رئيس التحرير
عصام كامل

الفتاوى مؤشر مهم لاتجاهات المجتمع!

لا شك أن الفتاوى الدينية التي يطلب أصحابها رأي الدين فيما يواجههم من مشكلات ومتغيرات تعكس اتجاهات ومؤشرات اجتماعية مهمة لأي مجتمع واهتمامات وشواغل أفراده؛ ومن هنا تأتي أهمية التقرير السنوي الذي أصدره المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.


أهم مؤشرات الفتوى في هذا التقرير هو سيطرة القضايا الاجتماعية على مستجدات الخطاب الإفتائي عربيًّا بنسبة بلغت (48%)، كنتيجة لظواهر اجتماعية داهمت تلك المجتمعات، كالانتحار والإلحاد وإدمان المخدرات والمثلية الجنسية والهجرة غير الشرعية، وتفشي عدد من ظواهر العنف ضد المرأة التي وصلت حد القتل.


الاستباق الإفتائي للحدث في حالتنا هذه مهم للغاية؛ وهو ما يتحقق عبر توثيق روابط  التعاون مع المؤسسات الاجتماعية المعنية بعلاج تلك الظواهر. المستجدات الطبية والاقتصادية والتكنولوجية حاضرة بقوة هى الأخرى في الخطاب الإفتائي  للعام المنقضي.

القضايا الإفتائية ومؤشر الفتوى

فمثلا القضايا الطبية الحديثة مثل التبرع بالأعضاء ونقلها وزراعتها استأثرت بنسبة (13%) عربيًّا، أما القضايا المرتبطة بدعم الاقتصادات الوطنية والمعاملات البنكية الحديثة فقد حصدت (12%)، ورغم أهمية المستجدات التكنولوجية؛ فإنها جاءت بنسبة (10%) عربيًّا لتدق ناقوس الخطر على أهمية منحها مزيدًا من الاهتمام الإفتائي حيث جرى رصد وتحليل ما يقرب من 400 ألف فتوى متنوعة في 23 دولة عربية وأجنبية، بالإضافة إلى رصد فتاوى الجماعات والتنظيمات المتطرفة.

مؤشر الفتوى عكف على تحليل 7 قضايا إفتائية رئيسية في قسمه الأول، وخرج بعدة استنتاجات وتحليلات أهمها تصدر فتاوى الزواج والطلاق جملة القضايا الإفتائية بمعدل (23%) على المستويين الرسمي وغير الرسمي، وكان أغلبها في المعتاد حول أسئلة الزواج والطلاق بالإضافة إلى الأسئلة المتعلقة بـ زواج التجربة، وزواج المحلل، وتعدد الزوجات، وزواج القاصرات، وموضوع تحديد أو تنظيم النسل.


أما فتاوى المرأة فقد  احتلت المرتبة الثانية بنسبة (17%) وكانت  مصر والسعودية والإمارات أكثر الدول العربية إصدارًا لتلك الفتاوى، وفيما يخص الفتاوى المصرية فقد اهتمت بالجانب الاجتماعي الخاص بالمرأة، مثل العنف الأسري، وحوادث قتل النساء، أو حقوق المرأة العاملة وحقوق الزوجة وواجباتها.

 

في حين استأثرت فتاوى المرأة في السعودية بالجانب الشرعي وخاصة فتاوى العبادات، فيما تنوعت فتاوى المرأة في الإمارات بين فتاوى العبادات والقضايا الاجتماعية، كالاختلاط وعمل المرأة.
 

مؤشر الفتاوى يكشف أيضًا التبرع بالأعضاء ونقلها وزراعتها، كانت الأكثر حضورًا بين الفتاوى الطبية على المستوى العربي بنسبة (50%)، ويرجع ذلك إلى الجدل الواسع الذي انتشر حولها، حيث دائمًا ما يرافق طرح القضية خلاف حول إباحة التبرع أو النقل بضوابط معينة.


أما  فتاوى المعاملات المالية الحديثة فقد حلت رابعًا بين القضايا الإفتائية، وقد راعت الفتوى الرسمية أن تأتي فتاويها داعمة لاقتصادها الوطني، من خلال جانبين: أولهما  في مجالات الاستثمارات البنكية والودائع المصرفية، وتشجيع السياحة الدينية، والحث على دفع الضرائب وغيرها.

 

بينما تولى القسم الثاني للفتوى الرسمية محاربة المعاملات الاقتصادية الهادفة لهدم اقتصاد الدول والحكومات، مثل موضوعات الاحتكار والعملات الافتراضية وغسيل الأموال وبيع العملات في السوق السوداء والفوركس والتسوق الشبكي.

 

 

لاشك أن مؤشر الفتوى مهم لرصد حركة المجتمعات وتوجهاتها واهتماماتها وأفكارها وهو ما ينبغى أن يحظى باهتمام صناع القرار وعلماء النفس والاجتماع والاقتصاد، لإعادة صياغة استراتيجية اجتماعية تبني الوعي وتعيد ترتيب أولويات الوقت للمجتمع والدولة معًا.

الجريدة الرسمية