رئيس التحرير
عصام كامل

امتيازات حكومية للأسر المستقرة تقابل مكتسبات الطلاق

"تمنح الحكومة كل زوجين 50 فدانا من أراضي الاستصلاح في صحراء مصر بنظام حق الانتفاع لمدة 30 سنة بسعر 100 جنيه للفدان مع رسم انتفاع سنوي قيمته 500 جنيه تعتبر جملته نهاية مدة الانتفاع قيمة تمليكية لهما، وفي حالة استيفاء الزوجين مدة حق الانتفاع 30 سنة دون طلاق تقوم الحكومة بتمليك الأرض لهما بالسوية على المشاع، ولو سقط مشروع زواجهما برغبة أي منهما خلال هذه المدة يحرم الطرف المتسبب في الطلاق من هذه المزية وتمنح الأرض كاملة لمن يبقي على الأسرة".

تخيل معي لو أن مشروع الحكومة لقانون جديد للأحوال الشخصية يشتمل على هذا البند الوارد في مقدمة المقال، وهي تفكر في مواجهة كارثة انهيار مشروع الزواج مبكرا في مصر لدى الملايين الذين تخار وتستنزف قواهم في مشكلات باتت مؤسسات رسمية للأسف طرفا فيها مؤخرا.

حافز لاستقرار الأسرة

 

تخيل لو أن حكومتنا وضعت حوافز مادية للمستمرين في مشروع الزواج، تقابل المكتسبات التي تريدها مجالس ومنظمات نسوية للمطلقات في قانون جديد ينتصر لهجمة نسوية على الاستقرار العائلي الذي كان يميز المجتمع المصري والعربي والإسلامي عن نظيره الغربي، وتحقق بمثل هذه الحوافز أكثر منه هدف.

 

فيكون أمام المفكرين في مشروع الزواج طموح الصعود الاجتماعي والتفوق الاقتصادي عبر تملك أرض يسددون ثمنها بتسهيلات منطقية، وسعر أكبر مما دفعه أصحاب الحظ في زمن مبارك لتملك مئات الآلاف من الأفدنة بأراضي طريقي الإسكندرية والإسماعيلية الصحراويين واللذين تنتشر على جانبيهما خرسانات المنتجعات السياحية والفيلات وملاعب الجولف.

 

وتحقق الحكومة أهدافا تنموية واقعية، فتقضي على بطالة حقيقية أو مقنعة، وعلى الأسباب الاقتصادية لوقوع الطلاق خاصة لدى الطبقات الفقيرة، وتعمر الصحراء بسواعد هؤلاء الخارجين من الوادى الضيق إلى آفاق تتسع لآمالهم وذريتهم في حياة مستقرة، وتوفر عبر مشروعات جديدة بأيدي هؤلاء فرص عمل للملايين.

 

حقيقة؛ ستبريء الحكومة نفسها أمام الشعب من تلسينات قد تطالها حول استفادتها من عوائد التقاضي المتزايدة في المحاكم، بل ستعيد مئات الآلاف من الشباب والشابات لتدمجهم في مشروع وطني يشعرون معه بأنهم ملاك حقيقيون له، ولتكن هذه الفكرة مضافة إلى مثيلاتها التي نوقشت خلال فبراير من العام الماضي مع رئيس الوزراء حول مقترح تأسيس صندوق حكومي لتأمين وتنمية الأسرة المصرية في إطار برنامج يستهدف تحقيق خطة الدولة الاجتماعية والاقتصادية.

 

نماذج عربية واسلامية

 

في العام الماضي ناقش مجلس الوزراء الإماراتي توصيات برلمانية حول سياسة وزارة تنمية المجتمع في شأن بناء الأسرة، وأهمها تسهيل الحصول على المساكن الحكومية للمقبلين على الزواج ومتعددي الزوجات، وتخفيض نسب الاستقطاع لتمويل الإسكان الحكومي ومضاعفة علاوة الأبناء لتشجيع المواطنين على الإنجاب وصرف علاوة المواليد الجدد للمتقاعدين، وتقديم الدعم المادي للأم ربة المنزل لأداء دورها الأسري. كما وافقت الحكومة على ﺍﻋﺗﻣﺎﺩ ﻭﺯﺍﺭﺓ تنمية المجتمع كمظلة أساسية لتوحيد ﺍلسياسات المعنية ﺑﺎﻷﺳﺭﺓ، وﺇﻋﺩﺍﺩ ﺳﻳﺎﺳﺔ اجتماعية موحدة، لتقدم نموذجا عربيا في حماية الأسرة وأفرادها دون تمييز.

 

وفي الكويت؛ رصدت دراسة لعميد كلية العلوم الاجتماعية عام 2018 أسبابا متباينة لعزوف 31 % من الشباب إراديا عن الزواج مقابل 19 % من الإناث، وتلخصت لدى الذكور في عدم تحقيق طموحهم، ولدى الإناث في عدم تقدم فارس الأحلام المنشود. وهما سببان يقتربان بشدة من واقع المجتمع المصري ومجتمعات عربية أخرى تطور فيها التعليم ونالت الفتيات حظا من فرص العمل. ناهيك عن أن الشعور بالفردية وتنامي الأنانية والالتصاق بالسوشيال ميديا بذور للشك داخل الأسر حسب الدراسة التي أجراها الدكتور حمود القشعان. وسط مطالب متزايدة بضرورة وجود دعم مادي حكومي أقوى لمشروع الزواج تتبعه إجراءات جادة في هذا الاتجاه.

 

وفي ماليزيا، كنموذج إسلامي، عدلت الدولة عددا من القوانين للحفاظ على الأسرة والحد من قضايا والطلاق، منها إصدار قانون يمنع قبول دعوى الطلاق لمن لم يمض على زواجه عامان، وإصدار قانون ينص على أنه في حالة رغبة الزوج بالطلاق لابد من تقديم طلب قضائي يوضح فيه الأسباب. وتقدم المحكمة تقريرا عن الترتيبات المالية في حالة حدوث الطلاق من خلال تقسيم الموجودات التي حصلا عليها بجهد مشترك أثناء الزواج. أنظر إلى موقع ماليزيا الآن بين القوى الاقتصادية العالمية.

 

 

أعتقد أننا مللنا الحديث عن مكتسبات الأطراف المجتمعية المتصارعة على حطام البيوت الخربة، كما مللنا ذكر الأسباب الحقيقية وراء تزايد الطلاق وأولها السبب الاقتصادي تليه تشريعات الحضانة الأبدية للصغار والتطليق مخالعة بنصوص وإجراءات قانونية غير منطقية، ويتزايد السأم والتشاؤم بظهور متكرر لنسويات يتحدثن عن مراحل ما بعد خراب البيوت وامتيازاتها ومكتسباتها، دون أن نقدم مقترحا وحيدا على المستوى الاقتصادي للحكومة، ربما لو كان حاضرا أو غيره لكان له دوره في إعادة الاتزان لمشروع له وجهيه الاجتماعي والاقتصادي إسمه الزواج، ولتضرب به الدولة ومؤسساتها 10 عصافير بحجر واحد إذا ما فتحت باب الاجتهاد في هذا الاتجاه لتقديم مقترحات إيجابية تدعم استعادة العائلة المصرية تماسكها وترابطها.

الجريدة الرسمية