رئيس التحرير
عصام كامل

خدعة صراع الهوية.. المرحلة الأخطر

نواصل بفضل الله سبحانه وتعالى، في هذا المقال كشف الحقائق حول خدعة صراع الهوية، تلك الخدعة التي تُعد من أهم وأخطر جوالات الحرب على الإسلام، في العصر الحديث. ذكرت في المقال السابق أن أعداء الدين، لجأوا إلى هذه الخدعة من أجل إحداث الفُرقة بين المسلمين في الوطن العربي.. 

بحكم أنه الموطن الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية إلى العالم بأسره، وأنه موطن مقدسات المسلمين في العالم، ولأن الشعوب العربية من أكثر الشعوب تمسكًا بالدين، والقيم، والأخلاق، لذا نجد دائمًا أغلب معارك الحرب على الإسلام، في الشرق الأوسط، وبخاصة في مصر.


حقائق عن مصر 

هناك أمر هام يغفل عنه، كثير من الناس، وهو أن مصر ليست فرعونية، وأن المصريون ليسوا فراعنة، وأن التفاخر بمقولة نحن فراعنة، خطأ كبير جدًا، ولذا وجب أن نوضح تلك الحقيقة، التي يجهلها كثير من الناس.
 

إن المسمى الصحيح لأجدادنا هو.. قدماء المصريين، أما تسميتهم بالفراعنة فهو خطأ فادح فكلمة فرعون ليست بصفة، أو رتبة، أو مكانة إنما هي اسم.. نعم اسم أحد الملوك، الذين غَزوا، وحكموا مصر، وهو من الهكسوس، وليس بمصري، واسمه فرعون.. 

 

بينما التسمية الصحيحة التي يجب أن نطلقها على أجدادنا هي؛ القدماء المصريين فقط لا غير، فنحن أبناء وأحفاد قدماء المصريين، ولسنا فراعنة فشعب مصر منذ الأزل إلى الأبد لم ولن ينتسب إلى شخص.. بل هو شعب عريق ينتسب إلى بلده، وأرضه فقط، فهو صاحب أول حضارة، عرفها التاريخ كما أننا نتبرأ من فرعون، وعمله.


يقول أولئك إن مصر ليست عربية، ولكن الحقيقة غير ذلك، فهي في واقع الأمر، أنها أصل العرب ومن كرم الله على مصر أنه شرفها، بأن جعل السيدة هاجر عليها السلام، زوجة سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء عليه، من مصر، وهي والدة سيدنا إسماعيل الذي آتى العرب من نسله الشريف..

 

فقد تزوج سيدنا إسماعيل من ابنة مُضَاض بن عمرو، وقد رزقه الله من ابنة مُضَاض اثني عشر ولدًا ذكرًا، وهم: نابت أو نبايوط، وقَيْدار، وأدبائيل، ومِبْشام، ومِشْماع، ودوما، ومِيشا، وحدد، وتيما، ويَطُور، ونَفيس، وقَيْدُمان، وتشعبت من هؤلاء اثنتا عشرة قبيلة، سكنت كلها في مكة مدة من الزمان، وكانت جل معيشتهم آنذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ومصر، ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الجزيرة بل وإلى خارجها.


وبهذا فإن لمصر فضل أنها أصل العرب فجمعت بين عراقة حضارتها القديمة وشرف وفخر العرب، لأن والدة أبو العرب من أرضها، ولكل هذا كانت وما زالت محاولات سلخ مصر عن ذلك العز، والفخر مستمرة وحثيثة، ولأنها كما هو معروف أن مصر هي واسطة العِقد، الذي لو انفصلت عنه لانفرط، عِقد الأمة بأسرها.. 

 

ولأن الإسلام هو من وحّد العرب، وجمع شملهم، وقضى على الفوارق، والاستعباد، وأقام العدل، والمساواة تحت مظلة الإسلام، ومحى الحدود بين الدول، وجمعها في دولة واحدة قوية عادلة سادت العالم، وقادت قاطرة التقدم والعلم والحضارة كانت الاتفاقية الملعونة سايكس بيكو التي خلخلت الأمة، ووضعت الحدود داخل الدولة الواحدة..

 

فبعد أن كانت دولة إسلامية واحدة، أصبحت دولًا تفصل الحدود بينهم، وطالما وضِعت حدود بين الشعوب، لا بد أن تنشأ الأطماع، وتحدث الصراعات والخلافات السياسية، والحروب الاقتصادية، والتي ما زلنا نراها للأسف، تتزايد بين أبناء الوطن الواحد.

 

خطة سايكس بيكو 

بعد النجاح المؤقت للجزء الأول من خطة سايكس بيكو الشيطانية؛ جاء وقت الجزء الثاني الأخطر، والأخبث، وهو سلخ الدول تباعًا من كيان العروبة نهائيًا، وذلك بالعمل على فصلهم نسبًا، ولغة من الأمة العربية، فبدأت أصوات تخرج وتطالب دون استحياء أن تعود مصر لمصريتها! وأن تترك اللغة العربية، وتعود إلى لغتها القديمة، (اللغة القبطية)! 

 

والسؤال لماذا يحمل غالبية إن لم يكن جميع، من ينشر تلك الأفكار المسمومة، جنسيات أخرى بخلاف الجنسية المصرية (أمريكية -  إنجليزية – كندية – فرنسية) أليس هذا أكثر خطورة على الهوية المصرية؟! أم أنها المصالح والمؤامرات وقبل كل ذلك العداء للإسلام.


إن العروبة توحد الشعوب، في منطقة محددة من العالم، تمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، والحمد لله رب العالمين أن الإسلام وحّد العرب في كيان واحد ولغة واحدة، ووحد كل المسلمين في كل بقع العالم، بأخوة واحدة لا فرق فيها بين أبيض وأسود ولا عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وهي التي مرجعها إلى الله وحده، فهو أعلم بالمتقين، بينما في الدنيا الكل أمام الله سواء في الحقوق، والواجبات دون تفرقة، وهذا هو منتهى العدل، وأعظمه.

 


لذلك كان اللجوء إلى خدعة صراع الهوية، ضرورة حتمية، واستخدموا في ذلك العديد من الأساليب، منها ما سبق ذكره، ومنها ما سأذكره في مقال قادم، وعليك أن تتخيل حجم الخطر الذي يحيط بنا، وإسمح لعقلك أن يحلق بعيدًا في أفق التفكير، حتى تكتشف بنفسك مدى خبث، وقذارة المؤامرة التي تحاك ضد الإسلام، والمسلمين، وما يمكن أن يحدث لو نجح أعداء الإسلام، في تنفيذ ما تسعى إليه خططهم.
وبإذن الله لن ينجحوا..

الجريدة الرسمية