رئيس التحرير
عصام كامل

أمنيات الشعب.. في الفترة المقبلة

على مدى أيام ثلاثة مضت قدم الرئيس السيسي ووزراؤه كشف حساب للسنوات العشر التي تولى خلالها مقاليد الحكم في مصر في مؤتمر حكاية وطن: الحكاية والإنجاز.. الرئيس كان حاضرًا الجلسات كلها لساعات طوال، مستمعًا ومناقشًا ومفسرًا وكاشفًا الكثير من الملفات والأسرار والأوجاع الذاتية، وما واجهه من تحديات كان عليه مواجهتها..

 

وهى: قلة المال، ومحدودية الوقت، وعدم التقدير من الشعب الذي يرى أن الأكل بالنسبة له أهم مما يشيده ويبنيه رئيس البلاد من مشروعات قومية.. بينما الرئيس يرى أن البنية الاساسية توسع الموارد وتأتي بالمال لنأتي بالطعام.. وهنا نشأ فارق بين الأولويات؛ أولويات الرئيس وأولويات المواطن.. وبينهما تشكلت فجوة لم تفلح الحكومة ولا الإعلام في ردمها عبر تقديم الحقائق للناس والرأي العام.

Advertisements


حكاية وطن.. فعاليات انطوت على مكاشفة روى الرئيس خلالها الكثير من المعاناة في تدبير الموارد الكافية لنقل البلاد نقلة واسعة إلى الأمام.. لكن التحديات كانت كبيرة، والمعوقات كانت ولا تزال أكبر، ولا مجال لتجاوزها إلا بإرادة سياسية وشعبية معًا.

جلسات حكاية وطن


ما يجب الالتفات إليه هو تركيز الرئيس علي الأمن والاستقرار، وهو الهاجس الأكبر والأخطر لأي وطنى يعشق بلده، لأننا ما زلنا ندفع فاتورة خراب وفوضى وعمالة صاحبت مؤامرة يناير 2011، والتى بلغت كما حددها المسئول الأول في مصر نحو٤٥٠مليار دولار لسنوات 2011 و2012 و2013.. أيامها كان الشعب في الشوارع، مظاهرات واعتصامات وتفجيرات ارهابية، نصحو علي دموع وننام علي دموع.


الرئيس بادر بمداخلات توضيحية خلال جلسات حكاية وطن أظهرت عزوفًا وزهدًا، وقال بوضوح أمامكم فرصة للتغيير، فصناديق الاقتراع تحدد من تريدونه، وهو موقن بأن أيا من يحكم هو اختيار الله قبل اختيار الناس، مستشهدًا بقوله تعالى: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رددها الرئيس بثقة..

 

لأن هذا بالفعل واقع الحال وواقع النفس التى تعمل بتجرد.. بل إنه ذهب لأبعد من ذلك حين دعا أن يوفقه الله إن كان هو أولى بها من غيره، أو يوفق غيره من المرشحين للرئاسة إن كان هو أولى بها منه.. والسؤال: من يملك مقومات قيادة بلد بحجم مصر من بين المرشحين؟!

 

البعض يرى أن الرئيس السيسي بما يملكه من علاقات متميزة بالعالم الخارجي.. وبما يملكه من علاقات قوية بمؤسسات الدولة في الداخل تجعله أقدر على إدارة مؤسسات الدولة المختلفة وهو ما يفتقده بقية المرشحين.. ومن ثم يرون أن التصويت سيكون لصالح المرشح عبدالفتاح السيسي الذي لم يكسب مجرد معركة أو حرب، بل كسب مصير وطن بأكمله، وأنقذه من حرب أهلية أثناء حكم الإخوان.

إستكمال المشروعات التنموية


ويحدوني أملٌ عريض أن تكون ولايته الجديدة استكمالًا للمشروعات التنموية التي بدأها، وأن يضاف إليها حسم قضايا طال انتظارها مثل ملف سد النهضة وطمأنة المواطن على مستقبلنا المائي المهدد بفعل التعنت الأثيوبي، وأن يزداد الإنتاج والتصدير بصورة تضمن حل مشكلة نقص الدولار ووقف جنونه وتقوية موقف العملة المحلية، ووقف ارتفاع الأسعار الذي تعب المواطن منه، سواء كان فقيرًا أو متوسط الحال أو حتى غنيًا..

 

وأن يتحقق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية خاصة القمح والأرز والسكر الذي لا أجد مبررا لارتفاع سعرهما في ظل ما ننتجه محليًا من كميات تكاد تكفينا لولا جشع التجار، وضعف الرقابة والسيطرة الحكومية على الأسواق.. ووضع الرجل المناسب الكفء في المكان المستحق والمناسب، وتقوية الأحزاب والسماح بتعدد الآراء كما قال الرئيس بنفسه.. 

 

من المهم وقف الجشع الذي طال كل شيء فى حياتنا ولم يترك سلعة.. أو خدمة إلا وطالها.. آن الأوان وقف السوس الذى ينخر فى كل شيء في حياتنا.. وهذا بلا شك يحتاج  حكومة قوية غير مرتعشة.. وتفكيرًا من خارج  الصندوق.


لا بد أن نعترف بأن المواطن لن يرضى إلا بما يصل إليه في حياته اليومية ويرفع عنه العبء؛ ولا يعترف كثيرون إلا بما يصل إلى بطونهم ولا يدرك كثير منهم معنى أو مغزى أن البرنامج الانتخابي للرئيس هو مزيد من الدموع، والعمل، والصبر لكي ننقل مصر إلى مصاف الدول الناجحة، بل إن مثل هذه التضحيات تقدم لمنافسيه المحتملين خدمة مجانية كبيرة؛ فبإمكانهم إقناع البسطاء بالشبع، بينما رئيسهم الحالي يقول ليس بالطعام تبنى الأمم.


من العقل والمنطق أن ندرك أن مقصود الرجل هو بذل المزيد من العمل والجهد والصبر، لرفع معدلات النمو، لا المقصود هو تجويع الناس كما سيتاجر بهذه المقولة معارضوه في الانتخابات الوشيكة..

 

 

برنامج المرشح عبد الفتاح السيسي سبقته ثوابت عمل وإنجاز حقيقي ملموس، ووطنية جارفة، ورومانسية سياسية غير كاذبة.. وفي المقابل يشعر المواطن بغلاء غير مسبوق وقبضة حكومية مرتخية على الأسواق.. فكيف يقتنع الناس إذا لم تسارع الحكومة بمد يد العون لهذا المواطن ليتنفس الصعداء بعد الذي تحمله من معاناة أثناء الإصلاح الاقتصادي.. وقد آن الأوان أن يجنى الثمار أو يعرف على الأقل متى يجنيها.

الجريدة الرسمية