رئيس التحرير
عصام كامل

بعد مأساة الطفل السوري "رشمال"، ماذا تعرف عن "الشهباء" بريف حلب ؟

أحد المنازل المدمرة
أحد المنازل المدمرة في منطقة الشهباء

مأساة الطفل رشمال رشو، في منطقة الشهباء بريف حلب شمال شرق سوريا، تكشف عن عمق المأساة التي يعيشها أهالي تلك المنطقة المدمرة بسبب القصف التركي.
بداية فإن الطفل رشمال المريض صاحب الخمسة أعوام، ترتبط حياته بمضخة الأكسجين التي يضطر للبقاء بها بجوار مولّد كهرباء وسط كومة من الخردة، ليعيش معاناة تتضاعف من ضوضاء المولّد، فضلا عن المكان غير النظيف.
الطفل رشمال مثل حال آلاف الأطفال الذين يعيشون ظروفًا مأساوية صعبة، جراء القصف التركي الذي لايتوقف والحصار المفروض عليهم من جميع الجهات.

وتُظهر الصور بقاء الطفل رشمال موصولا بمضخّة الأكسجين بجوار مولّد كهرباء.

الطفل رشمال رشو السوري

 

ماذا تعرف عن منطقة الشهباء؟

تسمى المنطقة الواقعة في ريف حلب الشمالي، المتاخمة للمدينة التجارية والصناعية الأبرز في سوريا، منطقة الشهباء، وعند الوصول إليها من الجهة الشرقية لحلب يمر الطريق إليها منطقة الشيخ نجار التي تضم مدينتين صناعيتين أنشئتا قبل بدء الأزمة في البلاد بسنوات قليلة.
وخلال السنوات الأولى من النزاع في سوريا، وخصوصًا في مدينة حلب، حيث وقعت المنطقة الريفية منها باستثناء عفرين وبعض البلدات الصغيرة تحت سيطرة مسلحي المعارضة السورية، بما فيها جبهة "النصرة"، سابقًا، ولاحقًا تنظيم "داعش"، هذه المنطقة باتت مسرحًا لمعارك طاحنة، كذلك نقلت وبيعت معامل كاملة إلى تجار في تركيا، بينما اتهمت دمشق الأطراف المعارضة وتركيا بسرقة تلك المعامل التي وصل عددها إلى نحو 1000 معمل، وسجلت دعوى قضائية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014.
وتكمل مشاهد المصانع والمعامل المدمرة في الأرجاء المشهد العام المتهالك لمنطقة الشهباء جراء الحرب، بما فيها المؤسسات الزراعية، فضلًا عن ضعف القوة الشرائية لدى السكان المتبقين أو النازحين إليها منذ عام 2018 جراء العملية العسكرية التركية "غصن الزيتون" على منطقة عفرين.

استخدام  ألواح الطاقة الشمسية المتحركة لتشغيل الآبار في الشهباء

غياب الرفاهية 

في بلدات وقرى الشهباء، إضافة إلى المخيمات الخمسة فيها، يغيب عن الأنظار أي مظاهر للرفاهية على الرغم من المناخ اللطيف والمساحات الخضراء المزروعة بالأشجار، "فلا شيء سواء الأساسات والضرورات لاستمرار الحياة في البقعة المتوترة في الشمال السوري"، كما أن المساحة التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" صغيرة مقارنة بعدد السكان القاطنين فيها حيث تبلغ نحو 1000 كيلومتر مربع فقط، ومن أصل ما يقارب 140 ألف نسمة يعمل 3845 شخصًا كموظفين مدنيين لدى "الإدارة الذاتية"، ويتقاضون رواتب شهرية، في حين يعمل عدد آخر كأعضاء في قوى الأمن الداخلي والقضاء، لكن الغالبية العظمى من هؤلاء السكان عاطلون عن العمل، ويتقاضى بعضهم أجورًا يومية في مواسم محددة من السنة، حيث بلغ عدد العمال باليومية في النصف الثاني من العام الماضي قرابة 8 آلاف شخص منهم 3 آلاف امرأة على الأقل، ويعمل هؤلاء في مجال الزراعة وجني المحاصيل في مواسمها، في وقت لم تصدر الإحصائية النصف سنوية الأولى للعام الحالي، حسب الرئيسة المشتركة لهيئة الاقتصاد والزراعة في منطقة الشهباء، هيفين رشيد.

قصف تركي مستمر لمنطقة الشهباء

مشكلة نقص الدخل

وتقول رشيد: إن "الإدارة الذاتية" تحاول إيجاد فرص للعمل وحل مشكلة نقص الدخل وزيادة عدد المستفيدين من رواتب الإدارة الذاتية والمشاريع الاستثمارية عبر خطط ولجنة لدعم المشاريع الصغيرة، ومنحت "الإدارة الذاتية"، مع استقرار النازحين في مناطق الشهباء، قروضًا لمشاريع صغيرة، إلا أن عددًا منهم لم يتمكنوا من سداد تلك القروض ما حدا بالإدارة لإعفائهم من الدفع، وتعزو المسؤولة سوء الأوضاع الاقتصادية في تلك المنطقة إلى المساحة الصغيرة والكثافة السكانية العالية "التي تزيد من المصاعب الاقتصادية على السكان وتدفعهم للبحث عن مصادر العمل خارج منطقة الشهباء".

وفي بلدات وقرى هذه المنطقة، افتتح أصحاب الحرف من السكان النازحين محلات وورشًا لصيانة الآلات الزراعية والسيارات والمركبات، إضافة إلى قطاع صناعي صغير، إذ يوجد الآن تسع ورش للخياطة وصناعة الألبسة والأحذية ومعملان لصناعة البرغل، حسب المسؤولة في هيئة الاقتصاد التابعة لـ"الإدارة الذاتية".

خدمات مجانية

من الناحية الخدمية العامة، يختلف الوضع الآن في مناطق الشهباء عما كانت عليه أثناء النزوح شتاء 2018 عندما شنت تركيا عمليتها العسكرية "غصن الزيتون" على عفرين، حيث حشر فيها ما يزيد على 250 ألف شخص، لكن خلال الأشهر اللاحقة، انتقل بعضهم إلى مدينة حلب، وآخرون إلى مناطق شرق الفرات ليستقر العدد الحالي على ما يزيد على 140 ألف شخص من بينهم نحو 1100 عائلة من سكان المنطقة الأصليين، ومع ذلك، استقرت الخدمات العامة والإغاثية فيها.

الجريدة الرسمية