رئيس التحرير
عصام كامل

الرمال السوداء.. حلم تحول لواقع

في هذه المساحة وفي أكثر من مقال ناديت بضرورة استغلال الرمال السوداء اقتصاديا، تلك النعمة التي من الله على مصر بها لكنها أهملتها طويلا، لدرجة أن تلك الرمال السوداء كان يستخدمها البعض في بناء المنازل بدلا من الرمال الصفراء! والرمال السوداء هي رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة، وتتركز هناك بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التي تصبها الأنهار في البحر، وتتكون من المعادن الثقيلة، وخاصةً معدني الماجنتيت والألمنيت، وتستغل كخامات للحديد. وأهم البلاد التي تستغلها هي الهند، البرازيل.


وترجع الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء إلى احتوائها على نسب من المعادن التي لها مردود تعديني مثل الألمنيت، وماجنتيت الزركون، وأملاح السيريوم، ولبثوريوم السليكا الثقيلة إلخ. كما تحتوي الرمال السوداء على كثير من المعادن النادرة مثل الذهب ويقدر بحوالي نصف جرام في الطن، والكاسيتريت الالمنيت والروتيل الألمنيت والتي تستخدم في إنتاج معدن التيتانيوم لصناعة هياكل الطائرات والصواريخ ذات الارتفاعات العالية لمقاومة الظروف الكونية.. 

والروتيل هو المادة الأساسية في صناعة البويات (الأصباغ). والزركون الذي يستخدم في المفاعلات النووية لكبح جماح التدفق النيتروني، وأكسيد الثوريوم ويستخدم في المفاعلات النووية،  فالرمال السوداء تستخدم في صناعة هياكل الطائرات، وصناعة السراميك والأدوات الصحية، وصناعة الحراريات، وصناعة مواد الصنفرة..

 

مصنع الرمال السوداء

 

لذا فهي ثروة حقيقية طالما ناديت باستغلالها حتى تم مؤخرا افتتاح مجمع مصانع تركيز وفصل المعادن الثقيلة من الرمال السوداء الموجودة على ساحل البحر المتوسط فى 8 مناطق، وذلك تابعا للشركة المصرية للرمال السوداء والتي تم انشاؤها لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من مشروع استغلال المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء، مع الالتزام بمعايير السلامة البيئية والصحية المتبعة عالميًا، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة، لخلق استثمارات جديدة تعمل على تنمية وتطوير الاقتصاد المصرى وتقدمه..

 

وقد أكد رئيس الشركة المصرية للرمال السوداء أنه تم إعداد دراسة جدوى من كبرى الشركات العالمية، بمشاركة شركة استرالية استمرت لمدة 3 سنوات، وتضمنت دراسة الجدوى الاقتصادية وتقييم الأثر البيئى والدراسة التسويقية، والجدوى الاقتصادية حيث خلصت إلى أن هذا المشروع له قيمة مرتفعة وجاذبة للاستثمار. وأضاف خلال كلمته فى افتتاح مشروع مصنع الرمال السوداء فى محافظة كفر الشيخ، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي: "يتم فصل المعادن بالتعاون مع الخبرات الأجنبية وهيئة المواد النووية فى إطار نقل التقنيات الحديثة، موضحا أنه تم إقامة مجموعات صناعية جديدة، فى إطار التطبيقات الصناعية القابلة للمعاجلة لتعظيم القيمة المضافة وخلق كيانات وتحقيق عائد اقتصادى وتوفير العملة الأجنبية من خلال تصدير الفائض. 


ويوفر هذا المشروع 5 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويُذكر أن الشركة المصرية للرمال السوداء شركة مساهمة مصرية، والمصنعين الأول بخبرة مصرية استرالية بشرق البرلس، والثانى بخبرة صينية بشمال البرلس والاستثمارات لمصنع الرمال بشمال البرلس قدرها 24 مليون دولار. بما جعل الحلم منذ عقود طويلة حقيقة، فى جميع مواقع الشركة فى البرلس وغليون ورشيد ودمياط والمنزلة. 

 

وحول مكونات المشروع، ذكر رئيس الشركة أن المشروع فى منطقة البرلس يتكون من مجموعتين مصانع، المجموعة تضم الكراكة تحيا مصر من إنتاج شركة هولندية، ومصنع التركيز، والمجموعة تقع الطريق الدولى الساحلى وساحل البحر الأبيض المتوسط، على مسافة 12 كيلو شمال غرب مجمع الفصل. واستعرض  رئيس الشركة مجمع مصانع الفصل، والقوة الإنتاجية لكل مصنع يخص المعادن فى هذا المجمع، بالإضافة إلى أنه يضم محطة تحلية مياه ومحطة كهرباء بقدرة 75 ميجا وات، تحتاج 20 ميجا وات والباقى لدعم الشبكة القومية، مجموعة معامل متطورة، بأحدث وأدق أجهزة القياس فى هذا المجال، مشيرا إلى أن هذا المشروع له آثار بيئية إيجابية، وتم الحصول على الموافقات البيئية فضلا عن أنه يدعم التحول الرقمى، وفق التطور الهائل فى البيانات. 

 

 

وتم تدريب الكوادر المصرية العاملة فى هذا المجال، باستخدام أحدث التكنولوجيا العالمية لتعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية المتاحة والقيمة المضافة من المعادن المستخلصة من الرمال السوداء، بما يسهم في تنويع وتطوير الاقتصاد المصري من خلال الصناعات التعدينية والمعاونة في تفعيل دراسات الجدوى الاقتصادية التى أعدت لاستغلال المعادن الاقتصادية الموجودة ب الرمال السوداء، وتغطية احتياجات السوق المحلية للمعادن واستغلال تزايد الطلب العالمى عليها بتصدير فائض الإنتاج إلى السوق العالمية، والإنتاج الفعلي للعناصر المستخرجة من الرمال السوداء بنهاية عام 2020، كما تم الانتهاء من البنية التحتية للمصنع الأول بملاحة منيسى بالشهابية، وتم توصيل الكهرباء والغاز الطبيعى لموقع المصنعين.

الجريدة الرسمية