رئيس التحرير
عصام كامل

الحب.. معجزة الرسول  (1)

لم يشهد تاريخ الإنسانية أن شخصًا نال من الحب، وحاز من الإعجاب ما لا يعد ولا يحصى، مثلما حدث مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. إنها معجزة من معجزات الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يجتمع المليارات من شتى بقاع الدنيا، ومن مختلف الأجناس والأعمار والثقافات والانتماءات على محبة إنسان مثلما اجتمعوا على حب سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.

ولو سألت أى مسلم؛ لماذا يحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لاحتار في البحث عن سبب واحد. بعد قليل من التفكير يمكننا البوح بعديد من الأسباب والأسرار في حياتنا أسفر عن حبنا وتعلقنا برسول الإنسانية، صلى الله عليه وآله وسلم.

قبل البعثة

قبل البعثة، أحبه الناس، على جهلهم، ودون أن يدركوا شيئًا عن مستقبله، ونبوته الخاتمة. وفي فجر الإسلام، أحبه المسلمون الأوائل، واحتملوا في سبيل إيمانهم به، وبرسالته، ما لا يُتصور من الأذى والعذاب، دون أن يتراجعوا عن موقفهم، وذلك من منطلق حبهم للرسول، صلى الله عليه وآله وسلم.

هناك أسرار خفية في حبنا للرسول، صلى الله عليه وسلم، فهو منبع رحمة لا حد لها.. حبه يرسخ في الأنفس البشرية رحمة هائلة، وتسامحًا لا ينتهي؛ من أجله نتحمل إساءات وتجاوزات من الآخرين، غرباء، وذوي قربى، ليس من المعتاد أن يتحملها الإنسان العادي.

قضية الحب

لخص نبي الهداية قضية الحب فقال صلى الله عليه وسلم "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ"، (رواه البخاري). في حب سيدنا النبي، صلى الله عليه وسلم، حلول لمعظم مشكلاتنا المعاصرة.. كالصبر على الابتلاءات، واحتمال الأزمات الاقتصادية والمادية التي نمر بها كثيرًا.

هل كان من المتصور أن جمادًا يحب بشرًا، ويبكي لفقده، مثلما فعل الجذع مع الحبيب، صلى الله عليه وسلم؟!وكذا البعير وما يورى عن الضب والغزالة. انظر إلى موقف الصحابي خُبيبٌ بن عدي، رضي الله عنه، وهو يُقدَّم ليُقتلَ ويُصلب، فيقول له قاتلوه مِن مشركي قريش: أيسُرُّك أنَّك في بيتك معافًى، وأن محمدًا مقامك، فيلقي إليهم بمفاجأته ومكنون مشاعره تجاه الحبيب: "لا والله، ما يسرني ذلك ولا أن يشاكَّ محمد، صلى الله عليه وسلم، بشوكة".

وقصة عجيبة، بطلها الصحابي زيد بن الدثنة، حيث ابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه، فبعثه مع مولى له يقال له نسطاس إلى التنعيم، وأخرجه من الحرم ليقتله، واجتمع رهطًا من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: "أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وإنك في أهلك؟"، قال: "والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي"، فقال أبو سفيان: "ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا......".

نور أطل على الحياة رحيما.. وبكفه فاض السلام عظيما 

لم تعرف الدنيا عظيما مثله .. صلوا عليه وسلموا تسليما

زيد بن حارثة

صدق أو لاتصدق أن شابًّا يافعًا، مثل زيد بن حارثة بن شرحبيل، يفضل جوار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على وجوده بين أبيه وأسرته وعائلته، ويرد على تساؤلاتهم قائلًا: "إني رأيْتُ من هذا الرجل شيئًا أنْساني كُلَّ إنْسان، ما أنا بالذي يُفارقُه أبدًا وما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا".. فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى ذلك الحب إلا أن خرج بزيدٍ إلى الحجر، وقال مُشهِدًا أهل مكة: "يا من حضر.. اشهدوا أن زيدًا ابني يرثني وأرثه".

ذلك الحب الذي جعل الصديق أبا بكر، رضي الله عنه، يقول: حين سقى الحبيب يوم الهجرة: "فشربَ رسولُ الله حتى رضيتُ".

الجريدة الرسمية