رئيس التحرير
عصام كامل

دماء ودموع على شطآن الطفولة!

 

ظلال قاتمة

في قرية هادئة على ضفاف النيل، بمحافظة بني سويف، عاش الطفل إسلام طفولة بريئةً، يملأ ضحكُه شوارعها وبيوتها، لكن سرعان ما انتهت تلك البراءة، عندما عُثر على جثته، وبه جرح قطعي في الرقبة وملقى في الشارع.

 

انتشر الخبر كالنار في الهشيم، وخرج الأطفال يصرخون بأعلى صوت: يا أم إسلام، إسلام اتقتل، إسلام مدبوح!

 

الأم المكلومة هرعت بهستريا تبحث عن ابنها، وتجري إثر إشارات الأطفال فين؟ إسلام يا ولدي! ارتمت الأم على ابنها، حالة من الحزن والغضب والخوف معًا انتابت القرية بأكملها، كيف يمكن لإنسان أن يُقدم على قتل طفل بريء بهذه البشاعة؟ ما الذي حدث للقرية الطيب أهلها؟!

Advertisements

 

تحقيقات وكشف مُفاجئ

بدأتْ الأجهزة الأمنية تحقيقاتها المكثفة لكشفِ غموضِ الجريمة. لم يكن الأمر سهلًا، كل من في القرية كان يحب إسلام، ولا مُبرر لقتله.. واجهت المباحث صعوبة كبيرة في التحقيق في هذه الجريمة، إذ لم يكن هناك شهود عيان عليها، ولم يكن هناك أي دليل واضح على هوية القاتل.

 

لكن بفضل جهود المباحث الدءوب، تمكنوا من جمع بعض الأدلة التي ساعدتهم على الوصول إلى القاتل.

 

كاميرات المراقبة

تمكنت المباحث من مراجعة كاميرات المراقبة في المنطقة المحيطة بمنزل الطفل إسلام، وكلما فحصوا كاميرا محل خرجوا بعدها بدقائق، وما أن وصلو إلى محل الحاج علي، وفحصوا كاميراته، وجلس رئيس المباحث يعيد المقطع مرات ومرات، ارتسمت على وجهه ابتسامة توحي بأنه وصل للقاتل، وسرعان ما توصل إلى مُفاجأة مُروعة، فالمتهمة بقتل إسلام هي خالتُه، التي كانتْ تقيم في نفس القرية، وبجوار منزل إسلام.

لكن كيف توصل رئيس المباحث إلى القاتلة؟ وماذا وجد في مقطع الفيديو؟
رصد المحقق أن الطفل إسلام، دخل منزل خالتُه، وبعد 10 دقائق خرجت سيدة منتقبة ترتدي جلابية رجالي وشبشبًا حريميًا، وتحمل لفافة كبيرة بيضاء اللون، ربما يكون الطفل إسلام بعد قتله!

 

وعندما سأل المحقق على المنزل وهل هناك سيدة ترتدي النقاب بداخله، جاءت الإجابة بالنفي، فداهمت المباحث المنزل، للبحث عن الجلابية الرجالي فلم تجد شيئًا، ولكنها عثرت على الشبشب الموجود في الفيديو، فالمتهمة استدرجت إسلام إلى منزلها، وقتلته بسكين المطبخ، وحاولت التنكر بارتدائها ملابس زوجها المسافر، وغطت وجهها بنقاب ونسيت خلع الشبشب الذي كشفها. 

 

لم تحاول المتهمة إنكار قتلها إسلام بعد محاصرتها بتلك الأدلة وأرشدت إلى أداة الجريمة، وكان مبررها أنها أقدمت على قتل إسلام، لخلافات قديمة على الميراث بينها وبين شقيقتها، فأرادت حرق قلبها عليه!

 

حكاية مأساوية تُضاف إلى سجل جرائم القتل، تثير مشاعر الحزن والعجب من قسوة الإنسان ووحشيته. فكيف لخالة أن تُقدم على قتل ابن شقيقتها، ذلك الطفل الذي لم يُؤذ أحدًا! وكيف لخلافات الميراث أن تقود إلى جريمة بشعة كهذه؟

 


وتبقى حكاية إسلام شاهدة على ضرورة نشر الوعي الديني لكي لا تتكرر مثل هذه المآسي، وكي تبقى شطآنُ الطفولة خالية من الدماء والدموع.

الجريدة الرسمية