رئيس التحرير
عصام كامل

استيراد الدواجن.. هل هو الحل الأمثل؟!

رغم تراجع أسعار الدواجن في الأسواق فإني أتعجب من مسلك وزارة التموين التي لم تتوقع أزمة دواجن في مصر.. ولم تتحرك لمنعها من المعهد، ولم تقرع أجراس الإنذار مبكرًا بخطورة نقص الأعلاف وغلاء ثمنها محليًا بصورة غير مسبوقة أعاقت تدفق الإنتاج المحلى، ودفعت بعض المربين للدواجن للتخلص من الكتاكيت التي لم يجدوا لها علفًا يطعمها في ظل شح الدولار وتوقف الاستيراد..

 

لماذا لم يجلس وزير التموين مع وزير الزراعة واتحاد منتجى الدواجن لاستدراك مشكلة نقص الأعلاف بزيادة المساحات المزروعة بالذرة الصفرة وفول الصول لتوفير الأعلاف اللازمة لضمان الإبقاء على صناعة وطنية توفر أكثر من 90% من احتياجات السوق المحلية من الدواجن الحية؟!

أزمة الاعلاف والدولار

والواقع أنه لا وزارة التموين توقعت ولا حذرت ولا وزارة الزراعة اهتمت وسارعت بالتعاقد مع الفلاحين للإكثار من المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها مكونات الأعلاف.
 

أما الأكثر إدهاشًا فهو ما أعلنته وزارة التموين أمس من فتح اعتمادات مستندية لاستيراد 25 ألف طن دواجن، لزيادة المعروض منها قبل حلول  شهر رمضان الذى تزيد فيه معدلات استهلاك المصريين بصورة قد تفوق ما يستهلكونه طوال العام..

 

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: أيهما أولى استيراد دواجن أم استيراد أعلاف لدعم المنتج المحلى والإبقاء على صناعة وطنية يعمل فيها نحو 5 ملايين مواطن؟.. وإذا كان توفير الدولار يتم بصعوبة بالغة فهل يكون الاستيراد هو الحل أم ضمان استدامة الإنتاج المحلى لأي منتج غذائي هو الضمانة الأولى لسد الثغرات ومنع الأزمات؟!

 

وإذا كان الدولار قد توفر في يد الحكومة ولم يعد يمثل مشكلة فلماذا لم توفر الأعلاف لمربي الدواجن حتى تعيد صغار المنتجين للسوق لتمنع زوال صناعة وطنية استراتيجية كدنا نحقق فيها اكتفاء ذاتيًا بأسعار مناسبة للمستهلكين؟!

 

وإذا كان استيراد الدواجن سيخفض أسعارها وهذا بالطبع في صالح المستهلك فهل نضمن إلا يؤثر سلبًا منتجي الدواجن في مصر ويكبدهم مزيدًا من الخسائر التي قد تعيق استمرارهم في السوق؟!


الأكثر إدهاشًا أن وزير التموين الدكتور على المصيلحي أرجع  ارتفاع أسعار الدواجن إلى زيادة أسعار الأعلاف عالميا، بالإضافة إلى دخول فصل الشتاء الذى يتزامن مع خروج كثير من صغار المرابين، نظرًا لارتفاع التكلفة الأمر الذى أدى إلى تراجع معدلات الإنتاج بنحو 40% مع ارتفاع معدلات الطلب مما أدى لزيادة الأسعار..

 

 

وهذا في رأيي تبرير لا يعفي وزارتي التموين والزراعة من التسبب في أزمة دواجن ولن يكون الاستيراد حلًا مستداما يضمن توطين صناعة الدواجن في مصر حتى لو توفرت بأسعر أقل للمواطنين.
ختام الكلام: ويلٌ لمن لم تُفِدْهُ الأيامُ خبرةً بالأنام، ولم تُفِدْهُ معرفةً بأخلاق اللئام".
( مذكرات سعد باشا زغلول، الجزء الثامن، ص ٥٤)

الجريدة الرسمية