رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عالم أكثر عدالة.. متى؟!

السؤال الذي يفرض نفسه على هامش الأزمة الأوكرانية.. ماذا فعل مجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الدوليين.. أم أنه جلس في مقاعد المتفرجين؟! ظني أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن كان محقًا في قوله إن الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة ومنها بالطبع مجلس الأمن لا تفعل شيئًا، وأنها أصدرت مئات القرارات التي تخص القضية الفلسطينية دون أن يُنفذ منها قرار واحد..

 

كما كشف أبومازن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن أمريكا التي تدعي أنها راعية حقوق الإنسان، القائمة على تنفيذ القانون الدولي هي أول من يخرق هذا القانون إذا تعلق الأمر بإسرائيل المحتلة قائلًا: لتزعل أمريكا فهي الداعمة والراعية لإسرائيل وتشجعها على كل فعل تفعله، ولولا هذا ما كانت إسرائيل لها وجود حتى اليوم وأنه لا وجود فعليًا لاتفاقية أوسلو على الأرض.


الغريب حقًا أن يطالب بايدن بتوسيع عضوية مجلس الأمن، وإن كان ذلك لم يتحقق؛ ذلك أنه ليس من مصلحة الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة في المجلس أن يحدث ذلك؛ وهي التي إعتادت أن تستخدم الفيتو لتحقيق مصالحها ولو على حساب أصحاب الحق والمستضعفين في الأرض.

نظام عالمي جديد


دوام الحال من المحال.. ينطبق ذلك على الأمم كما ينطبق على الأفراد.. وهناك بالفعل من يتوقع أن يخرج نظام عالمي جديد من رحم الأزمة الأوكرانية؛ وهذا قاله الفرنسي بيير بيارنيه المتخصص في شئون العالم الثالث والقضايا السياسية الدولية، حيث أوضح أن صعود الدول وهبوطها اقترن بقانون تاريخي ممتد قوامه أن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتستقر إلى حين، بيد أنها تبدأ بالانحلال رويدًا رويدًا ثم تنهار وتزول..

 

الشيء ذاته ينسحب اليوم بالضرورة على حال الولايات المتحدة الأمريكية ؛ فحركة التاريخ لا تسمح بالسيطرة عليه؛ وعلى هذا فإن القرن الحادي والعشرين لن يكون قرنًا أمريكيًا على حد زعمه.
ومن يتأمل أحداث التاريخ -والكلام ل"بيارنيه- يتبين له أن الهيمنة أمر زائل لا محالة، وأن القرن الحادي والعشرين سيكون متعدد القطبية، ومتعدد الثقافات، وأن بقاء الهيمنة الأمريكية من قبيل الأوهام التي يصدقها ضعاف الذاكرة، وأن تاريخ الإنسانية لا يعرف المزاح، ولا يخضع للمصادفات.
 

كما سلط الكاتب الفرنسي الضوء على القوة التي ستلعب دورها في النظام السياسي مستقبلًا، مثل الصين التي شرعت حاليًا في استعادة مجدها القديم، وروسيا التي تبقى رغم كل الصعاب القوة النووية الوحيدة القادرة على التهديد.. أما أوروبا فقد شقت طريقها من خلال الاتحاد الأوروبي ومساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد أن عرفت قدرتها في الوقت الذي يتجه فيه اليابان نحو طريق التحرر، فضلا عن الهند التي تستعد للانطلاق..انتهى كلام بيارنيه.. لكن التكهنات والتوقعات لم تنته بعد..

 

 

فهل يعد مثل ذلك التصور وما دار في فلكه من تحليلات علمية وموضوعية إيذانا بإنتهاء عالم القطب الواحد إلى عالم متعد الأقطاب، عالم أكثر عدالة وأقل سوءًا وأكثر تفاؤلًا بأن تستعيد فيه الإنسانية روحها الأصيلة في التعايش والسلام وقبول الآخر، وهي القيم التي طالما بشرت بها الحضارة الغربية لكن البشرية لم تجن منها إلا الحروب العالمية والأوبئة والصراعات والدمار..

Advertisements
الجريدة الرسمية