رئيس التحرير
عصام كامل

احتلال بالموافقة !

رفضت فرنسا طلبا لقادة الانقلاب العسكري الأخير في النيجر سحب قواتها العسكرية فيها، وبررت فرنسا رفضها بأن قواتها موجودة في النيجر بموافقة الحكومة السابقة فيها التي تعتبرها الحكومة الشرعية! 

أما الحقيقة أن هذه القوات موجودة في النيجر لحماية مصالح فرنسية فيها أهمها وأبرزها ضمان حصول فرنسا بثمن رخيص على اليورانيوم الموجود بالنيجر والذي تعتمد عليه فرنسا في تشغيل مفاعلاتها النوية لإنتاج الكهرباء.. لكن الفرنسيون يغطون ذلك الذي يعرفه الجميع بحجة موافقة حكومة سابقة على وجود قواتهم في النيجر! 

Advertisements

وهذه الحجة قديمة ومستهلكة ودوما ما كانت تستخدمها البلاد التي لها تطلعات استعمارية في أراض الغير.. حيث كانت تحرص على تغطية وجودها العسكري بدعوة من جهة حكومية في الدولة التي ترعب في وجود قواتها العسكرية بها.. 

ونحن في مصر تعرضنا لاحتلال عسكري بريطاني مديد بدعوة من خديو البلاد وقتها.. وظل الإنجليز يحتلون البلاد لسنوات طوية رغم أن حكومات البلاد المتعاقبة طالبتهم بالجلاء وخرجت جموع الشعب تطالبهم بالاستقلال.. لكنهم استنادا لدعوة قديمة للخديو الذي كان يسعى لتثبيت أركان حكمه وقتها بعد انتفاضة عرابي ظلوا جاثمين على صدر البلاد نحو سبعة عقود. 

وقبل النيجر استخدمت هذه الحجة للتواجد العسكري الأجنبي في ليبيا، بينما كان هدف هذا التواجد العسكري تأمين الحصول على نصيب كبير من الثروات الليبية النفطية، وغير النفطية أيضا، ولذلك عندما انتهى دور الحكومة الليبية السابقة رفضت تسليم السلطة تمسكت بالبقاء ليستمر الوجود العسكري الأجنبي داخل الأراضي الليبية.. 

وغالبا سوف تستخدم هذه الحجة لتدير وتغطية التدخلات العسكرية في أراضي الغير، والتي رغم انتهاء عصر الاحتلال التقليدي القديم لم تتوقف، حيث تمرح القوات العسكرية لدول في أراض دول أخرى على امتداد خريطة العالم! 

الجريدة الرسمية