رئيس التحرير
عصام كامل

وإنتصر البعبع على كل الحكومات!

إصلاح التعليم وفي القلب منه الثانوية العامة كان ولا يزال هو الشغل الشاغل لكل الحكومات المتعاقبة، لكن التوفيق لم يحالف أيًا منها.. وما أحسب أحدًا من وزراء التعليم السابقين امتلك فرصة ذهبية لإصلاح المنظومة التعليمية كلها كتلك التي واتت الوزير السابق الدكتور طارق شوقي؛ فقد عمل في ظل إرادة سياسية داعمة ومحفزة ومشجعة وراغبة في إصلاح التعليم حتى إن هذا الملف تحديدًا ومعه ملف الصحة كانا ولا يزالان في صدارة أولوياتها.ولست أبالغ إن قلت إنني تفاءلت كثيرًا بالوزير السابق الذي بشرنا فور توليه حقيبة التعليم بأن بعبع الثانوية العامة سلة الفشل وعقدة المصريين سوف يزول إلى غير رجعة.


الرجل كان  واضحًا حاسمًا ولا أقول مفرطًا في طموحه وأمانيه حين قال: إن هناك ثانوية عامة معدلة سوف تنهي الدروس الخصوصية إلى غير رجعة ولن يبقى لها أي جدوى مع نظامه الجديد ولن تنفع الطلاب أو تساعدهم لا في فهم المنهج ولا في حل امتحاناته، وأن الوزارة سوف تقوم بتوفير جميع مصادر التعلم الرقمي وتطوير المناهج وتدريب المعلمين واستعادة دور المدرسة بحسبانها مكانًا محببًا لقلوب طلابها تقدم لهم خدمة تعليمية راقية ذات معايير معتمدة.

مقومات النجاح

الوزير السابق الدكتور طارق شوقي ذهب في تصريحاته، وهي مسجلة بالمناسبة، إلى أبعد من ذلك، قائلًا: "نصيحتي للجميع ألا يستجيبوا للدروس الخصوصية؛ لأنهم ببساطة لن يحتاجوا لها، ولن يكون لها أي تأثير على الأداء في السنوات المقبلة".


كلمات الوزير أثلجت صدورنا وتنفسنا معها الصعداء وداعبتنا الأماني، وحمدنا الله كما حمده كل ولي أمر أنه سينفض عنا وعن كاهل الطلاب متاعب الثانوية العامة ومشاكلها وما سببته من تخلف وضيق، وظللنا نترقب هباءً شهرًا بعد شهر نتائج تطوير هائل لم تنقصه الإمكانيات ولا تأخرت الحكومة في مساندته بكل الطرق.. ورغم ظني أن الوزير كان صادقًا في رغبته لكن التجارب علمتنا أن الكلام شيء والتطبيق على أرض الواقع شيء آخر تمامًا.. وأن هناك مقومات نجاح لابد من توفرها أولًا كشرط لنجاح التطوير؛ كتدريب المعلمين وتأهيل جميع عناصر المنظومة التعليمية والنهوض بمستواهم وتأهيلهم لقبول وإنجاح التجربة بتفهم واقتناع لا يأتيه التعويق من بين يديه ولا من خلفه.

 


ذهب الوزير وبقيت الثانوية العامة تراوح مكانها كابوسًا يؤرق كل أسرة مصرية ويستنزفها ماليًا ونفسيًا، ناهيك عما سببته لدفعتين سابقتين عاشتا تجربة لا أحسبها كانت سعيدة ولا مبشرة. هكذا عجزت كل الحكومات المتعاقبة في إصلاح التعليم وفي القلب منهم بعبع الثانوية العامة.

الجريدة الرسمية