهدوا أنَّ هذا ابني يَرِثُني وأرِثُهُ”، عندئِذٍ طابتْ نفسُ أبيه وعَمِّه وخَلَّفاهُ عند محمّدٍ بن عبد الله وعادا إلى قوْمِهما مُطْمئِنّي النفس ومُرْتاحي البال.

 ومنذ ذلك الوقت أصبح زيدُ بن حارِثة يُدْعى بِزَيْد بن محمّد، فلما بُعِثَ النبي عليه الصلاة والسلام، أبْطَلَ الإسلامُ التَبَني.. أما عن حياة زيد في كنف رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بعد إبطال التبني، فلها قصة أخرى طويلة، وفيها من الدروس والعبر الكثير والكثير.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية