العراق على صفيح ساخن.. استقالة نواب التيار الصدري ورقة ضغط أم تلويح باعادة الانتخابات
يعيش العراق اوضاع حالكة تصل إلى حد الانسداد السياسي وصلت مداها بعدما طالب زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر من نواب كتلته كتابة استقالتهم في إشارة واضحة للضغط على صناع القرار لتنفتح الأبواب أمام سيناريوهات النزاع داخل بغداد من جديد.
العراق
وأثارت دعوة زعيم التيار الصدري في العراق، تساؤلات بشأن الخطوة المقبلة والسيناريو الذي قد تشهده البلاد؛ خاصة في ظل الظروف العصيبة التي مرت بها العراق والتي أدت إلى تشكيل حكومة جديد غير أن العثرات ظلت تلاحق الساسة في الوقت الذي ينتظر فيه العراقيون انفراجة في الأحداث مع بدء تشكيل النظام الجديد.
ومع تعثر تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس للجمهورية، دعا الصدر يوم أمس الخميس، كتلته المؤلفة من 73 نائبًا إلى كتابة استقالاتهم "كي لا يكونوا عائقًا أمام تشكيل الحكومة"، معتبرًا أن "إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية لأن الأغلبية لنا لا لغيرنا"، وفقًا لقوله.
كما اعتبر الصدر في كلمة ألقاها بالنجف، أن الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق "مفتعل"، مؤكدًا أنه لن يشترك مع القوى التي تريد التبعية للبلاد.
وأكد الصدر أن أمامه خيارين؛ إما المعارضة، وإما الانسحاب "لأن العراق بحاجة إلى حكومة ذات أغلبية تخدم شعبها".
وسريعًا، اتجه نواب التيار الصدري، إلى الحنّانة، محل إقامة الصدر في النجف، وكتبوا استقالاتهم بشكل مباشر، وقدموها له.
مزيد من الضغط
وتباينت آراء المحللين والسياسيين بشأن تفسير تلك الخطوة، إذ اعتقد بعضهم أن البلاد تتجه نحو حل البرلمان وإعادة الانتخابات، بينما رأى آخرون أن التلويح باستقالة نواب التيار الصدري، قد يكون سيناريو الهدف منه الضغط على كتل "الإطار التنسيقي" لانتزاع المزيد من المكتسبات منها.
نواب التيار الصدري
ورأى عضو الإطار التنسيقي، وائل الركابي، أنه "من الصعب أن يقدم نواب التيار الصدري استقالاتهم، فالحكومة القادمة بحاجة فعلًا إليهم، ولن تكون الحكومة قوية إلا بإشراك أطراف من التيار الصدري فيها، كونهم كتلة فائزة في الانتخابات".
وأوضح الركابي، بحسب "إرم "، ”لدينا تجارب سابقة مع التيار الصدري في الانسحاب، ومن ثم العودة مرة أخرى، أو العدول عن الموقف الذي يعلن عنه، كما أن المرحلة الحالية لا تحتاج إلى تأزيم المواقف أكثر مما هي عليه الآن، ولو أفضى الأمر للحوار لربما استطعنا أن نصل إلى نتائج يتفق عليها الجميع“.
ويرى الركابي أن "دعوة الصدر حتى الآن غير ملزمة، فالصدر طرح خيارين، وفي حال لم يتم الاتفاق مع الكتل السياسية – ومع الإطار التنسيقي تحديدًا – على تشكيل الحكومة، سيتجه الصدر حينها إلى تقديم استقالات النواب والانسحاب من العملية السياسية".
وتابع عضو التنسيقي: "لكن ربما تكون هذه إشارة من الصدر للذهاب إلى المعارضة، وهذا هو الأقرب إلى خيارات الصدر، الذي أعلن منذ البداية أنه سيذهب إلى المعارضة في حال عدم قدرة التحالف الثلاثي على تشكيل الحكومة".
مخاوف من معارضة الصدر
وتتحاشى تلك القوى ذهاب الصدر إلى المعارضة، وتسعى لإشراكه في حكومة توافقية بسبب قلقها من تحريكه الشارع، كما حصل سابقًا، حيث اقتحم أنصار الصدر البرلمان العراقي عام 2016، ومباني حكومية أخرى داخل المنطقة الخضراء.
ولا يُعرف كيف يفكر الصدر، في أن يحول استقالة نواب كتلته إلى ورقة ضغط، أم أن تلك الخطوة ستمهد الطريق أمام قوى الإطار التنسيقي كي تتحرك بحرية وتعيد تشكيل التحالفات بما يتيح لها بناء الكتلة الأكبر والتوافق مع الأكراد على رئيس جمهورية، وكذلك تسمية رئيس الحكومة.
وفي حال توافقه مع قوى ”الإطار التنسيقي“ على تشكيل الحكومة، فإن ذلك سيمثل ضمانة لها أمام الرأي العام في حال إخفاقها، وعدم قدرتها على تحقيق تقدم في الواقع الخدمي للمواطنين.
إعادة الانتخابات
ويرى المحلل السياسي، كتاب الميزان، أن الأمور في البلاد ماضية نحو انتخابات مبكرة، بسبب الانسداد السياسي، ما يعني بقاء حكومة الكاظمي للمدة المقبلة.
وقال الميزان إن "الصدر لم يعد يملك خيارا آخر، فقد استخدم كل أوراقه الضاغطة تجاه الإطار التنسيقي و(الثلث المعطل)، فهذه الورقة هي الأخيرة، وبعدها سيكون تقديم الاستقالات تمهيدًا لحل البرلمان، فهذا هو الحل الوحيد أمام الصدر وأمام كل الكتل السياسية بعد استمرار الانسداد السياسي لنحو أشهر، وأتوقع أن الفترة المقبلة ستشهد توافقًا سياسيًا لإعادة الانتخابات المبكرة خاصة بعد أن أيد الجيل الجديد هذا الاتجاه".
وأضاف الميزان: "قانون الأمن الغذائي، أسميه قانون (التمويل الانتخابي) إذ لم تكن الحكومة لديها مبالغ لتسيير الأمور، وكانت فكرة الصدر منذ البداية بعد الانسداد السياسي هو حل البرلمان، لكنه كان يريد قانونًا لتمشية الأمور، وتوفير مخصصات مالية لمفوضية الانتخابات، حيث وضعوا 100 مليار دينار في هذا القانون، لتمويل إعادة الانتخابات".
الأمن الغذائي
وصوت البرلمان العراقي قبل يومين على قانون "الأمن الغذائي" بأكثر من 17 مليار دولار، وتضمن أبواب إنفاق متعددة، إذ جاء بدفع من تحالف "إنقاذ الوطن" الذي يتزعمه الصدر.
وبعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، لا تزال الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزةً عن الاتفاق على الحكومة المقبلة، ويدعي كل منها بأن لديه الغالبية في البرلمان الذي يضم 329 نائبًا.
لتظل العراق في مرحلة من العجز عن اتخاذ القرار وسط عواصف سياسية ينتظر الشارع العراقي حلها بفارغ الصبر والخروج من عنق الزجاجة والانطلاق باتجاه المستقبل وتضميد جراح الماضي.