رئيس التحرير
عصام كامل

شهداء الجوع.. تفاصيل صغيرة وتدمير كبير

ما الموقف الآن؟ ما هي صورة المشهد المأساوى بتفاصيلها المخضبة بالدم في غزة؟ وما نتائج امتداداتها ما بين واشنطن والقاهرة والدوحة وتل أبيب، بل وبيروت؟ الصورة الاجمالية تبدأ تفاصيلها من الداخل الاسرائيلي حيث يحتاج الجيش إلي عشرة الأف جندي ليواصل حربه علي الجبهات الثلاث، غزة شمالا وجنوبا ثم بيروت ثم دمشق.. 

 

وسبب النقصان راجع إلى الخسائر الكبيرة ما بين قتلى ومصابين، وإعادة تشغيل الجنود من الاحتياط فى مصانعهم وشركاتهم ومكاتبهم.. المتشددون الدينيون وإسمهم العبرى الحريديم يرفضون التجنيد، ووزير الدفاع يريد تجنيدهم، لكن نتنياهو تحايل وقدم قانونا لإعفائهم من التجنيد لأن حكومته تتداعى إن خرجت منها الاحزاب الدينية المهووسة.. 

Advertisements

 

هذا جانب من صورة الداخل، جانب آخر يتمثل في تزايد ضغوط أسر الرهائن المحتجزين لدى حماس على الحكومة الاسرائيلية للتعجيل بعقد صفقة لإعادة أبنائهم وبناتهم، والمفارقة أن ممثل الجيش الاسرائيلي في مباحثات القاهرة أو الدوحة متعاطف معهم، إذ صرح بأن عائلات الأسرى سيصابون بالذهول إذا عرفوا أن الصفقة ممكنة لولا تعنت نتنياهو.. 

 

وأن الفجوات ضيقة جدا وأن حماس قدمت تنازلات كبيرة، ولقد شهد أمس تهديد عشرات الالاف من عائلات المحتجزين ومن المتعاطفين معهم بحرق البلاد.. حرق إسرائيل.. إن لم تعجل الحكومة بتبادل الأسرى، بل وطالبوا بالإطاحة بنتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة ورفعوا لافتات صوروه فيها سفاحا يقطر الدم من فمه.. 
 

على الجانب الآخر، عند حماس، فإن المقاومة الفلسطينية طلبت فقط أمرين لإتمام الصفقة حاليا، أولاهما السماح بعودة النازحين إلى الشمال مرة أخرى، ثم وقف دائم لاطلاق النار وإنهاء الحرب على القطاع مع نهاية المرحلة الثالثة من عملية التبادل.. وهو ما ترفضه إسرائيل..

 

ومع ذلك ورغم الرفض، فإن نتنياهو وافق علي عودة رئيس الموساد برنياع إلى الدوحة، ورئيس الشاباك إلى القاهرة للتفاوض، وهذه العود ة اليوم الأحد إلي القاهرة.. ففيم إذن الذهاب ولماذا؟


يفسر بعض المحللين الحراك الحالى في المكان بأن الجيش الاسرائيلي يتجه إلى التثاقل في عملياته، باستثناء عمليات القصف، والتدمير الممنهج، لكن التحرك على الأرض ميدانيا يشوبه بطء ملحوظ.. 
 

لو انتقلنا إلى واشنطن، وفي مقر وزارة الدفاع الأمريكية، سوف نعرف أن يوآف جالانت وزير الدفاع سمع كلاما قاسيا عن بلاده، وهو سافر ليعرض على بايدن وولويد أوستن وزير للدفاع الأمريكي الخطة الانسانية لتدمير رفح!


سخر منه بعضهم هناك من أن جيشا فشل في تمرير 50 شاحنة إلى الشمال في غزة، هل يمكنه تدبير وتنفيذ عملية إجلاء لمليون انسان؟!

شهداء الجوع

جزء من مهمته أيضا كان الاستماع لخطة بديلة وضعها الخبراء الأمريكيون، تسمح باصطياد رؤوس حماس، مع أقل عدد ممكن من الضحايا المدنيين، دون الحاجة إلى إجتياح برى شامل يدوس بدباباته وآلياته على أجساد مليون بنى أدم مكدسين في كل مكان.


التصريحات الأمريكية تفيد بأن جالانت لم يعرض الخطة الاسرائيلية للاجتياح، إنما إكتفي بعرض الخطة الانسانية، أو خطة الذبح الرحيم كما يجب أن تسمى، ومع ذلك فأن الامريكان فتحوا مخازن قنابلهم وطائراتهم ليعود جالانت ب1800 قنبلة زنة 2000 رطل و500 قنبلة زنة 500 رطل فضلا عن طائرات ومحركات طائرات بالمليارات مجانا!


وننقل البصر والبصيرة إلى شمال اسرائيل، حيث لبنان، فنجد أن جالانت بعد العودة، يتحدث عن حرب علي لبنان، وليس حزب الله فقط، وأن توسيع الهجمات ومداها سيشمل بيروت وصيدا وبعليك والجنوب بالطبع.


ولعل صفقة السلاح والقنابل الجديدة أخذها لضرب لبنان، ونعلم أنه منذ أيام بدأ سلاح الجو الاسرائيلي بالفعل تدريباته علي عمليات فوق لبنان، وهددت إسرائيل بأن ضرب لبنا ن وإنهاء تهديد حزب الله هو الحرب التالية بعد غزة.. 


وسط هذا كله، يموت الناس قصفا وجوعا ووصل العدد إلى 32 ألف و800 شهيدا حتى كتابة هذه السطور.. وصار من الشهداء من بات يعرف بشهيد الجوع.. وهؤلاء عددهم للحظة الحالية 29 شهيدا فيهم أطفال.. أطفال ماتوا جوعا.. إنسان يموت من الجوع في عصر الوفرة وعصر التحضر؟ الرحمة يا ربى.

 


تلك تفاصيل دامية، والولايات المتحدة فاعل رئيسي، وسبب جوهرى، في استمرار هذه المأساة.
تطعمهم من مظلات طائراتها، تلقى علي الجوعى وجبات أمريكية، وتدمرهم على الأرض بسلاح تمنحه للنازية الاسرائيلية.

الجريدة الرسمية