رئيس التحرير
عصام كامل

غابت الغنوة يا ابن عمي يالا روحني!!

لا أعرف لماذا سيطرت على كلمات الشاعر الرقيق مجدي نجيب التي لحنها الرائع محمد الموجي وغنتها الدلوعة شادية وأنا اتأمل الوجوه في الشارع والمترو والمقهى في ليل القاهرة ونهارها.. مخترق أنا ومحترق من كلمات الأغاني في الشارع والميكروباص والأفراح المنصوبة في الحارة وحتى قاعات فنادق الخمس نجوم وما بينها في القرى والمدن.. وهاتي بوسة يابت.. نعم.. الحبيبة أصبحت بت!

ويبدو أن هذه الجملة أرق ما يعرفه صانعوا الوجدان الجدد.. أبحث عن الرقة والمشاعر.. وعندما أصاب بالحزن تداعبنى من بعيد وتطبب جرحى كلمات أغاني قديمة تأتي من بعيد.. رق الحبيب، قالولي هان الود عليه، ويا مسافر وحدك، وأصوات مطربين عشت فيهم وعاشوا في طوال سنوات العمر..

أحمد شوقي وأحمد رامي، بيرم التونسي وصلاح جاهين، حسين السيد، ومرسي جميل عزيز، الأبنودي وسيد حجاب، وقائمة لا تنتهي، لكن أقف اليوم مع كلمات مجدي نجيب الرقيقة المفعمة بالرقة والمشاعر وصوت شادية الحانى والمحتضن وموسيقى الموجي الحالمة:

غاب القمر يا ابن عمي يالا روحني
دى النسمة آخر الليل بتفوت وتجرحني
وعندما يخترقونني بأغانيهم، أصرخ فيهم: 
غابت الغنوة يابن عمي يالا روحني
الخنجر خارج من الأغاني عايز يقتلني

أسأل نفسي أين القمر المختفي وراء الغمام وإلى متى هذا القبح اللفظي والعيون المتلصصة المتوقحة المتبجحة والمخترقة في الشوارع الخارجة من الاغان وتسكن الوجوه والتي تعري أكثر مما تخفي، وتفضح أكثر مما تستر وتجرح أكثر مما تطبب.

رقة شادية وموسيقى الموجي

أين أنتي أيتها الحبيبة الرقيقة التي لم أعد أنا ابن عمها الذي تنتظره ليخلصها من غياهب الظلمات 
أين أنتي أيتها النسمة وسط زعابيب القبح وزمهرير الأيام والليالي، أبحث في الوجوه عن ابتسامة.. لا أجد، أبحث عن صديق يؤنس وحدة الغربة فلا اجد.

وماذا عن "الصوت دبل في الخلا والليل ما عاد له دليل"،"نعس الفضا واتملى قلبي بنجوم الليل" إيه يا عم مجدي نجيب، أبحث عن النسمة والنسيم والكلمات والابتسامات.. فلا أجد، “طار النسيم بالشوق لما كلمتك”، "لمس النسيم توبي بهمس غنوتك".. أنظر للبنات في الشارع والجامعة والمسلسلات والأفلام.. أبحث عن رقة شادية وموسيقى الموجي..

ايه ياعم مجدي فين التوب اللى لمسه النسيم بهمس غنوتك.. هل البنطلونات المقطعة والملابس المحزقة والـ "ستريتشات" التي تفضح أكثر مما تستر هي اللي ح يستحي النسيم من لمسها بهمس غنوتك.. أبحث عن رقة البنات والنظرات الخجلى فلا أجدها أحيأنا إلا من بعض وجوه من بقايا الماضي..

غاب القمر يا ابن عمي يالا روحني.. أبحث عن السبب، لم أتعب حين وجدت بعض الأسباب على حافه الطريق، أعذر هؤلاء حين اكتشف بعض ما يسمع الجيل الجديد، طبعا من حق كل جيل أن يخلق فنه وأغانيه وموسيقاه، لكن الكارثة أن يسيطر أصحاب السنج والمطاوى على أذن ووجدان أولادنا والذين يرون هذا الجيل مجموعة من السرسجية والبلطجية.. هل اعطيكم الدليل؟!

منذ سنوات ونحن نترك ما يطلق عليهم مطربوا المهرجانات ينخرون في عظام المجتمع.. الدولة تبنى في جهة وهؤلاء يشوهون الوجدان في جهة أخرى، بل ويمزقونه وهذه سمات الحروب الجديدة.. ضرب القيم والمبادئ والجمال في مقتل.. قتلوا الحياء بأغان تدعوا إلى الفسق والرذيلة والأمثلة كثيرة واعتذر عن نشرها.

النجاة

أجرى والهث نحو كلمات مجدى نجيب وأصرخ: 
غابت الغنوة يا عم مجدى يالا روحنى
الخنجر خارج من الأغانى عايز يقتلنى


واستكمل السمع له: 
الليل ووحدى ووحدك سايبين هوأنا وحيد
فين الحواديت وفين سهراتنا تحت الضي
خوفى من الضلمة تتوهنى وانت بعيد
بعد القمر يا حبيبى ما غاب ما قال لنا جاي


طار النسيم بالشوق لما كلمتك
لمس النسيم توبي بهمس غنوتك
غاب القمر يا ابن عمي يالا روحني
ضحك الهوى حواليك واتمايلت النجمات
ملس على شعري ورمى عليك حكايات

مشوارنا همسه وضحكة شاردة في الفضا
مشوارنا خطوة وعمرها ما بتنقضى
بعث القمر مرسال بعت النجوم موال
وخطوتك وانت جنبي شوق يفرحني
غاب القمر يا ابن عمي يالا روحني!!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية