رئيس التحرير
عصام كامل

نحن لا نحب النقد!

الإنسان، أى إنسان عادى ناهيك لو كان مسئولا، لا يحب أن يتعرض للنقد من غيره، بينما يرحب دوما بالإطراء والإشادة به وبعمله وتصرفاته.. هذه سمة إنسانية طبيعية وعادية يمكن رصدها في كل مكان وكل حين، نحاول أن نغطيها بكلام حول التمييز ببن النقد الموضوعى والآخر غير الموضوعى، أو النقد البناء والآخر الهدام، والنقد المفيد والآخر غير المفيد.. لكن مع ذلك، إن عدم حب النقد بشريا كما إن البشر يختلفون فى التعامل مع النقد الموجه لهم ومن يقومون بنقدهم.. 

 

فهناك صنف من البشر يغلقون آذانهم وصدورهم أمام أى نقد يوجه لهم.. وهناك صنف آخر لا يكتفى بذلك وإنما يهاجم من ينتقده بشكل شخصى دون الاكتراث بما قاله أو الرد عليه.. وفي المقابل هناك من ينصت جيدا لمن ينتقده ويستفيد من النقد الموجه له في مراجعة كلامه وأعماله وتصحيح أخطاءه، وهذا هو الإنسان الذكى والشاطر، الذى يعى أنه لا أحد معصوم من الخطأ وتصحيح الأخطاء أفضل من تجاهلها، وأنه لا يوجد إجماع على شىء بشرى، وأن يكون هناك إتفاق كامل على قول أو عمل.

تصحيح الأخطاء 


والمسئول الفطن هو الذى يدرك ذلك ويعمل به.. أى حتى ولو كان لا يحب النقد مثل بقية البشر العاديين فإنه يستفيد من النقد الموجه له ليضمن أولا تصحيحا مستمرا للأخطاء، وليكسب أكبر قدر من الرضاء الجماهيرى الذى يحتاجه وهو يقوم بعمله ويمارس صلاحيات منصبه.

 
أما المسئول الأكثر فطنة فهو الذى يجعل الناس يشعرون أنه يفتح صدره وعقله لكل ما يوجه له من نقد، وأنه يستجيب  لهذا النقد ويستفيد منه، لآنه بذلك سوف يحظى بأكبر قدر ممكن من الرضا الجماهيرى يعينه على ممارسة مهام مسئولياته الثقيلة.

 


بينما المسئول الذى يتبرم من النقد ويطعن فيمن يوجه نقدا إليه فإنه لا يبدد فقط فرصه لمراجعة الأعمال وتصحيح الأخطاء، إنما الأهم يغامر بخسارة مساحة من الرضاء الجماهيرى الذى لا غنى عنه للمسئول في ممارسة صلاحياته، وتزيد أهميته أكثر كلما كبر موقع المسئول. حتى ولو  كنّا جميعا لا نحب النقد ويضايقنا أن يوجه إلينا من قبل الغير، فإن من مصلحتنا أن نستفيد منه، بغض النظر عن نوايا أصحاب هذا النقد.. وتزيد هذه المصلحة كلما تحملنا مسئولية، وكبرت هذه المسئولية.  

الجريدة الرسمية