رئيس التحرير
عصام كامل

هل صامت الجوارح.. وعفَّ اللسان ؟!

كثير من الناس يصومون عن الطعام والشراب، لكنهم يطلقون ألسنتهم بلا حساب.. ولا يدري شيئًا عن صيام الجوارح؛ أي إمساكها عن الحرام.. وترك المعاصي، فلا يمس الصائم بيده ما حرم الله، ولا يمس بفمه ما حرم الله، ولا ينظر بعينه إلى ما حرم الله، ولا يمشي برجله إلى ما حرم الله.


ورغم أن الأصل في الصيام أن يهذب نفس الصائم ويرقق مشاعره ويدفعه للعفو والصفح الجميل إذا ما جهل عليه أحد أو آذاه قولًا أو فعلًا.. إلا أن الانفلات أكثر ما يكون في رمضان بين الناس بحجة أنهم صائمون، وهو ما يخالف قول النبي الكريم: "إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".. 

 

ما نراه في واقعنا هو عكس ذلك تمامًا.. ويمكنك بنظرة عابرة لمشهد المرور قبيل انطلاق مدفع الإفطار أو قبيل السحور أن ترى كيف يتكالب قائدو المركبات وربما يتشاجرون وتعلو أصواتهم على أولوية المرور.. وهو ما يتسبب في وقوع حوادث الطرق.. ناهيك عما نراه في مصالحنا الحكومية وأماكن العمل المختلفة من كسل وترهل وإضاعة الوقت تذرعًا بالصيام رغم أنه عبادة وجهاد..

كلمة الحق وكلمة الباطل

 

ثمة سلبيات كثيرة في مجتمعنا تنم عن انفصال تام بين ما أراده الله تعالى للصائمين في رمضان، وما فعله الصائمون بأنفسهم  وبهذا الشهر الفضيل.. وشتان بين الطريقين!!


ورغم أن  توجيهات القرآن تحض على الصبر على الابتلاء، ولين الجانب، وحسن القول، وعدم السباب.. فإن لغة الحوار بيننا جميعا وخصوصًا بين شباب هذه الأيام -بنين وبنات- تنبئ بتغيير خطير في لغة الخطاب واهتزاز منظومة القيم؛ فثمة انحطاط لفظي وتدنٍ في قاموس المفردات المتداولة بين أبناء الجيل الجديد.


فماذا حدث لشبابنا: من المسئول عما وصلوا إليه، لا أقول من انحطًاط بل إسفاف وسطحية ابتذال، وضعف في الوازع الخلقي والديني..هل يتحمل الإعلام والفن نصيبهما في هذا التردي.. أين ذهبت اللغة الراقية.. ولماذا غلب السباب والتطاول والألفاظ الخادشة حتى في المزاح والمداعبات؟!


ولماذا لا يشعر هؤلاء المتطاولون بفداحة ما يفعلون حين يسب بعضهم بعضًا بالأب والأم.. وكيف غاب عنهم قول الرسول الكريم "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه، قال يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه".. ومن أسف أن هؤلاء الشباب لا يجدون غضاضة في التطاول على الآباء والأمهات ولا يدرون أنها كبيرة وأنهم يجلبون بذلك السلوك اللعنة لآبائهم وأمهاتهم.

 


الكلمة أمانة.. الكلمة مسئولية.. الكلمة الطيبة صدقة.. شرف الرجل هو الكلمة.. بالكلمة كان الأنبياء يهدون العالم للسلام، وبالكلمة أيضًا ينشر البغايا الفساد في الأرض، ولك أن تختار كلماتك إما كلمة الحق التي تضعك على طريق الأنبياء، أو تستكين وتصمت وتتحدث بكلمة الباطل التي تضعك في طريق البغايا.

الجريدة الرسمية