رئيس التحرير
عصام كامل

لا تفرحوا بغلق قناة الحافظ


نعم، هذا ليس معناه أبداً الموافقة على المحتوى، فهذه النوعية من القنوات معظم ما تقدمه، يخوض حرباً طائفية وعنصرية ضد المخالفين. بل والكثير من برامجها ومذيعيها يعطون ترخيصاً بقتل المعارضين لتيار الإسلام السياسى بتنويعاته. ليس هذا فقط ولكن معظم إنتاجها متخلف، بمعنى أنه يجر المجتمع إلى الوراء مئات السنين، ويشغلنا بالتوافه، أى وبجملة واحدة ينشرون مشروع دولة دينية فاشية متخلفة ستخرب مصر عشرات السنين.


كل وهذا والإغلاق مرفوض؟

نعم، لأن الإغلاق ضد الحريات، وإذا كنا اليوم نفرح بتقييد حرية خصومنا، فسوف يفرحون هم ويسعون لغلق القنوات الأخرى. وهذا للأسف ما يفعله كثير منهم. فنحن لا يجب أن نقيم دولة ضد هذا التيار أو ذاك، ولكن لابد أن نقيم دولة تكفل الحرية للجميع.

لكن لا توجد حرية مطلقة؟

طبعاً لا توجد حرية مطلقة، والحل ليس اختراعاً جديداً، فكثير من الدول الديمقراطية التى سبقتنا تضع غرامات باهظة، ولكنها لا تمنع مذيعاً من الظهور ولا تغلق قناة. والإنسانية وصلت إلى هذا الحل، لأنها لو لجأت إلى الإغلاق والمنع، فهذا معناه ليس فقط تقييد الأخطاء، ولكنها تقييد أيضاً للصواب. ومن ثم وجدت أن عليها أن تتحمل الأخطاء، وتعاقبها فقط بالغرامات، لأنها لو أغلقت فسوف تخسر الأصوات المعارضة وسوف تخسر الأفكار التى لم يعتد عليها المجتمع، رغم أنها لصالحه. أى أنهم سمحوا بحرية الخطأ حتى لا يخسروا حرية الصواب.
 
أضف إلى ذلك أن حيثيات الحكم بإغلاق قناة الحافظ، مع كامل الاحترام للقضاة والقضاء، فضفاضة يمكن أن يتم تطبيقها على أى قناة أياً كان اتجاهها. فإذا كانت الحافظ اليوم، فغداً سوف تكون قنوات أخري. وهذا ليس خطأ القضاة، ولكن القوانين التى يحكم من خلالها كارثية وضد الحريات. وكما هو واضح لم يسع التنظيم السرى للإخوان وحلفاؤهم لتغييرها، ولكنهم وظفوها لصالحهم.

ليس لدى أمل كبير فى أن احترام الحريات، وعدم غلق الصحف والقنوات سوف يفهمه التنظيم السرى للإخوان وحلفاؤهم. فهم الذين وضعوا فى دستورهم مواد تتيح ذلك، أى أنهم "دستروا" الاستبداد ومنحوه حصانة فوق القانون.

لكنى وأظن أن مثلى كثيرين، لا يحلمون ببناء دولة ضد هذا التيار أو ذاك، ولكن نحلم بالدولة العلمانية الحرة التى تكفل الحريات الفردية والعامة.

الجريدة الرسمية