رئيس التحرير
عصام كامل

الزوجة المعاقة ومعاش الأب.. لغز قانوني ( 2 )

في العنوان وصفتُ الأزمة بأنها "لغز قانوني"، ولم أقل إنها مصيبة أو كارثة قانونية، فما فعلته اللائحة التنفيذية من مخالفة القانون رقم 10 لسنة 2018، يمثل مأساة، تدمر حيوات الآلاف من الأسر التي تعولها، أو تساعد في إعالتها زوجات معاقات. حتى أن الرئيس السيسي أبدى اهتمامًا غير عادي بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، ومشكلاتهم المزمنة، ونجح في تغيير الكثير من الثوابت السلبية، وبفضل توجيهاته واهتمامه هذا، صدر قانون المعاقين رقم 10 لسنة 2018، فاستبشر المعاقون خيرًا، وتفاءلوا بما هو قادم.

 

لكن صدور اللائحة التنفيذية التي ستسمح للقانون بأن يرى النور، تأخر كثيرًا، بغير مبرر. وعندما صدرت كان بها الكثير من الظلم لأصحاب الشأن. وأبرز ذلك؛ الحيلولة دون تطبيق المادة 25، والخاصة بحق المعاقة المتزوجة في الحصول على معاش والدها، فقد اعترضت وزارة المالية على ذلك، وسمحت فقط للرجل المعاق المتزوج بالحصول علي معاش والده، وحرمت المرأة المعاقة المتزوجة من نفس الحق، دونما سبب وجيه، رغم ان ذلك يخالف الدستور الذي يجعل الرجل والمرأة بمثابة كيان واحد أمام المشرع؛ له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات.

 

المعاقات المتزوجات يتساءلن في حسرة: "لماذا هذا التعنت الغريب مع المعاقة المتزوجة ؟! فهل معنى ان المعاقة تزوجت أنها قد حلت كل مشاكلها؟! بالطبع لا.. فقد زادت مسؤلياتها ومتطلباتها أيضًا، لأننا لم تتزوج أثرياء، بالعكس فإن فرصتنا في الزواج ضعيفة، فمن يقبل أن يتزوج من لها نفس حالتنا، ولكن ربنا أكرمنا وتزوجنا لا لشيء سوى أن نجد من يساعدنا بصفة يومية في حياتنا، ونحن في أمس الحاجة لذلك.

 

المعاقة إنسانة لها ظروفها الخاصة، وبالتالي لها متطلبات خاصة، وذلك يكلفها أموالا طائلة، على النقيض من الإنسانة السليمة؛ فهناك أجهزة مساعدة، ومصاريف انتقال إذا تحركت.. كل شيء تفعله في حياتها يجب أن تدفع مقابله.. خاصة في ظل الارتفاع الجنوني في كل شيء، وأي شيء".

 

تناقضات التضامن

الغريب أن نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، سبق لها أن أصدرت فى غضون يناير 2020، بصفتها القائم بأعمال رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى منشورا عاما رقم 15 لسنة 2020، والذى يتيح للأشخاص ذوى الإعاقة الجمع بين معاشين أو بين المعاش والأجر الكامل دون حد أقصى، وجاء فى المنشور أن هناك عددًا من الشروط يلزم توافرها لاستحقاق الجمع بين معاشين:

1- أن يكون المستحق مصرى الجنسية أو من الأجانب بشرط المعاملة بالمثل.

2- الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة للأشخاص ذوى الإعاقة التى تصدرها وزارة التضامن الاجتماعى بعد التحقق من تقرير الكشف الطبى المميكن الصادر والمعتمد من وزارة الصحة.

 

3- أن يتمتع المستحق بتوفر الشروط الخاصة باستحقاق المعاشات العامة والخاصة، مع مراعاة أنه عند بحث شروط استحقاق الأخ أو الابن للعجز لا يكتفى ببطاقة الخدمات المتكاملة لإثبات عجزه عن الكسب ويتعين إثبات العجز بشهادة من الهيئة العامة للتأمين الصحى وتطبق قواعد وأحكام قانون رقم 79 لعام 1975 على حالات الاستحقاق وقواعد وأحكام قانون رقم 148 لسنة 2019 على الحالات اللاحقة على ذلك.

 

ويراعى عند الجمع بين معاشين من المعاشات المستحقة لذوى الإعاقة من فئة الأزواج أن يكون الجمع بين المعاش المستحق عن نفسه وبين المعاش المستحق له عن الزوج دون حدود ووفق المحددات المعمول بها، وأشار المنشور إلى أنه يجوز للمستحق من الأشخاص ذوى الإعاقة الجمع بين المعاشات المستحقة له وبين دخله من العمل أو المهنة دون حدود ووفق الاشتراطات الموضحة بالمنشور الوزارى على أن تقوم الهيئة القومية للتأمينات بتنفيذ أحكام المنشور بكل دقة. أي أن الوزارة جادة في تطبيق المادة دون أن تفرق بين الزوجة والزوج.

 

تعديل قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة

ثم بشرتنا الصحف ووسائل الإعلام،  بأن وزارة التضامن الاجتماعى تدرس التقدم بمقترح إلى مجلس الوزراء من أجل تعديل قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، حيث يتضمن المقترح كفالة حق الزوجة ذات الإعاقة الجمع بين معاشين أو الجمع بين الراتب ومعاش الأب.

 

وقالت وسائل الإعلام: إن وزيرة التضامن الاجتماعي كانت تتلقى شكاوى كثيرة منذ إعلان اللائحة التنفيذية قانون المعاشات في ديسمبر 2019، تتعلق بحق الزوجة في المساواة مع الرجل ذي الإعاقة في جميع الحقوق التي كفلها القانون المذكور أعلاه. وقد تم تدشين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «حق الزوجة المعاقة» تنادي بتصحيح العوار القانوني الذي ميًّز الرجل عن المرأة رغم أنهما يتعرضان لنفس ظروف الإعاقة.

 

 

وحسب تصريحات القباج، فقد سارعت وزيرة التضامن الاجتماعي ببناء جسور تواصل مع السيدات ذوات الإعاقة لبحث المشكلة معهن، كما قامت بتشكيل لجنة داخلية لإعادة قراءة القانون بنظرة أكثر شمولية وبمنهجية عادلة تساوي بين جميع المواطنين ذوي الإعاقة في الحصول على حقوقهم التي شرعها لهم القانون، وأن وزارة التضامن الاجتماعي أعدت مقترحًا لتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 2018 لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وتشارك مسودة المقترح المُعد مع كل من الهيئة القومية للتأمينات ومع وزارة المالية وجميع الجهات ذات الصلة.

الجريدة الرسمية