رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

الأغنية تدعم فلسطين على الطريقة السويدية!

أكدنا من قبل على أهمية دور الفن بكل أنواعه في التعبير عن قضايانا الحيوية والمصيرية، في كل الأوقات والأزمات والملمات والحروب والصراعات خاصةً الأغنية، لأنها السلاح الأسرع والأقوى انتشارًا وتأثيرًا، والأقدر على الوصول إلى عشرات الملايين من الجمهور في كل مكان وزمان..

 

ولقد لعبت الأغنية المصرية بالفعل دورًا بارزًا في هذا المجال على مدار تاريخها منذ ثورة 19 وطوال مراحل الكفاح المصري ضد الاحتلال، مرورًا بحركة الضباط في 1952، فحقبة عبد الناصر وحروبه ومشروعاته ثم مصر أكتوبر وما تلاه.. 

Advertisements

 

قبل أن تحدث عملية تراجع في مستوى ومضمون هذه الأغنية منذ عصر الانفتاح حتى الآن، برحيل رموز الشعراء والملحنين الذين نهضت وازدهرت الأغنية الوطنية على أياديهم، مثل صلاح جاهين، الأبنودي، عبد الرحيم منصور، أحمد فؤاد نجم، سيد حجاب، عبد الوهاب، بليغ حمدي وغيرهم.. 

 

وهو ما ينحسب أيضًا على الأغاني الوطنية التي تدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة المحتل الصهيوني، والتي شهدت زخمًا كبيرًا في العصر الذهبي للأغنية الوطنية العربية، منذ بداية الخمسينيات حتى معاهدة السلام مع اسرائيل أواخر السبعينيات، حيث تضاءل الاهتمام بالقضية الفلسطينية كثيرًا ولم نعد نجد أغنيات تدعمها، اللهم إلا على فترات متباعدة وأقل كثيرًا في المستوى من مثيلاتها في الحقبات السابقة!

إنتاجات ضعيفة

توقعنا الكثير من صناع الأغنية ومبدعيها المصريين والعرب، وانتظرنا تفاعلًا سريعًا وقويًا منهم، دعمًا لأبطال طوفان الأقصى في صراعهم الحالي مع الكيان الصهيوني، الذي يخطط لإبادتهم وتصفية قضيتهم، ويرتكب أبشع الجرائم والمجازر ضدهم، ولكن هيهات فقد طال انتظارنا ويبدو أنه سيطول أكثر وأكثر للأسف! 

 

فلم تتمخض قريحة المبدعين من صناع الأغنية إلا عن محاولات قليلة وبسيطة وسريعة التجهيز في أغلبها من الأغنيات، التي لا ترتقي بأي حال من الأحوال لمستوى الحدث، فضلًا عن كون معظمها ليس لنجوم الغناء الكبار، ومن ثم لم تعبر بقوة عن حجم ما يحدث، ولم تقدم الغرض منها من الدعم والتأييد وإلهاب الحماس، مثلما كانت تفعل الأغاني الوطنية في عقود سابقة! 

 

حيث كان لأغاني مثل.. فلسطين لعبد الوهاب، المسيح لعبد الحليم، أصبح الآن عندي بندقية
لأم كلثوم، زهرة المدائن لفيروز تأثير عظيم وصدى واسع في دعم الشعب الفلسطيني، ومن ثم لم نعد نجد الآن سوى أغنيات معدودة لمطربين مثل أحمد سعد بأغنية غصن الزيتون، الأردنية ديانا كرازون الشعب البطل.. 

 

وعلي الحجار النصر جاي أكيد والتي يقول في أحد مقاطعها: الأرض أرضي علمًا وحدود واسمها فلسطين، الله يعينكم عالطريق والنصر جاي أكيد، سمسم شهاب بأغنية قسمًا بالله، حمزة نمرة حكاية طفل، أحمد شيبة جاي تقول شالوم، رحاب سليم فلسطين تنادينا.

 

العودة للقديم

وإزاء ما يشبه العقم الإبداعي في تقديم أغاني جديدة دعمًا لفلسطين في صراعها الوجودي، أضطر عدد من المطربين وصناع الأغنية إلى إعادة البث والتذكير بأغنياتهم القديمة الناجحة عن فلسطين والتي من أبرزها.. أوبريت القدس هترجع لنا الذي طرح عام 2000 تفاعلًا مع استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة على يدي جنود الاحتلال..

 

وشارك فيه عدد كبير من الفنانين منهم.. هدى سلطان ومحمود ياسين ونادية لطفي ومدحت صالح وخالد عجاج ومحمد محي، ألحان رياض الهمشري وتوزيع حميد الشاعري. وأعادت المطربة شيرين عبد الوهاب طرح أغنية أم البلاد على اليوتيوب والتي قدمتها من 21عامًا.

 
وهو نفس ما فعله محمد ثروت بأغنيته القدس عربية، ورامي صبري بأغنيته القصة مكملة، ولطيفة بأغنية إلى طغاة العالم، والتي نشرت مقطعًا منها على انستجرام جعلها تتلقى تهديدًا بغلق حسابها على هذا الموقع!


تردد أيضًا أن هناك مناقشات لعودة تقديم الأوبريت الشهير الحلم العربي الذي ظهر للنور عام 1996 وشارك فيه 21مطربًا عربيًا منهم أصالة، ذكرى، لطفي بوشناق، الشاب خالد، ديانا حداد، نبيل شعيل، محمد الحلو، كتبه مدحت العدل، لحن حلمي بكر وفاروق الشرنوبي وتوزيع حميد الشاعري.


على الطريقة السويدية
 

من ستوكهولم إلى نيويورك مرورًا بلندن ومدن أوروبية كثيرة، ردد كلماتها الآلاف في مسيرات عارمة تضمانًا مع أهل غزة، أغنية سويدية ترجمت العربية تحولت إلى أيقونة عنوانها تحيا فلسطين Leve Palestina حققت أكثر من 2 مليون مشاهدة في أيامها الأولى على اليوتيوب..

 

معظمنا يظنون أنها جديدة لكن عمرها 45 عامًا غنتها فرقة كوفية السويدية الفلسطينية لأول مرة بحفل غنائي بالعاصمة السويدية ستوكهولم عام 1978، كلمات الفنان الفلسطيني جورج توتري الذي هاجر إلى السويد وأسس فرقة كوفية..

 

 وتقول بعض كلمات الأغنية: تحيا تحيا تحيا فلسطين.. تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية.. نحن زرعنا الأرض.. حصدنا القمح.. قطفنا الليمون.. وعصرنا الزيتون وكل العالم يعرف أرضنا، تحيا تحيا تحيا فلسطين.

 


عادت هذه الأغنية بتقنية الذكاء الاصطناعي لتصبح الأيقونة والملهمة والمحفزة للشعب الفلسطيني في نضاله البطولي ضد آلة الدمار الصهيونية، فلتحيا تحيا تحيا فلسطين.

الجريدة الرسمية