رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا ننتج؟

من المعروف بديهيا أنه عند تخفيض سعر العملة تزداد الصادرات وهو ما تفعله الصين دوما، غير أن المنطقي والبديهي لدينا بعافية، فقد انخفض الجنيه بأكثر من نصف قيمته خلال ست سنوات، ومع ذلك لم تزدد الصادرات، لأننا حتي الآن لم نجب علي سؤال بديهي ماذا ننتج لكي نصدر؟!، وربما يكون المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده يضع هذا السؤال في مقدمة مناقشاته، خاصة وأن إجمالي الصادرات المصرية لم تزد على ٤٥ مليار دولار خلال العام الماضي من نفط وغاز وسلع، وهي حصيلة لا تتناسب مع دولة تعداد سكانها أكثر من مائة مليار نسمة ، وعليها ديون خارجية أكثر من ١٧٠ مليار دولار.

 

والأمم العظيمة هي التي تسعي وتجتهد وتخطئ وتنجح وتعرف ماذا تريد وماذا تنتج، فلماذا يزدهر عدد قليل من البلدان في وقت تشيع فيه الاضطرابات والأزمات حول العالم؟!

 إن تجارب نجاح الأمم في تجاوز المحن تبعث على التفاؤل، بمعني أن ما نحن فيه من إخفاق ليس أبديًا، ويمكن ألا يستمر إلى الأبد، كما تبعث على الإحباط، من أن الأمم تفعل ما يجب فعله، وتتمكن من الخروج مما هي فيه، فيما نخفق نحن. فما الذي ينقصنا مقارنة بغيرنا من الأمم الناجحة؟

دروس ناجحة

 

إن درس سنغافورة، نتعلم منه أنه لا سياسات تنمية مع الفساد، مثلما أنه لا معنى للتشدد في قوانين مكافحة الفساد في ظل ظروف عمل ورواتب سيئة، وثمة كلام كثير عن البرازيل وكيف أمكن للرئيس لولا دا سيلفا أن يعيد توزيع الثروة، بشكل جزئي، الأمر الذي انعكس بشكل كبير نسبيًا على التنمية والأمن الاجتماعي، وسياسة الهجرة في كندا وتحول المدارك حولها من التهديد إلى الفرصة، وسياسة إندونيسيا في احتواء التطرف الديني، وتجربة التعايش في رواندا بعد حرب الإبادة العرقية، وكيف أدارت بتسوانا تجارة الألماس؟ وثورة الصخر النفطي في الولايات المتحدة، والمعجزة الاقتصادية الكورية الجنوبية، وإصلاح العمل الحكومي في المكسيك ومدينة نيويورك، وفن التوصل إلى الحلول البديلة بشأن مكافحة الإرهاب..

 

صحيح أن قراءة التجارب من هذا النوع لا تقدم وصفات جاهزة وكتالوجات للتطبيق أو التجريب. المهم هو خط الخبرة ووعي المشكلة ووعي الاستجابة، مصر تمتلك البنية الأساسية وتقف على أرض راسخة التى تساعد على الانطلاق وتجذب الاستثمارات في كافة القطاعات خاصة في ظل امتلاك مصر 3 مقومات للتنمية الشاملة ومنها استقرار سياسى وأمنى واستراتيجىن فالحرص على الارتقاء بمستوى المنتج المحلي المصري وفتح أسواق جديدة في العالم هو سبيل من سبل إنعاش الاقتصاد ومن أهم الطرق للوصول خطة 2030.

 

والمنافسة مع البلاد الصناعية أمر إتقانٍ وسعر؛ والإتقانُ لابد آت مع الزمن، ولاسيما إذا عضدته الدولة، وتكاليف الإنتاج لابد ستنخفض متى تكوّنت التقاليد الصناعية واتسع الإنتاج وكثُر الفنيون ونمت رؤوس الأموال. ولا يضير الدولة دعم الصناعة فى دور نشأتها فقد مدته دول من قبل لأنه ضرورة لا مناص منها لكل صناعة ناشئة.

 

 

ونحن شعب ذكى وأمامنا خبرة قرون من التصنيع نستطيع التعلم منها، وليس العيب أن نتعلم، وإنما العيب أن نغلب الأغراض العاجلة على الغايات البعيدة. وأي صناعة لن تتحرك، وتبدأ ما لم يكن هناك حماية لها خصوصا في بدايات التصنيع وتمكينها من الوصول إلى الأسواق العالمية. وذلك بمنع استيرادها أو -على أقل تقدير- رفع التعرفة الجمركية من المنتجات الواردة ثم الإلحاح علي الإدارة الأمريكية للدخول في مفاوضات لعقد اتفاق للتجارة الحرة. والأهم هو معالجة معوقات التجارة مع إفريقيا بخلاف العوائق الجمركية لفتح تلك الأسواق التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من مليار مستهلك أمام الصادرات المصرية.

الجريدة الرسمية