زوجيني نفسك.. في النادي القضائي (1)
إلى أي مدى يذهب خيالك وأنت تتصور ما قد يتردى فيه عضو هيئة قضائية عريقة من سلوكيات مرفوضة؟ لعلك عزيزي القاريء لن تبلغ من الخيال ما وصلت اليه قصتنا، والتي نؤكد من خلالها على أهمية الإنضباط في كافة قطاعات الدولة، وضرورة إحكام الرقابة، كما نؤكد على معنى هام، سبق أن اشرنا اليه، وهو أن القضاء المصري بمفهومه الشامل يبادر بتطهير نفسه بنفسه، لتبقى الثقة المعهودة في قلب المواطن، ولا يساوره شك في مظلة العدالة التي يستظل بها المصريون.
وأتضحت ملامح قصتنا بعد أن أودع المستشار (.....) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن ضد وزير العدل ورئيس الهيئة القضائية ومدير التفتيش الفني طالبًا الحكم بإلغاء حكم مجلس تأديب أعضاء هيئة.....، فيما تضمنه من مجازاته بعقوبة اللوم، لصدوره بالمخالفة للقانون لكونه إستمد أسبابه من غير علاقة الموظف بعمله وواجبات وظيفته، وأن ما نسب إليه يتمثل في وضع نفسه موضع الشك والريبة.
وأن ما حدث مع زوجته داخل أروقة النادى القضائي يوم الجمعة 14 سبتمبر لا شبهة فيه، حيث قدم لجهات التحقيق وثيقة زواجه الرسمي المحررة بتاريخ 24 سبتمبر، وأثبت بها زواجه عرفيًا بتلك السيدة في 15 أغسطس، أي قبل تاريخ الواقعة المنسوبة إليه مما ينفي عنه الاتهام الموجه من قبل إدارة التفتيش الفني بالهيئة، كما أنه لم يقم بآية أعمال غير لائقة أو محرمة، وأن إدارة النادي ليس لديها علم بزوجته الثانية، ونظرًا لسبق تردده على النادي مع زوجته الأولى والمعروفة لديهم، فقد تسلل الشك والريبة لدى العاملين به، وهو ما أعتبرته جهة عمله بمثابة خروج على مقتضى الواجب الوظيفي.
عقوبة اللوم
قالت المحكمة العليا إن الطاعن يطلب الحكم وفقًا للتكييف القانونى الصحيح لطلباته، بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع أولًا: بإلغاء حكم مجلس تأديب أعضاء الهيئة القضائية بمعاقبته بعقوبة اللوم، وثانيًا: بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 118 لسنة 2021 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى وظيفة (……) وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأكدت أن عناصر المنازعة تخلص في أنه قد نسب إلى المستشار قيامه مساء يوم الجمعة 14 سبتمبر بإصطحاب سيدتين وطفلة معه داخل أروقة نادي إحدى الهيئات القضائية بالقاهرة وداعب أحدهما بتصرفات غير لائقة داخل مقر النادي، ثم إصطحب تلك السيدة خلسة إلى الحجرة المحجوزة بإسمه منفردًا داخل فندق الضيافة فى تمام الساعة 2:24:14 صباح يوم السبت 15 سبتمبر حتى الساعة 3:59:54 صباحًا بوصفها زوجته الثانية المحرر بشأن زواجهما الوثيقة رقم…. بدفتر المأذونية رقم…..
رغم عدم إتخاذه الإجراءات المقررة والمعلومة لديه في شأن مرافقة الزوجة لزوجها بالفندق، ورغم علمه يقينًا بأنها غير معلومة كزوجة له وللعاملين بالنادي لسبق تردده على النادي وزوجته الأولى المعروفة لديهم، واضعًا نفسه موضع الشك والريبة والشبهات ومسيئًا إلى كرامة الوظيفة القضائية التى يتقلدها.
وصدر قرار وزير العدل بندب المستشار......، نائب رئيس الهيئة القضائية بإدارة التفتيش للتحقيق فيما نسب من وقائع للمستشار، وذلك بناءً على كتاب رئيس الهيئة، وقد أجري التحقيق، وأنتهى المحقق إلى إحالته لمجلس التأديب المختص لما ثبت فى حقه، وصدر قرار وزير العدل بناءً على كتاب رئيس الهيئة متضمنًا إقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعن (المستشار) لما ثبت فى حقه لمحاكمته تأديبيًا أمام مجلس التأديب المختص.
موضع الشبهات
وأصدر مجلس التأديب، الحكم بمعاقبة الطاعن بالإجماع بعقوبة اللوم، تأسيسًا على أنه سلك مسلكًا لا يتفق والإحترام الواجب للوظيفة القضائية ووضع نفسه موضع الشبهات والريبة لقيامه باصطحاب تلك السيدة إلى المكان المخصص لإقامة من يطلب ذلك من أعضاء الهيئة نظير مقابل معلوم، وذلك دون أن يتخذ الإجراء اللازم لإقامتها بصحبته وأنفرد بها في حجرة مستقلة وخلا بها فى مكان مخصص للنوم بعد أن حجز هذه الحجرة لإقامته بها بمفرده.
ومع التسليم بأنها زوجته بعقد عرفي صادق عليه مأذون شرعي، فإن ذلك يضعه فى موضع الشبهات سيما وأن العاملين والمترددين على النادى من أعضاء الهيئة القضائية في ذلك الوقت ليس لهم طبقًا للمجرى العادى للأمور سوى أن يحكموا على مسلكه بالظاهر الذى تردى فيه وأكده بعدم اتخاذ الإجراء اللازم والمتبع لإثبات إقامة زوجة بصحبته، فضلًا عما ثبت من أن ذلك تم فى الجزء الأخير من الليل وما سبق ذلك من مداعبته لها أمام عمال النادي، ومن يحتمل تردده عليه وهو مكان عام على نحو آثار إستياء وأستهجان وتعليق كل من شاهده، الأمر الذى يتنافى مع جلال وهيبة الوظيفة القضائية مما يستوجب مجازاته تأديبيًا بعقوبة اللوم.. وللحديث بقية
